التعليم التعاوني.. برنامج رائد يوفر للطلاب خبرة عملية خلال الدراسة

سعيًا من جامعة بيرزيت لتوفير فرصة لتنمية القدرات الشخصية والمهنية للطلبة، من خلال تطوير خبراتهم العملية، وتعزيز مهارات البحث عن عمل؛ أوجدت الجامعة، بالشراكة مع أطراف أخرى، برنامج التعليم التعاوني، لمساعدة الطلبة المؤهلين أكاديميًّا لاكتساب خبرات عملية خلال فترة الدراسة، ما يجعل خريجيها يتمتعون بمهارات ذات جودة عالية لتلبية متطلبات سوق العمل الحقيقية. ويهدف التعليم التعاوني، وهو برنامج تعليمي، إلى الدمج بين العمل والدراسة، بحيث يستكمل الطلبة دراستهم في الجامعة، إلى جانب العمل في وظائف محددة ذات صلة أكاديمية ولفترات محددة، وهو أمر من شأنه تحسين الخبرة الأكاديمية من جهة، والتطور المهني من جهة أخرى.

حاليًّا، تقتصر المشاركة في هذا البرنامج على طلبة كلية الهندسة وتكنولوجيا المعلومات وكلية الأعمال والاقتصاد، ويشمل التعليم التعاوني كافة الدوائر في هاتين الكليتين.

 

ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب

وقد أشار مسح انتقال الشباب من الدراسة إلى العمل، الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بالتعاون وبالشراكة مع منظمة العمل الدولية (ILO)، عام 2013، إلى أن نسبة البطالة بين الشباب في فلسطين بلغت 37.0%، وهي أعلى من النسبة في الأردن وتونس، وإلى أن أكثر من نصف الشابات في فلسطين عاطلات عن العمل، ونسبة البطالة بين الإناث تقارب ضعفي ما هي عليه للشباب الذكور (54.8% و32.4% على التوالي). كما أشار المسح إلى أن نسبة مشاركة الشباب في القوى العاملة منخفضة جدا بواقع 38.5%، وهي تعكس وجود فجوة واسعة بين الجنسين (61.8% بالنسبة للشبان، الذكور مقابل 15.6% للنساء الشابات).

وتعقيبًا على هذه الأرقام، يقول مدير برنامج التعليم التعاوني في جامعة بيرزيت أ. عمر عمران: "إن هذه الأرقام تحديدًا تعكس الحاجة لمثل هذا البرنامج، الذي يوفر فرص عمل للطلبة، سواء الذكور أو الإناث، وفي المرحلة الثانية، يفتح لهم فرص الانتقال السريع من التعليم إلى سوق العمل". ويضيف عمران أن هذا البرنامج يشرك القطاع الخاص لأهميته في استيعاب أعداد كبيرة من الطلبة الخريجين، ويخلق تعاونًا بين الجامعات وسوق العمل، بحيث تكون هذه الحلقة تعاونية وتقلل من تحكم السوق بخريجي الجامعات.   

 

ثلاثة فصول من العمل ومساق استدراكي للبرنامج

ووفق هذا البرنامج، فسيعمل الطلبة المشاركون فيه بالتناوب خلال ثلاثة فصول في مناصب أو أشغال ذات صلة بتخصصهم الأكاديمي، ما سيكسبهم خبرة عمل لا تقل عن سنة عند نفس صاحب العمل، إضافة إلى حصولهم على رواتب منافسة لتلك في سوق العمل خلال فترة عملهم، علمًا بأن الجامعة تحضر الطلبة من خلال إشراكهم في مساق استدراكي للبرنامج الذي يشمل دورات تدريبية بما معدله (30) ساعة تدريبية في المهارات الحياتية كالاتصال والتواصل، والتحضير لمقابلة العمل، وإعداد السيرة الذاتية وغيرها من المهارات الأخرى. وفي نهاية كل البرنامج، سيحصل الطلبة المشاركون على شهادة متخصصة في التعليم التعاوني بعدد ساعات محتسبة تُراعى فيها خصوصية الكليات المختلفة.

