رئيس الكلية يعلن في حفل التخرج عن : تطوير كلية بيرزيت الى أربع سنوات جامعية


نص الكلمة التي ألقاها الدكتور حنا ناصر رئيس الكلية في حفل توزيع الشهادات على خريجي 1972 بتاريخ 1972-6-16، والتي أعلن فيها عن تطوير الكلية الى اربع سنوات جامعية.


سيداتي سادتي
لا بد لكلية بيرزيت ، وقد قاربت عامها الخمسين ، أن تنظر بعمق الى نفسها ومستقبلها وتحدد فلسفتها لكي تتمكن من أداء رسالتها السامية على أفضل وجه .
أن من أهم المقومات التي ترتكز عليها هذه الكلية هي « الحرية » – حرية التعليم ... وحرية التفكير . وكلمة الحرية كلمة شائعة تستعمل في كثير من الأحيان كشعار دون مغزی ... ولكنها ولا شك القوة الدافعة التي توجه أي مؤسسة إلى الأمام .

والحرية التي اتكلم عنها هي حرية المدرس وحرية الطالب ، فحرية المدرس تتمثل في إعطائه حرية التعبير عن الرأي حتى ولو اختلف هذا الرأي مع القائمين على الادارة . ولعلنا نعرف الكثير من الجامعات التي تحد من حريات هيئات التدريس فيها خاصة في المسائل السياسية أو الدينية . ويعود ذلك في الغالب إلى ارتباط تلك الجامعات ادبيا او ماديا بمؤسسات لها أهداف سياسية أو دينية معينة.

أما هنا فارتباطنا الوحيد هو مع شعبنا العربي وذلك فايماننا بالحرية هو ایمان صريح ومطلق . ولا شك أن حرية المدرس ترتبط بحرية اخرى تلازمها على الدوام ، وهذه هي حرية الطالب . حرية الطالب في التعليم والتفكير والتعبير عن الرأي والمناقشة والجدل . والمجالات كثيرة في هذه الكلية لكي يمارس الطالب حريته . فهنالك مجلس الطلاب ومنبر الرأي الحر وجريدة الكلية والندوات مع المدرسين وما أشبه ذلك من النشاطات!

وضمن إطار حرية التعليم في الكلية تأتي حرية الطالب في اختيار المواد التي يرغب في دراستها. ورغبة من الكلية في إعطاء الطالب مزيدا من هذه الحرية فقد وضعت نظاما جديدا سيبدأ تطبيقه في العام القادم. ويتيح هذا النظام للطالب فرصة أفضل لاختيار المواد التي تتفق وميوله ومجالات تخصصه في المستقبل.
ونظام التعليم المختلط الذي تتبعه الكلية هو من الحريات الاجتماعية التي تؤمن بها هي . لأن اختلاط الشبان والشابات في مؤسسة تعليمية واحدة وضمن نطاق الأنظمة والقوانين يؤدي الى صقل شخصية الطالب ومساعدته على سرعة الاندماج في المجتمع واكتساب الصفات الخلقية الحسنة.
وأرجو الا يتبادر إلى ذهن البعض أن الحريات التي تحدثت عنها تؤدي إلى الهبوط في مستوى الكلية الدراسي او الأخلاقي . بل على العكس ، لأن الحرية في التعليم تفتح أمام الطالب مجالات أوسع في البحث عن الحقيقة ومناقشة الآراء المختلفة والجدل العلمي وبالتالي فإنها ترفع من مستواه الأكاديمي والثقافي كما وأنها تكسبه مزيدا من الثقة بالنفس وتعوده على تحمل المسؤولية.

