حول خطوة مجلس الجامعة بشأن العلامات وإقرارها

 

في 15 آذار الحالي، قام مجلس الجامعة والشؤون الأكاديمية عن طريق عمداء الكليات بإقرار بعض العلامات وإعلانها للطلبة دون علمي كرئيس دائرة في حينه ودون موافقتي أو موافقة مجلس الدوائر. حتى اللغة المستخدمة لوصف تلك الخطوة من قبل المجلس ملفتة للانتباه: "نقل صلاحيات"، "توسيع الصلاحيات" – هذا طبعاً بعد أن اضطر المجلس الى التعليق على الأمر. بالمقابل، قدّم بعض رؤساء الدوائر، وأنا أحدهم، وصوفات أخرى: "قرصنة"، "مصادرة"، "اختراق"، الخ. طبعاً سياق الأحداث هام وتعبر اللغة الى حد كبير عن التجاذب الحادث في الجامعة، وربما بحاجة الى مقالة خاصة لأهميتها، لكني أركز في هذه المعالجة السريعة على بعض الآثار التي تركها وسيتركها هذا القرار على العملية الأكاديمية والإدارية، وحجتي هنا أن لهذه الخطوة أثار موجعة ستعاني منها الجامعة لفترة ليست بالقليلة خاصة في "سمعتها الأكاديمية" وتماسكها الإداري الداخلي.

 

نزاهة التقييم ومساءلته

لست من هواة التصنيفات العددية والتقييم العامودي لكن حتى يحين الوقت الذي نقوم بالتقييم دون علامات، هناك نظام وتعليمات للجامعة بهذا الشأن. وقد أضافت بيرزيت بعض من قيمها الى عملية التقييم هذه من خلال نقاش العلامات وإقرارها في مجالس الدوائر. طبعاً لدينا جميعاً ملاحظات حول عملية الإقرار تلك (روتينيتها مثلاً)، لكنها تلعب دوراً ما في تماسك تلك الدوائر – هذا من وجهة نظري. ما أريد قوله هنا أن لنا كأساتذة حرية عالية في عمليات تقييمنا للمساقات التي نقوم بتدريسها، وفي نفس الوقت توجد شفافية ومساءلة نوعاً ما لتلك الحرية. تضرب خطوة مجلس الجامعة تلك الشفافية والمساءلة، وبالتالي تضعف من عملية التماسك للدوائر الأكاديمية.

 

تعليمات الجامعة وقوانينها

إن قيام مجلس الجامعة بإدارة ظهره وليّ تلك التعليمات وقوانين الجامعة هو أمر مقلق، وهو من سمات "ديكتاتورية المِهَنية" إن جاز التعبير. إذ يبدو أن ما قام به مجلس الجامعة من اصدار "تعليمات مؤقتة لضمان حسن سير العمل"، مثلاً، هو أمر يشبه قوانين حالات الطوارئ وذو ضرر لا يقل عن ضرر التعطيل المتزايد للدوام في السنوات الأخيرة. أقصد أن خطوة مجلس الجامعة تلك تقع في نفس مساحة "استسهال" تعطيل عمل الجامعة – الوصف الذي يستخدمه مجلس الجامعة نفسه في وصف إجراءات النقابة ومجلس الطلبة.

 

علاقة الأساتذة ورؤساء الدوائر ومجالس الدوائر وعمادة الكليات ومكتب الشؤون الأكاديمية

هذه علاقة هامة ومركبة متشابكة ومدهشة. وربما أجازف إن وصفتها بأنها من المكونات الأساسية لعمل الجامعة الأكاديمي والإداري. مركبة ومتشابكة لأن تحتوي على علاقات متعددة مثل علاقة الأساتذة مع مجالس الدوائر، ومع رؤساء الدوائر، وعلاقة الأساتذة ومجالس الدوائر ومكتب الشؤون الأكاديمية، وعلاقة رؤساء الدوائر بالعمادة ومكتب الشؤون الأكاديمية، الخ. ومدهشة لأنها تجمع هذه العلاقات في تناغم وتنافر لافت للانتباه، ولعل الثقة هي أحد أدوات ذلك الجمع. إن نظرة متفحصة تظهر كيف مسّت خطوة مجلس الجامعة تلك ذلك المكوّن في الصميم خاصة على صعيد الثقة. مثلا، لا أستطيع كرئيس دائرة "حماية" أية معلومات لدي من عميد الكلية أو مكتب الشؤون الأكاديمية. لا أدري أي أثر سيتركه هذا على المدى البعيد على مشاركة أي أستاذ لرئاسة الدائرة في معلومات ذات طابع أكاديمي، لكني أستطيع تخيل الأمر.

 

الطلبة ونظرتهم للعلامات وعملية إقرارها

إن أضفنا الطلبة الى الأساتذة ورؤساء الدوائر ومجالس الدوائر والعمادة، ومكتب الشؤون الأكاديمية، تتوسع الدائرة كثيراً وقد توضح أثر خطوة مجلس الجامعة تلك. أظهرت تلك الخطوة للطلبة أن العمداء ومكاتب التسجيل يمكنهم تجاوز مجالس الدوائر ورؤساءها والأساتذة أيضاً. لا أكشف سراً كبيراً إن أشرت الى أي مدى يمكن أن تزيد الضغوطات (ليس الواسطات فحسب) على العمداء أنفسهم هذه المرة ناهيك عن نظرة الطلبة الى أساتذتهم واستسخافهم (عذراً) لكل عملية التقييم وإقرار العلامات. لا أدري إن كانت هناك حاجة الى التعليق كثيرا على هذين الأثرين (الضغوطات والاستسخاف).

 

التسجيل والبرمجة

أخيرا وليس آخراً، أزيد الصورة تشابكاً بوضع الزملاء والزميلات الموظفين الإداريين في الصورة خاصة العاملين في مكتب التسجيل (العلامات بشكل خاص)، والعاملين والعاملات في برمجة وأتمتة الجامعة. دعوني أشير الى دور الأخيرين. صحيح أن الأمر يظهر وكأنه برمجة إلكترونية، لكن هذا الأمر يحمل في طياته أن التكنولوجيا تستطيع تشكيل وجه الجامعة الإداري والأكاديمي، وهل من حدود (إدارية وأخلاقية وغيرها) لهذا الأمر!

 

سأتوقف هنا. أعتقد أن الأمثلة المذكورة (رغم العجلة) توضح ادعائي: خطوة مجلس الجامعة تلك بشأن العلامات وصفة غير حكيمة لجامعة بيرزيت وغريبة عنها حقيقة. آمل أن يتراجع أصحابها عنها مع اعتذار أو بدون اعتذار – الأهم أن نحاول سوية تقليل آثارها على تماسك الجامعة إدارياً وأكاديمياً. هناك حاجة لنقاش هذه الخطوة على مستوى واسع في الجامعة ودورنا ومسؤولياتنا

الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن رأي الجامعة.