حسن خالد.. من شواطئ غزة إلى لوحة الشرف في بيرزيت

التخرج من الجامعة هو الفرحة الحقيقية لكل شاب وفتاة، وهو الأمل الذي طال انتظاره بساعات من العمل والسهر والجد. ولكن حين يزورك هذا الفرح وحيدًا، دون مشاركة الأهل، يغدو الفرح ناقصًا حزينًا، فنجاح الأبناء هو ثمرة جهد معجون بالمحبة والقلق وانتظار السنوات حتى يكبر الصغير ويصير شابًّا ناجحًا يملأ القلب بالمسرات، لهذا، فحين يحضر الأهل احتفالات تخرج الأبناء، فإن الابتسامة الممزوجة بدموع الفرح هي الوحيدة التي يمكن أن تعبر عن مدى السعادة التي يعيشها الوالدان في تلك اللحظة.

هذا "الشعور" سيكون مستحيلاً للطالب في جامعة بيرزيت حسن خالد، القادم من قطاع غزة، الذي يحول الاحتلال الإسرائيلي والحصار الذي يفرضه على القطاع دون قدوم أهله للمشاركة في حفل التخرج السنوي 39، الذي سيقام يوم الخميس 26 حزيران 2014.

"حسن" طالب في جامعة بيرزيت، اعتاد الركض على شواطئ بحر غزة، واعتاد رؤية بحر باتت رؤيته شبه مستحيلة لزملائه من طلبة بيرزيت. وهو طالب متميز أكاديميًّا، تصدر اسمه خلال سنوات دراسته الأربع لوحة الشرف لطلبة كلية الأعمال والاقتصاد، كما تميز بنشاطات مجتمعية، أهمها مساهمته في مبادرة "تنوين"، وهي مبادرة لتشجيع القراءة في فلسطين، ونادي "زدني" الثقافي، وعدة مجموعات شبابية تساهم في تقديم الدعم لمختلف الفئات المجتمعية.

لم يكن وصول حسن إلى الضفة الغربية بشكل عام، وجامعة بيرزيت بشكل خاص سهلاً. يقول: "كانت بيرزيت تمثل الحلم المستحيل، الذي طالما حلمت به. كنت أسمع دائمًا عن جامعة بيرزيت وشبابها وشهدائها. كنت أشعر بمحبة الناس وفخرهم بهذه الجامعة العريقة، ولكن كنت أدرك أن وصولي إليها شبه مستحيل، لكن كان لدي أمل تشبثت به حتى اللحظة الأخيرة، وعند إنهائي الثانوية العامة وحصولي على معدل عالٍ، تقدمت لعدة مؤسسات تقدم منحًا دراسية، وحصلت على عدة فرص للدراسة في الخارج، لكن حلم بيرزيت الذي وضعته كخيار أول ضمن طلب برنامج المنح الدراسية الذي يقدم عبر مؤسسة "أمديست"، بات حقيقة، لم أصدق الخبر عندما اتصلت بي المؤسسة لتبلغني أن تصريح التوجه إلى بيرزيت للدراسة هناك أصبح جاهزًا. كنت أول طالب غزي يأتي للدراسة في الضفة الغربية بشكل علني منذ ما يزيد عن الـ 10 أعوام".

وعن تجربته في جامعة بيرزيت، يقول حسن: "نقطة البداية كانت الأصعب، فأنا الطالب "الغريب" الذي انتزع من أحضان مخيم الشاطئ، الذي يعرف كل سكانه وأطفاله ورماله، وحضر إلى مدينة لا يعرف بها أحدًا. كانت مشكلتي في البداية في الحصول على السكن، والتعرف على الزملاء والأصدقاء، إضافة إلى اختلاف الثقافة بين القطاع ورام الله، ولكن مع انتهاء الفصل الأول، كنت قد كونت عددًا كبيرًا من المعارف والأصدقاء، الذين ساهموا في التخفيف من غربتي، وباتوا أهلاً وإخوة لي".

ويضيف حسن: "جامعة بيرزيت، هي تجربة لم ولن أندم عليها في حياتي، فمجرد العيش بالنصف الآخر من الوطن "المستحيل" فرصة لا تتاح في أي وقت، كما أن بيرزيت تعد فضاءً ومتسعًا للمبادرات الشخصية، حيث ساهمت في تكوين شخصيتي وتعزيز اعتمادي على ذاتي".

من جهته، يقول نائب رئيس الجامعة المساعد للشؤون الأكاديمية د. وائل الهشلمون: "إن إجراءات الاحتلال حوّلت التحاق أي طالب من غزة في جامعة بيرزيت إلى حدث (خارق)، وهو أمر يستدعي تدخل المجتمع الدولي ليجبر دولة الاحتلال على الانصياع للقوانين الدولية التي تؤكد على حرية الحركة وحرية التعليم كحقوق أساسية للإنسان".

وأكد الهشلمون أن "فرحة حسن لن تكون منقوصة، رغم أنف الاحتلال، فكل أهالي الخريجين هم أهله، وكل الطلبة إخوته، وستظل بيرزيت تفخر به كأحد الطلاب النجباء الذين تحدوا المصاعب وحققوا حلمهم، وسيكونون سفراء لجامعتهم، ومواطنين فاعلين في مجتمعهم، قادرين على تحمل مسؤولياتهم"، مهنئًا باسم رئاسة الجامعة ومجلس أمنائها والعاملين فيها أسرة حسن على تميز ابنها.

وأضاف أن "بيرزيت ستواصل العمل على الصعد كافة لتسهيل التحاق طلبة المحافظات الجنوبية بالجامعة، كحق مكفول، لا يمكن لإجراءات الفصل العنصري أن تسقطه، حتى تظل الجامعة منارة أكاديمية تعددية، وشريحة تمثيلية لنخبة المجتمع الفلسطيني الجامعية".

يذكر أن طلبة قطاع غزة في جامعة بيرزيت كانوا يشكلون ما نسبته 40% من طلبة الجامعة قبل العام 1998، ولكن إجراءات الإحتلال وممارساته التعسفية وتقطيع أواصل الوطن،  جعلت وجود الطلبة الغزيين في جامعة بيرزيت مستحيلاً.