تحدثت عن مفهوم الحرية في الكلية ، والآن سأتحدث عن نوع آخر من المقومات التي ترتكز عليها الكلية وهي الاتصال المتين مع المجتمع.
فالجامعات في الدول المتقدمة تقوم بإجراء اتصالات وثيقة مع المجتمع للتعرف على مشاكله وحاجاته . فهي تقدم الأبحاث للمصانع ، وتعقد الحلقات الدراسية للبحث في مشاكل البلاد ، إلى غير ذلك من الندوات العلمية والفنية والأدبية التي تدعو إليها المواطنين.
والكلية هنا تعتقد أن من واجبها تقديم الكثير من الخدمات لأبناء المجتمع بالإضافة الى ما تقدمه من خدمات تعليمية للطلاب . وتشعر أن المسؤولية الملقاة على عاتقها نحو المجتمع قد تضاعفت في مثل هذه الظروف القاسية ، خاصة وأن الكلية هي المؤسسة الجامعية الوحيدة في هذه المنطقة . فبالرغم من إمكانيات الكلية المحدودة فقد حققت بعض النجاح في اتصالها بالمجتمع عن طريق عقد دورات دراسية لمعلمي المدارس الثانوية وإلقاء محاضرات عامة لطلاب تلك المدارس . وتنوي الكلية أن تقدم المزيد من هذه الدورات في المستقبل.
وايمانا من الكلية بارتباطها الوثيق بالمجتمع فقد أسست هذا العام مجلسا استشاريا للكلية ، ويضم هذا المجلس نخبة من المثقفين من ذوي الخبرة في شؤون التعليم والشؤون العامة، والذين تم اختيارهم من مناطق مختلفة في البلاد . ونحن نعتز بوجود مثل هذه النخبة المثقفة الواعية معنا لكي تساعدنا في اتخاذ القرارات الحاسمة فيما يتعلق بتطوير برامج الكلية وسياستها العامة. 


سيداتي سادتي
تحدثت إليكم اليوم عن بعض الأسس الفلسفية التي ترتكز عليها هذه الكلية .

والآن يأتي السؤال الهام ۰۰۰ ماذا عن المستقبل ؟
لا شك أنكم تدركون أهمية وجود كلية جامعية كاملة في هذا البلد . فهي تزيد من ارتباطنا بالأرض وتفتح أمامنا آفاقا واسعة التقدم تهيئ فرصا أفضل للعمل أمام شبابنا وشاباتنا .. إننا نؤمن أن وجود كلية جامعية كاملة في هذه المنطقة هو بسمة أمل وأمنية عزيزة على كل مواطن في هذا البلد.ويسرني ان أعلن أمامكم اليوم بكل اعتزاز أن مجلس أمناء الكلية قد اتخذ قرارا بتطوير كلية بيرزيت الى اربع سنوات جامعية كاملة . وتقوم إدارة الكلية الآن بالترتيبات اللازمة للمباشرة في هذا المشروع الحيوي ابتداء من العام الدراسي القادم .. و سيتمكن الطلاب الذين سيلتحقون بالكلية في العام القادم من البقاء فيها أربع سنوات كاملة يتخرجون بعدها بشهادة البكالوريوس في العلوم أو الآداب.

وستقوم الكلية بنشر المعلومات المفصلة عن برامج التعليم في موعد لاحق من هذا العام . كلمة أخيرة أتوجه بها الى خريجي وخريجات هذا العام .
لا بد أيها الشباب والشابات وان سمعتم مرارا انكم قادة الأمة وأمل المستقبل . رجائي أن لا تعيروا اهتماما كثيرا لهذه التعابير . فالقادة قلائل جدا ، ومعظمكم سيقود حياة عادية . ولكن أملي ان تكون هذه الكلية قد غرست فيكم حب العلم فأصبحتم تبحثون عن الحقيقة بأنفسكم ، ورجائي أن تكون الكلية قد خلقت فيكم حرية التفكير والتعبير فاکسبتكم الثقة بالنفس ، ورجائي الأخير ان تكون هذه الكلية قد علمتكم الجد والأمانة في العمل من أجل مجتمعكم ووطنكم حتى يصبح هنالك معنى حقيقيا لحياتكم. 
والسلام
 

رابط الملف بصيغة PDF

رابط مجلة الغدير العدد آب 1972