الحوار سيد الموقف في النهاية لحل أزمة جامعة بيرزيت

 

ما بين شدٍ وجذب يبقى الحوار سيد الموقف والأساس الراسخ لحل كل الأزمات والإشكاليات في صرح وطني شامخ كجامعه بيرزيت التي تقود الوطن بكفاءاتها في شتى المجالات، وستبقى تزخر بالمواقف الايجابية والتواصل المتعاون والمستمر بين مكوناتها الثلاث (ادارة الجامعة ونقابة العاملين والطلبة)، تلك المواقف التي تستند إلى قناعات مشتركة راسخة وتاريخية، وإلى شراكه حقيقية في بناء الحاضر والمستقبل، محافظين على إرث الماضي العريق الذي سيبقي البوصله والهادي لنا جميعًا، وعلينا أن نقف له وقفة إجلال وعرفان، وأن نسعى إلى تعزيزه بمختلف الوسائل الممكنة.

وغير خافٍ على كل من يشاركني قراءة مسيرة الجامعة التاريخية أن الجوانب الإيجابية بين مكونات الجامعة أكثر من أن تحصى أو تُعد، فعلى امتداد عقود خلت، حدثت منازعات استهلكت طاقة الجامعة لتجاوز كثير من الخلافات وبعض الإشكاليات العالقة، مما أثر سلبًا على سير العملية الأكاديمية في الجامعة وتحقيق الأهداف المنشودة... وبرغم ذلك يسجل التاريخ بحروف من نور تلك المواقف التي فاءت فيها أطراف الخلاف إلى مرافىء العقل والحكمة، فأدخرت الطاقات البشرية والمادية والعلمية في تنمية الجامعة وتغذية قناعات مكوناتها بقيم التعايش والاحترام المتبادل.

قد يكون الخلاف بين الطلبة وإدارة الجامعة على مسائل يَعدها كل طرف كبيرة وتتربع قمة الهرم لديه، ولا سيما ما يتعلق بممارسة نشاطات تراها إدارة الجامعة لا تتطابق مع حالتها المدنية، أو ما يتعلق بالمقابل بمطالبات نقابية للجسم الطلابي لا تستطيع الجامعة تنفيذ بعضها، وخاصة في ظل وضعها المالي الراهن.

 ولكن ليس ثمة شك في أنَّ الطلبة وإدارة الجامعة يمكنهم حل هذه الخلافات بمزيد من التسامح والتعاون، ولا يوجد مكان أفضل من حرم الجامعة للقاء جميع مكوناتها للتباحث وتبادل الأفكار لتطويق أية أزمة وإزالة مسببباتها مهما كبر حجمها.

 إن ترك أبواب الجامعة مفتوحة يُساعد على استمرار التواصل المباشر بين جميع مكوناتها داخل أسوارها، بما يوفر فرصًا مهمة لحل الخلافات في الوقت المناسب دون إطالة لأمدها كما يحدث في هذه الأزمة وما سبقها، فضلاً عن أنه يجعل العاملين في الجامعة قريبين من الطلبة وإدارة الجامعة على نحوٍ يُمكنهم من التواصل مع كلا الطرفين بشكل فعّال يُعزز من نهج الجامعة ودورها التاريخي في معالجة القضايا الطلابية والنقابية بالحوار المباشر وتغليب صوت الحكمة كونها الاطار الجامع والأحرص على مصلحة الطلبة والمسيرة التعليمية.

ولا يخفى دور طلبة جامعة بيرزيت الفاعل في العمل النقابي والدفاع عن حقوق زملائهم الطلبة داخل الجامعة، وقدرتهم المميزة على التواصل والحوار المباشر كوسيلة لتحقيق مطالب الطلبة، وقد نجحت الحركة الطلابية في ذلك كثيرًا، وكلنا أمل في استمرار هذا الأسلوب من التواصل لتجاوز أية خلافات بمزيد من الحكمة والتوازن بين ما يمكن تحقيقه للطلبة من قبل إدارة الجامعة، وتفهم ما لا يمكن تحقيقه على ضوء موارد الجامعة وإمكانياتها المتاحة، وأن يقوم الطلبة ومجلسهم بالعمل بروح الشراكه مع إداره الجامعه بتوفير موارد إضافيه لتحقيق المزيد من المطالب، وتوفير التعليم الميسور والبيئة التعليمية المشجعة والحاضنة للتميّز والإبداع.

إن مجتمع بيرزيت بكافة مكوناته أمام اختبارٍ حقيقي، فإمّا أن يُسخّر كل طاقاته لتحمل المسؤولية والعمل من الداخل على وضع آليات وإجراءات وضوابط محددة متفقٌ عليها لتكون المرجعية في حل أي خلاف أو نزاع مستقبلي مع أي مكون من مكونات الجامعة على نحو مستدام ونهائي، يرفض كافة أشكال التسويات والترضيات المؤقتة، وإما أن يقف متفرجًا على تراجع صرح أكاديمي وطني مميز، وبالتأكيد لا مجال أمام مكونات الجامعة سوى تفعيل الخيار الأول، وبذل كل جهد ممكن للمحافظة على الحالة المدنية للجامعة وحُسن سير العملية الأكاديمية فيها، ونشر ثقافه الحوار بين جموع الطلبة، لأن الهم واحد والمصير مشترك والنجاح هو ما نصبوا إليه جميعًا.

 وما نتمناه أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي تُغلق فيها أبواب الجامعة، وأن يكون هناك قنوات تواصل مباشر لمناقشه أية مستجدات قبل تفاقمها عبر مكونات الجامعه وأركانها المختلفة، وأن يكون الحرص مشترك على رقي الجامعه وتطورها فهذا هدفنا جميعًا ولا شك في ذلك، وفي الوقت ذاته وضع خطة لتفعيل التواصل داخليًا مع وزارة التعليم العالي والحكومة والفاعلين في الكل الوطني الفلسطيني والقطاع الخاص، وخارجيًا مع الدول والمؤسسات والهيئات وأصدقاء جامعة بيرزيت، وذلك لحثهم على الوقوف إلى جانب الجامعة لدعم رسالتها التعليمية وتطويرها، ولا سيما في ظِلِّ تَـزايُـــد أعباء الجامعة الذي يُعدُّ التحدِّي الأصعب أمام استمرارها في تقديم تعليم مميّز، والوفاء بمتطلبات حالات طلابية إنسانية تتطلع لنيل حقها الطبيعي في التعليم.

 

 

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.