أروقة مكتبة جامعة بيرزيت تروي عراقة تاريخ وتطور رؤية

أُنشأت مكتبة جامعة بيرزيت الرئيسية عام 1924، وتطورت مع تطور الجامعة منذ أن بدأت كمدرسة حيث تطورت من مكتبة مدرسية ثم إلى مكتبة كلية وأخيرا إلى مكتبة جامعية في حرم جامعة بيرزيت القديم. وفي عام 1985، انتقلت المكتبة إلى المبنى الجديد والذي شيد بتبرع من مصنوعات الغانم في الكويت، كما أضيف له ملحقاً للتوسع في العام 2004، لتملئ بمقتنياتها مبنى من أربعة طوابق أطلق عليه اسم مكتبة يوسف احمد الغانم، فيما استغل الطابق الأول من الملحق لمتحف الجامعة.
تضم المكتبة حاليا 243.503 عنوان وهو ما يعادل 290524 مجلد، والمقصود بذلك المواد المطبوعة وغير المطبوعة من كتب ورسائل ومجلات وقواعد إلكترونية وغيرها من المواد الأخرى. وإذا ما أضفنا مقتنيات المكتبة الرئيسية إلى مواد المكتبات الفرعية الثلاث في الجامعة -مكتبة معهد الحقوق ومكتبة معهد دراسات المرأة ومكتبة مبنى سعيد خوري لدراسات التنمية- فإن عدد العناوين يتخطى الربع مليون مجلد ليصل تقريبا إلى 350000، أغلبها في اللغتين الانجليزية والعربية إضافة إلى عناوين باللغة الفرنسية والألمانية. كما أن المكتبة هي مركز إيداع لمنشورات اليونيسكو منذ 1979، وهي أيضا مركز إيداع إقليمي لمنشورات البنك الدولي منذ 2005، ومركز دعم فني لنظام المكتبة المحوسب مينيزيس. وتشرف المكتبة فنيا وتقنيا على ثلاث مكتبات فرعية أخرى في الجامعة، ضمن خطة تعاون واضحة وفعَالة.
صيت مميز وخدمات استثنائية
تقول مديرة المكتبة ديانا صايج ناصر، أن المكتبة اكتسبت صيتها وتميّزها من تميّز جامعة بيرزيت نفسها وإرثها التاريخي، إلى جانب الخدمات الاستثنائية التي تقدمها المكتبة على مستوى الجامعة والوطن وحتى خارجه، حيث إلى جانب استفادة مجتمع الجامعة من خدمات المكتبة، فإنها تقدم خدمات لمؤسسات الوطن من وزارات وهيئات الحكم المحلي والبلديات وطلاب المدارس والجامعات، بالإضافة للباحثين المستقلين وغيرهم من فئات المجتمع. كما تقدم المكتبة خدمة نوعية
وما يميز المكتبة إلى جانب كونها الأقدم في الوطن، هو ريادتها في المجال التقني حيث أن مكتبة بيرزيت أول من أدخل التكنولوجيا المتطورة باشتراكها في أهم القواعد الإلكترونية عربيا ودوليا وإتاحتها للمستخدمين منذ عام 2006، بالإضافة إلى استخدام نظام حوسبة منذ عام 1989 من أجل إدخال المواد آليا بالإضافة إلى نظام الاعارة الآلي. ومواكبة للتطور التقني أكثر، بدأت المكتبة هذه السنة بخدمة جديدة وهي إعارة ألواح الكترونية “Tablets” مُحمل عليها كتب كلاسيكية وكتب صوتية، بالإضافة إلى رسائل ماجستير بالنص الكامل أو الجزئي. وتضيف ناصر: تميّزنا وريادتنا جعلنا وجهة للمكتبات الأخرى، حيث كنا نموذجا للجامعات الأخرى عندما أسسوا مكتباتهم، فاستعانوا بخبرتنا وملاحظاتنا. كما قدمنا استشارات لتأسيس مكتبات محلية، وآخرها كان استشارة قدمناها لمكتبة الصحة النفسية بوزارة الصحة.، وهي الخدمة عن بعد والتي تتميز باستجابة أسرة المكتبة لأية استفسارات تأتيهم من الخارج عبر الموقع الإلكتروني للمكتبة، بحيث يتم الاستجابة لهذه الاستفسارات بقدر استطاعة الكادر وبحدود الملكية الفكرية.
علاقات خارجية فعَالة وجوائز نوعية
خلال العامين 2011 و2012، سجلت جامعة بيرزيت انجازين آخرين، الأول بإدراج الفهرس الآلي للمكتبة كمرجع على قائمة الفهارس الآلية للمكتبات العالمية من خلال خدمة Web Classification لمكتبة الكونغرس، والثاني عندما أصبحت المكتبة عضوا في الفهرس العربي الموحد، وأُدخل تصنيفها إلى الفهرس. كما وافقت إدارة الجامعة مؤخرا بالاتفاق مع قاعدتي المنهل والمعرفة، على تزويدهم برسائل طلبة الماجستير في بيرزيت لتصبح متاحة على هاتين القاعدتين، ويجري التنسيق الآن مع قاعدة ثالثة هي دار المنظومة.
جدير بالذكر أن المكتبة سنة 2008، كانت قد فازت بجائزة تقديرية من اتحاد “Eifl” عن طريق برنامج ايفاب في اليونسكو، بعدما أعادوا استخدام أجهزة حاسوب قديمة لاستغلالها من جديد، فتم منحهم جائزة على الخدمة النوعية ا لجديدة، وتم تطبيق الفكرة في دول أخرى.
