خولة أبو رميلة... ذاكرة 42 عاماً في جامعة بيرزيت

"حين أتأمل مشهد جامعة بيرزيت الآن، مشهد يكاد يشبه شجرة اللبلاب التي تكبر وتنتشر بشكل كبير، فمنذ أن كنت موظفة في مكتب التسجيل في المبنى الجامعي القديم، وصولا إلى المكتب الحالي وأنا أشاهد تطور الجامعة ونموها. لقد عشتها بكافة مراحلها، بكافة أحداثها والآن سأسدل الستارة على كل هذه المشاهد، لقد أتت اللحظة التي سأغادر بها جامعتي، سأفقد مكاناً يحمل لي ذكريات لا يمكنني محوها من ذاكرتي ما حييت، سأغادر أناسا اعتدت عليهم، عشنا وبكينا وفرحنا معا".

هكذا تحدثت خولة أبو رميلة، عن رحلتها في بيرزيت التي امتدت لـ 42 عاماً، أثناء تكريمها من إدارة الجامعة ممثلة برئيسها د. عبد اللطيف أبو حجلة لوصولها للسن القانوني لنهاية الخدمة في الجامعة.

بدأت خولة أبو رميلة عملها في الجامعة ككاتبة طابعة في مكتب التسجيل والقبول فسكرتيرة فمساعد إداري أول، وصولاً إلى رئيس قسم القبول. وكانت قد حصلت، على جائزة الموظف المتميز في الجامعة في العام 2010.

يومي الأول....

في أيلول 1978 كانت البداية، حيث كانت خولة "حديثة التخرج من كلية الطيرة"، تقول: "مع تخرجي من الكلية بدأت البحث عن أماكن للتدريب والعمل، وكانت جامعة بيرزيت خياراً من ثلاثة خيارات أتيحت لي، لم أكن قد رأيت الجامعة من قبل، لكن إصرار والدي –رحمه الله-على التدرب والعمل في هذا المكان، كان الدافع في الاستمرار، لأنه رأى بجامعة بيرزيت صرحا وطنياً وتعليمياً سيساهم في تطور المجتمع الفلسطيني وسموّه".

وتضيف: "في يومي الأول، أوصلني والدي من منزلنا في القدس إلى الحرم الجامعي القديم في بلدة بيرزيت، فأنا لم أكن أعرف أين تقع الجامعة، كانت الجامعة صغيرة جدّاً بحجمها وعدد طلبتها الذي لم يتجاوز 1070 طالباً وطالبة، كنا عائلة صغيرة، كنت أحفظ أسماء الطلبة وأرقامهم الجامعية".

وحول العمل في الحرم الجامعي القديم تقول خولة: "كان مكتب التسجيل مكتباً صغيراً، مكون من 5 موظفين هم: غادة مزبر وهالة ناصر وبادرة عبد الهادي ونبيل مزبر وأنا، إضافة إلى مديرة المكتب هيفاء برامكي، وأكثر ما ميز عملنا في الحرم القديم، هو العلاقة القوية المبنية على الاحترام بين الإدارة والأساتذة والطلبة، إن أفضل وصف لهذه الروح هو حسن الضيافة، كما أن والدة د. حنا ناصر لم تبخل علينا يوماً بحنان الأم وقهوتها اللذيذة في كل استراحة".

مع بداية الثمانينيات كان قد بدأ الحرم الجامعي الجديد بالنمو فوق التلال المشرفة التي تقع على بعد حوالي كيلومترين إلى الجنوب من بلدة بيرزيت، وبدأت كليات التجارة والهندسة والعلوم بنقل التدريس والمكاتب، وهنا انتقل مكتب التسجيل إلى الحرم الجديد، وبدأ بالتوسع والنمو، وهو ما ترافق مع زيادة كبيرة في أعداد الطلبة والتخصصات والبرامج.

في تلك الفترة وما تلاها، تعرضت الجامعة لسلسلة من الإغلاقات المتكررة من الاحتلال، وخلال كل فترة إغلاق، كان الطلبة والموظفون والإدارة يعملون يداً بيد لإعطاء الطلبة المحاضرات خارج الحرم الجامعي، من أجل استكمال متطلباتهم الجامعية، وهو أمر كان في غاية الصعوبة والخطورة، لكن الإصرار على بقاء المؤسسة وتعليم الطلبة كان الأقوى، وفق ما ترويه خولة.

أثر لا ينسى

"مشاهد وقصص ومواقف كثيرة عشتها في الجامعة، إلا أن أكثر ما كان يفرحني خلال عملي في الجامعة، شعوري بأثر عملي على الطلبة، كثير منهم كان لنصائحي دور في إكمال حياتهم الجامعية واستمرارهم، أعتقد أنني كنت محظوظة في ترك أثر على حياتهم، وهو أكثر ما يسعدني". تقول خولة.

وترى خولة أن لدائرة التسجيل والقبول في الجامعة أهمية كبيرة، فهي حلقة الوصل الرئيسية التي تربط الطلبة بالجامعة، فمنها يبدأ الطلبة أولى خطوات مسيرتهم الأكاديمية، ومنها يخرجون حاملين وثائق تخرجهم وشهاداتهم.

عانت خولة كمعظم طلبة الجامعة وموظفيها وأساتذتها من اعتداءات الاحتلال ومضايقاته، لا سيما حواجز الاحتلال التي تفصل المدن والقرى عن بعضها، فتقول: "أسوأ الأيام كانت تلك التي تلت انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حيث كان الجنود الإسرائيليون المنتشون بالضغط على الزناد، يمنعون الطلبة والأساتذة والأهالي من الوصول إلى الجامعة في هذه الرحلة اليومية، فتنقطع السبل في الوصول إلى الجامعة بعد رحلة معاناة طويلة بين المركبات والجبال وحتى ركوب الحنطور". 

كلمة خولة أبو رميلة التي وجهتها للجامعة