 

صقل الخبرات ومردود مادي

تقول منسقة المشروع ميرا عواشرة، إن فوائد البرنامج التعاوني لا تنحصر فقط في فرصة استكشاف المسارات الوظيفية المختلفة من أجل اختيار الوظيفة المناسبة، وإنما أيضًا في القدرة على التعرف على أساسيات الحياة الوظيفية، ككتابة الرسالة وإجراء المقابلات، وتحضير السير الذاتية، والإلمام بالقوانين، والتعرف على حاجات السوق بشكل عام. وأضافت: "سيكتسب الطلبة المشاركون خبرة عملية تتصل مباشرة بدراستهم الأكاديمية، بحيث ستتحول العلوم النظرية إلى معرفة وتطبيق عملي، إلى جانب حصولهم على دخل مادي جيد خلال فترة تدريبهم. وسيتمكن الطلبة من بناء شبكة قوية من العلاقات مع المهنيين في مجال التخصص، ومن ثم تعزيز فرصة دخولهم سوق العمل بعد التخرج". وإضافة إلى تلك المكاسب المادية والعملية، فإن هذه التجربة ستعزز روح الثقة بالنفس عند الطلبة وسيدركون القيمة المهنية لما يدرسونه في الجامعة.

 

وللشركاء مكاسب أيضًا

ولا تعود فوائد البرنامج التعاوني، على الجامعة وطلبتها فقط، وإنما تشمل الشركات والمؤسسات الشريكة في البرنامج، وعلى رأسها الترويج لاسم الشركة المشاركة بمجرد إسهامها في فتح آفاق للطلبة، وارتباط الشركة بمؤسسة أكاديمية مرموقة مثل جامعة بيرزيت. كما أن هذا البرنامج سيوفر على الشركة الأجور المرتفعة، حيث يتقاضى الطلبة غالبًا راتبًا أقل نوعًا ما من ذوي الخبرات والموظفين المتفرغين، إضافة إلى أن ذلك سيرفد الشركات لاحقًا بخريجين مؤهلين وملائمين لاحتياجات الشركة. ولأن الطلبة سيجمعون بين الدراسة والعمل، فإنهم أيضًا سيكونون مصدرًا للمعلومات والمعرفة المتجددة بحكم ارتباطهم بالدراسة، وهو ما سينعكس على إضافاتهم البناءة في الشركات، إلى جانب أن الأخيرة ستستفيد من مصادر الجامعة بحكم الشراكة بينهم.

وتضم قائمة الشركاء الحاليين: روابي، والوطنية موبايل، وإجزولت تكنولوجيز، وأينوتيك للبرمجيات والتكنولوجيا، وشركة مسار العالمية، بما في ذلك كل من روابي وعسل للتكنولوجيا وسراج، ونقابة المهندسين- مركز القدس، ومجموعة الاتصالات الفلسطينية، وشركة اتحاد المقاولين العالمية.

 

إباء وداوود: التجربة العملية أثرت المعرفة النظرية

الطالبة إباء باسم بسومي في هندسة أنظمة معلومات، التي تشارك في برنامج التعليم التعاوني، تقول إن فكرة الانخراط في عالم سوق العمل لطالبة لا تزال تدرس في الجامعة، فكرة سباقة ونوعية، حيث تطور فكرها العملي وفتحت أمامها آفاقًا أوسع في التعليم، إضافة إلى اكتسابها مهارات جديدة لا تمنحها الكتب الجامعية. وأضافت: "المتابعة المستمرة من قبل مشرفي البرنامج منحتنا ثقة كبيرة للمضي قدمًا، وأوجبت علينا أن نكون على قدر المسؤولية". 

أما الطالب داوود الساحلي، فقال إن "البرنامج يبني الجانب العملي في حياة الطالب، وهي مغيبة عن عدد كبير من الطلبة، ما يساعد الطالب على التعرف على بيئة العمل والسوق، إلى جانب تنمية مهارات مختلفة، والالتزام بالوقت واحترام المواعيد وتحمل المسؤولية، وكأن الطالب بالفعل موظف رسمي عليه مسؤوليات وواجبات وله حقوق". ويضيف الساحلي أن البرنامج ساعده في بناء شبكة علاقات كبيرة ستكون لها فائدة مستقبلية بعد التخرج، خاصة أن طلبة البرنامج سيتميزون بمعرفتهم العملية والخبرة المسبقة وصقل للشخصيات.