يوم دراسي في جامعة بيرزيت حول "صعود أقصى اليمين واليمين الشعبوي في إسرائيل"

عقد برنامج ماجستير الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت، وبالشراكة مع المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية-” مدار"، و"مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، والمركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية-” مدى الكرمل"، يوماً دراسيًا بعنوان "صعود أقصى اليمين واليمين الشعبوي في إسرائيل: قراءة في الأسباب والمعاني والاسقاطات"، وذلك يوم السبت الموافق 8 تمّوز، في حرم "جامعة بيرزيت"، بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين.

وناقش اليوم الدراسي الجوانب المُختلفة لصعود أقصى اليمين واليمين الشعبوي في إسرائيل، حيث تطرّق إلى أسباب هذا الصعود لليمين في إسرائيل وأدوات عمله المُختلفة، بالإضافة إلى الرؤى الأيديولوجية والفكرية التي تقف خلف حركاته السياسية، كما وتأثير هذا الصعود على القضية الفلسطينية والصراع بشكل عام، محاولًا استشراف الاتجاهات التي من الممكن أن يدفع إليها صعود اليمين وسيطرته على مفاصل الحكم في إسرائيل، وقيادته للمشروع الاستعماري.

وتوزّع اليوم الدراسي على ثلاث جلسات، بالإضافة إلى مُحاضرة افتتاحية وتمهيديّة قدّمتها المديرة العامة لمركز "مدار"، د. هنيدة غانم، تحت عنوان "صعود أقصى اليمين الجديد في السياق الاستعماري الاستيطاني: الخلفية والمعاني والمشروع"، وقدّمت خلالها شرحاً مفاهيمياً حول نشأة اليمين الجديد وصعوده عالمياً خاصة في أوروبا، قبل أن تنتقل إلى تجربة اليمين الإسرائيلي، مشيرة إلى الترابط الوثيق بين الاثنين، كما وخصوصية اليمين الإسرائيلي التي تنبع من الشرط الاستعماري.

ولفتت إلى وجود عوامل عديدة وراء بروز وتنامي قوة أحزاب اليمين الجديد والأحزاب الشعبوية، أي التي تتبنى أفكاراً متطرفة ذات ارتباط بالنازية والفاشية وما إلى ذلك، سواء في إسرائيل أو العالم، مثل تفكك الاتحاد السوفياتي وما نتج عنه من عودة الهويات الإثنية القومية بقوة، وتنامي الصراعات الدموية، وتأثيرات ذلك على تعزيز المنظور الأيديولوجي المؤسس لليمين.

وجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان "قراءة في الواقع السياسي الإسرائيلي الراهن"، وشارك فيها الباحثان د. امطانس شحادة، ورازي نابلسي، والمحامية سوسن زهر، ويسرت الجلسة د. هالة الشعيبي، رئيسة برنامج الماجستير في الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت. وركّز شحادة في مداخلته على الأبعاد الاقتصادية لصعود اليمين؛ وتحدّثت زهر على التغييرات التي يُحاول القيام بها اليمين في المجال القضائي، وعلاقة ذلك بتحقيق رؤية "أرض إسرائيل"؛ أمّا نابلسي، فتحدّث عن التحوّل في الخارطة السياسية الإسرائيلية.

وكانت الجلسة الثانية تحت عنوان "دوافع وإسقاطات هيمنة اليمين"، وشارك فيها كل من الباحثين كريم قرط، د. أشرف بدر، ولميس فراج، ويسرت الجلسة د. عرين هواري. وقدّم فيها بدر قراءة نقدية لصعود اليمين؛ أمّا فرّاج، فركّزت على تأثير سياسات اليمين الإسرائيلي الاقتصاديّة على السُلطة الفلسطينية؛ هذا في الوقت الذي قدّم قرط قراءة في "خطّة الحسم" التي كتبها وزير المالية والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش.

أمّا الجلسة الثالثة والأخيرة فكانت تحت عنوان "الفكر اليميني ما بين الماضي والحاضر"، وشارك فيها الباحثون سلام أبو شرار، ووليد حباس، وعبد القادر بدوي، وعلاء سلامة، ويسر الجلسة د. مجدي المالكي. وتحدّثت أبو شرار فيها عن الخيال في أيديولوجيا اليمين المتطرّف؛ وبدوره، تحدّث حباس، عن تيار "الحردلية" في اليمين، وقناعاته وأهم مميزاته؛ أمّا بدوي، فتحدّث عن جمعيات اليمين وطموحها بخلق هيمنة جديدة في إسرائيل؛ واختتمت الجلسة واليوم الدراسي بعرض قدّمه سلامة عن العلاقة ما بين اليمين الجديد والتيّار الأفنجيلي.

وكان استهل اليوم الدراسي، بكلمة لعميد الدراسات العليا في جامعة بيرزيت د. أحمد أبو هنية، ألقاها بالإنابة عن رئيس الجامعة د. بشارة دوماني، أكد فيها أهمية دراسة أعماق الكيان الصهيوني، باعتبار الدراسة جزءاً من النضال الوطني، موضحاً أن الجامعة لم تأل جهداً في هذا المجال منذ نشأتها.

من جانبه، تحدث ممثل "مدى الكرمل"، د. امطانس شحادة عن دور اليوم الدراسي في تشبيك الجهد البحثي الفلسطيني، عبر التركيز على دراسة المستعمرين، وسيرورة التحولات في السياسة والمجتمع الإسرائيلي. منوهاً في المقابل، إلى حيوية توحيد الجهد البحثي، وطرح مقاربات وأفكار مرتبطة بالواقعين الفلسطيني والإسرائيلي. ولفت إلى تعدد الأوراق المقدمة في اليوم الدراسي وتميزها، معبرًا عن أمله في أن يتحول اليوم الدراسي إلى فعالية سنوية، لدراسة المشهد الإسرائيلي.

ورأى أمين سر مؤسسة "الدراسات الفلسطينية" د. كميل منصور، أن أهمية مشاركة المؤسسات البحثية الأربع المنظمة للفعالية، لا تكمن في استمرارية التعاون فيما بينها فحسب، بل وجعل المتابعة العلمية للقضية الفلسطينية عملية معرفية تراكمية. وعبر عن أمله في أن تسهم الفعالية، في تشخيص العوامل العميقة التي أدت إلى صعود اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في إسرائيل، قبل أن يطرح عدداً من التساؤلات حول الموضوع.