الطالبة والمدرسة خديجة أبو لبدة: لا أنوي مغادرة جامعة بيرزيت إلى الأبد

في مكتبها في كلية العلوم بجامعة بيرزيت، تجلس خديجة أبو لبدة لتتذكر 5 أعوام من حياتها في جامعة بيرزيت، بين الدراسة في البكالوريوس والماجستير، والعمل، ولا تزال تتمنى البقاء فيها إلى الأبد.

حصلت أبو لبدة من قرية عزون بقلقيلية على منحة كلية العلوم لأفضل 5 معدلات في الثانوية العامة ممن تم قبولهم في كل تخصص من تخصصات الكلية، بمجموع عشرين طالباً، حيث كان معدلها 98.4% في الفرع العلمي، وهو الأعلى على مستوى طلبة الفيزياء، في السنة الدراسية التي التحقت بها 2010.

تقول أبو لبدة: "لو لم تتوفر لي المنحة من جامعة بيرزيت، لكنت درست تخصصًا لا أفضله وهو الرياضيات في كلية الطيرة، التي ليس فيها تخصص الفيزياء".

تخرجت أبو لبدة عام 2014، تخصص بكالوريوس الفيزياء، دبلوم التربية، بامتياز، بعد أن حافظت على المنحة التي تشترط الحصول على معدل تراكمي أعلى من 80% للإبقاء عليها، إلى جانب طالبة واحدة فقط من تخصص الفيزياء، وذلك بعد حصولها في 4 فصول على منحة لوحة الشرف، لتكون مؤهلةً للبدء بالعمل كمساعدة تدريس في نفس تخصصها بمنحة أخرى، وفرتها لها كلية العلوم، إلى جانب المنحة التي حصلت عليها لإكمال الماجستير في نفس الوقت.

وساهم حصولها على منحة لوحة الشرف في الفصول الأربعة في مرحلة البكالوريوس في توفير كلية العلوم لرسوم المنحة التي تقدمها لها، لتفيد بها طلبةً آخرين في السنوات اللاحقة.

وتصف طالبة ماجستير الفيزياء شعورها فتقول: "لقد كان لعملي هنا تأثير كبير في ثقتي بنفسي، فعدما يناديني أحدهم بـ"معلمتي" أكون فخورة بنفسي، وهو الشعور ذاته الذي تحمله عائلتي، كون ابنتهم خرجت من تلك القرية الصغيرة، فدرست وتخرجت، وأصبحت الآن مدرسة في جامعة بيرزيت".

وتقول مساعدة البحث والتدريس في تخصص الفيزياء في جامعة بيرزيت: "لقد أصبحت الجامعة بالنسبة لي مثل المنزل، ففيها أمضيت 4 سنوات في البكالوريوس، وعاماً آخر في الـماجستير إلى جانب العمل، وخلال هذه الفترة كنت أقضي ما يزيد عن ثماني ساعات فيها، وحتى الأيام التي لم يكن فيها دوام رسمي، أزور الجامعة فيها".

وتضيف: "لا طعم للصباح بالنسبة لي، إن لم يكن بالجلوس على باب كلية العلوم، وشرب كأس من النسكافيه، والجلوس مع صديقاتي، لقد مضى وقت طويل على آخر يوم افتقدت فيه هذا الشعور".

وعن الاختلاف بين الفترة التي قضتها كطالبة وكمدرسة تقول أبو لبدة: "كانت حياتي أثناء الدراسة أكثر ارتباطاً بصديقاتي، ولكن التزاماتي أثناء الماجستير والعمل حصر علاقاتي وأضاف المزيد من المسؤولية علي".

أما من الناحية الأكاديمية، فتقول أبو لبدة: "لقد تغيرت بالنسبة لي النظرة نحو الأساتذة وبدأت أقدر حجم ما يواجهونه من صعوبات ومتابعات للطلبة، كما أصبحت معاييري في رأيي بالأساتذة مرتبطة بحجم استفادتي منهم، فأثناء الدراسة لم نكن نحب المعلمين (الأشداء)، ولكن بعد أن أصبحت مُدرسة، أدركت أنهم كانوا أكثر فائدة بالنسبة لي، وهو ما اتضح في فترة الماجستير أيضاً".

وتضيف في تقييمها لتجربتها: "لقد اقتنعت الآن أن حجم إيمان المعلم بتلامذته هو ما يجعلهم أكثر قدرة على الإبداع والتميز، وتحقيق النجاح، وهذه هي الرسالة التي أرغب بإيصالها إلى كل أساتذة الجامعة والجامعات الأخرى".

وتوجه رسالتها إلى الأجيال القادمة في جامعة بيرزيت فتقول: "بيرزيت هي البيئة التي تحتوي على أكبر قدر من التعددية في الثقافات من النواحي السياسية والاجتماعية والفنية، ومن شروط الدخول في هذا المجتمع المصغر أن تكون قادراً على تقبل الآخر الذي يملك أفكاراً مختلفة تماماً عن أفكارك، وإلا فلن يكون بإمكانك الاستمرار هنا".

وعن مخططاتها للمستقبل، تقول أبو لبدة: "لا أنوي مغادرة جامعة بيرزيت إلى الأبد، ولكن إن لم تكن الدائرة بحاجة لي كمساعدة تدريس، فسأرحل، ولو طلبت مني الجامعة التوقيع على عقد طوال الحياة، فسأوقع دون تردد".