فاطمة خليل.. طالبة الحاسوب في بيرزيت تتألق في الإبداع الأدبي

"نحن لا نكتب لدفن خيبتنا، ولا نكتب لقتل خسارتنا. نحن نكتب لنقتل أنفسنا داخل أنفسنا ونحييها من جديد". هكذا وصفت فاطمة خليل (22 عامًا) من مدينة القدس، الطالبة في جامعة بيرزيت تخصص علم حاسوب فرعي إدارة أعمال سنة خامسة؛ حبها للكتابة.

دونت كلماتها الأولى وهي في سن الثانية عشرة، لكنها لم تعتقد أن شغفها بالكتابة سيقودها إلى نشر كتاب (نصوص)، أو سيكون مقدمة مشروعها لإصدار رواية، على الرغم من نشر بعض النصوص النثرية في مجلة بيالارا وجريدة القدس، حيث لاقت تشجيع أسرتها والمدرسة.

وقد فازت فاطمة بجائزة "يوسف نعواس للإبداع" التي أطلقتها جامعة بيزيت لطلبتها في شتى مجالات الإبداع عام 2006، إلى جانب نيلها جائزة "وجدي نهاد أبو غربية" في مسابقة القصة القصيرة على مستوى القدس عام 2010، وقد كانت في الصف الحادي عشر.

تقول فاطمة: "كنت مترددة في إصدار كتاب نصوص، فالفكرة لم تكن واردة. لكن بعد رؤية وجود كتابيْ نصوص لأحمد جابر ونبال قندس، استسغت الفكرة، فجمعت ما كتبته بين عامي 2008 و2014 ليكون كتابي الأول".

حمل كتاب فاطمة اسم "ونعتاد الغياب"، وهو ليس غيابًا للحبيب، لكن غياب أي شخص، مهما كان قريبًا، من تفاصيل حياتنا، فلحظة غيابه توصلنا إلى مرحلة التعود والتأقلم على غيابه، فـ"موت جدتها" أثر على معظم نصوصها، حيث كتبت نصا سمته "جدتي ماتت"، واستهلته بقولها: "جدتي ماتت. فمن اليوم سيحكي لي حكاية؟ وفي أي حضن أوسد رأسي؟ ومَن مِن شعري يصنع الجديلة؟". 

يتكون "ونعتاد الغياب" من أربعة أجزاء: الرحيل، والاشتياق، والحب، وخربشات. وهناك فرع مدمج ضمن خربشات اسمه "ذات يوم"، يحتوي على ثلاث قصص قصيرة. وتبدأ نصوص الكتاب بالرحيل لتنذر بانتهاء مرحلة، لتكون بداية مرحلة جديدة هي الحب، ويفصل بين الرحيل والحب الاشتياق كمرحلة انتقالية.

تقول فاطمة إن الكتاب نتاج تجاربها الشخصية، والاطلاع على تجارب الآخرين، أو فكرة خطرت ببالها حاولت من خلالها إنجاز نص، أو كلمة حازت على إعجابها لتختزلها بجملة ومن ثم حولتها إلى نص، لتتطور نصوص الكتاب لمواقف على أرض الواقع لفتيات أقررن بحدوث بعض كتاباتها في حياتهم اليومية.

على الرغم مما مر به الكتاب من عراقيل، سواء في دور النشر أو الطباعة، إلا أن فاطمة ومن شجعها كانوا مصرين على نشر الكتاب على نطاق واسع، من خلال إدراج بعض نصوصه في بعض المواقع الإلكترونة. وتراوحت ردود أفعال القراء عليه؛ فمنهم من أشاد بلغتها الجيدة والأسلوب الممتع المترابط للنصوص، ومنهم من تساءل عن الهدف الكلي لهذه النصوص، وردت على ذلك بالقول "إن كل نص منفرد بحد ذاته له عنوانه وفكرته، وقائم على موضوعات مختلفة، ولذلك، فكتاب النصوص مختلف عن الرواية التي يكون لها هدف واضح ومحدد.

هذا النقد لم يحبط فاطمة، بل زادها إلا إصراراً على الكتابة، وهو ما ستترجمه بنشر كتابٍ ثانٍ مختص بالنصوص، سيكون مع الكتاب الأول قاعدة انطلاق لنشر روايتها، التي ستكون، على الأغلب، قصة وطنية حقيقية.

على الرغم من حبها للكتابة، إلا أن دراسة اللغة العربية كتخصص في الجامعة لم تكن من أولوياتها، معتقد أن دخول أي تخصص تعشقه سيقودها بالنهاية الى كرهه، "إلى جانب أن معدل التوجيهي ومتطلبات سوق العمل جعلتني أتجه الى دراسة علم الحاسوب، على الرغم من عدم شعوري بأنه التخصص المطلوب، لكنني تأقلمت مع الوضع القائم".

وقالت فاطمة "إن على الجميع التمسك بالقراءة، فهي أداة مهمة في تطوير وتنمية لغة الكاتب ومخزونه الثقافي، ونشر أي كتاب يقوم على القليل من المجازفة، وعلى الكاتب تطوير نفسه بشكل متواصل من خلال القراءة".

صدر كتاب "ونعتاد الغياب" عن المكتبة الشعبية (ناشرون) نهاية عام 2014، ووزع في الضفة الغربية وأراضي الداخل المحتل والأردن، وفي صدد عمل نسخة إلكترونية منه.