ناصر أشارت أنه وبحكم عضوية المكتبة في العديد من الاتحادات الدولية منها إتحاد eifl للمصادر الإلكترونية ولكونها منسقا عن التجمع الفلسطيني في هذا الإتحاد، تمكنوا من الاشتراك بقواعد بيانات مجانية بقيمة 250 ألف دولار، عممت على معظم الجامعات الفلسطينية، الأمر الذي خفف عن ميزانية المكتبة والجامعة لهذه الخدمات. مضيفة: وبحكم علاقتنا الوثيقة مع جامعة اليرموك، حصلنا على 208 مخطوط في مواضيع مختلفة كإهداء للجامعة، بالإضافة إلى نسخ مصورة لثلاث جرائد قديمة هم الكرمل والدفاع وفلسطين.
وفي نطاق العلاقات الخارجية، بنت المكتبة علاقات إهداء وتبادل متينة مع العديد من المكتبات في الخارج، على رأسها مكتبة الكونغرس في الولايات المتحدة وجامعة اليرموك والجامعة الأردنية ومؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت ومكتبة عبد الحميد شومان، ومركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية في دبي وغيرها من المكتبات المحلية والخارجية، والأشخاص والمؤسسات.
خدماتها تمتد للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة والطلبة المحتاجين
مكتبة الجامعة لم تتخلى عن مسؤوليتها الاجتماعية اتجاه بعض فئات المجتمع، فعملت أيضا على توفير خدمات لطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث وفرت كتب برل لطلبة ذوي الإعاقات البصرية من المقررات الدراسية لهم، كما أسست غرفة خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة في المكتبة وبالتعاون مع رئيس دائرة اللغة الإنجليزية د. عازم عساف، مجهزة بأجهزة ومعدات ضرورية لأولئك الطلبة.
كما وفرت المكتبة 535 كتاب ل47 مساق يدرس في الجامعة، حتى يستطيع الطلبة استعارتها خلال الفصل الدراسي ومن ثم اعادتها بعد الانتهاء من المساق. وهذه المبادرة كانت نتيجة تبرع سخي من جمعية أصدقاء بيرزيت ومركز إحياء التراث في عمان.
جنود المكتبة
يعمل في المكتبة حاليا 26 موظف وموظفة، موزعون على ثلاثة أقسام رئيسية، بعضا منهم يحمل شهادات في علم المكتبات وآخرين يعملون بالمكتبة منذ 20 سنة، فيما البقية يعملون في تخصصات أخرى حسب احتياجات المكتبة. الخبرة التي اكتسبها الموظفون عبر السنوات، أسهمت في بناء المكتبة وتطورها، وأخرجت منهم خبراء يوفدون إلى المؤسسات الخارجية من أجل تقديم الخدمات الفنية، أو حتى فتح المجال أمام متدربين يودون العمل في المكتبات خاصة الذين درسوا في هذا الحقل أو يطمحون للعمل في المكتبات. وتسعى إدارة المكتبة باستمرار إلى تطوير كادرها وصقل خبرته، من خلال التدريبات الداخلية وتبادل الخبرات الشخصية بين الكادر، ومن خلال أيضا ايفاد الكادر إلى التدريبات والمؤتمرات خارج فلسطين، حسب ما يتوافق مع ميزانية المكتبة وأعبائها المالية.
طموحات كبيرة أمام تحديات كبيرة
على الرغم من مسيرة المكتبة الحافلة وكفاءة خدماتها، إلا أنها تعاني من تحديات تأمل بتخطيها، لتتقدم أكثر وأسرع وتنافس على المعايير الدولية. الضائقة المالية التي تعصف بجامعة بيرزيت ألقت بظلالها على احتياجات المكتبة، بعدما تم تقليص الميزانية المخصصة لها في السنتين الأخيرتين. ناصر تقول إن التقليص جاء على حساب خدمات ومقتنيات المكتبة، مضيفة: نحن بحاجة إلى تعيين كوادر جديدة، خاصة بعد استقالة موظفة ووصول موظف إلى سن نهاية الخدمة ووفاة موظفة أخرى، بالإضافة إلى أن هنالك موظفين سيصلان سن نهاية الخدمة خلال العام 2014، وكل ذلك من شأنه أن يوجد خلل في عمل المكتبة. كما أن شحّ المصادر المالية أثّر على قدرة المكتبة في ايفاد كادرها للدورات والمؤتمرات خارج فلسطين، وأيضا على قدرتها شراء المزيد من أجهزة الحاسوب على سبيل المثال وكراسي إضافية للطلبة.
أما طموحات المكتبة، فتتلخص في زيادة ميزانيتها للتغلب على التحديات الأهم، بالإضافة إلى تطوير الخدمات التي تقدمها واستحداث خدمات جديدة لتكون مؤسسة رائدة في العصر الرقمي، ونهاية تطوير برامج التوعية المعلوماتية لتشجيع الأساتذة على حث طلبتهم بالتوجه أكثر نحو البحث العلمي.
للمكتبة تفاصيل أخرى
نهاية القول هنا ليس نهاية قصة المكتبة، فللمكتبة خدمات أخرى وانجازات عديدة وخطة استراتيجية مفصلة، لا يمكن اختزالها في تقرير. زيارة المكتبة من باب الفضول فقط والتجول بين أقدم رفوفها ومقتنياتها، سيحدثكم أكثر عن المكتبة وعن عراقة حاضنتها، جامعة بيرزيت.