مساق دفاتر السجن في بيرزيت يستضيف الأسير الإداري المحرر أحمد قطامش

استضاف مساق دفاتر السجن- الحركة الفلسطينية الأسيرة، الذي يدرّس في جامعة بيرزيت، الأسير الإداري المحرر أحمد قطامش، وهو باحث سياسي وأكاديمي من مواليد عام 1951 ويقيم في مدينة البيرة.

استهل قطامش محاضرته بالحديث عن الخصائص الأهم في الحركة الأسيرة في ثلاث مراحل؛ في السبعينيات وفي التسعينيات وفي السنوات الأخيرة، وذلك من منطق كونه عاش تجربة السجن في هذه الحقب الزمنية الثلاث في معظم السجون. وقد سجن  قطامش في السبعينيات مرتين  لمدة 4 سنوات ونصف السنة، وفي التسعينيات سجن إداريا لمدة 5 سنوات و8 أشهر، ومؤخرًا اعتقل قرابة 3 سنوات إداريًا، وبذلك يعد قطامش صاحب أطول فترة حكم إداري في الحركة الأسيرة بأسرها.

ويضيف قطامش أن المرحلة التاريخية لها تأثيرها على خصائص الحركة الأسيرة؛ فالسبعينيات كانت مرحلة العمل الفدائي، أما التسعينيات فهي مرحلة أوسلو ونتاجاتها وقد أصابت الخلخلة المشروع الوطني التحرري. في حين أن المرحلة الأخيرة هي مرحلة المسار التفاوضي. وكل ذلك انعكس على الحركة الأسيرة داخل السجن إذ إن التغير في الخارطة السياسية ينتج عنه تغير في نسب الأسرى في السجون بشكل عام ونسب الأطياف الحزبية بشكل خاصّ، التي تزداد عامًا إثر آخر.  فمنذ الستينيات إلى الانتفاضة الأولى كان عدد الأسرى الفلسطينيين أقل من الفين. وبعد انتفاضة عام 1987 ازداد العدد الى 11 ألفًا، ثم عاد وتقلص في التسعينيات بسبب  المفاوضات وأوسلو وصفقات الإفراج التي نتجت عنها، أما حاليا فإن عدد الأسرى في السجون حوالي 6500.

ويقارن قطامش بين ظروف وشروط المكان في المراحل التاريخية الثلاث التي تحسنت بالتدريج وليس دفعة واحدة بعد أن رضخت مصلحة السجون لطلبات الأسرى واحتياجاتهم الإنسانية؛ ففي السبعينيات كانت الغرفة الواحدة تحوي 20 أسيرًا بمساحة 4 أمتار ودون دورة للمياه ودون أسرّة، إذ كان الأسرى ينامون على البرش (فرشة  رقيقة من الجلد). أما الطعام فيصفه قطامش بأنه "همّ يومي.. ووجع يومي"، وقد تحسن بالتدريج منذ السبعينيات الى الآن، حيث كانت وجبة الأسير الواحد كل يوم نصف قطعة خبز ونصف حبة برتقال وبيضة واحدة وفولا مغليا فقط دون أي إضافات، وحفنة أرز ونصف حبة بندورة.. وهكذا.  أما في المرحلة الحالية، فتحسنت وجبة الطعام وأصبحت ثمار الفواكه والخضار كاملة، فضلا عن وجود مقصف للبيع على حساب الأسرى ولكنه لا يشتمل على بعض الاغذية الضرورية لعمل الدماغ والذاكرة، وذلك تبعًا لسياسات مصلحة السجون الفاشية التي تهدف إلى الإضرار بعمل الدماغ سواء بالعنف الجسدي او بمنع أنواع معينة من الغذاء المهم لعمله وتنشيط الذاكرة، مثل اللحوم الحمراء. أما عن الاستراحة او "الفورة"، فقد تغيرت من نصف ساعة إلى ساعة يوميا في مرحلة السبعينيات، إلى أن أصبح الباب المؤدي الى الساحة مفتوحا معظم الوقت. وهذا الامر ينسحب على الكتب والملابس المسموح ادخالها للأسرى والعلاج المقدم لهم بتخفيف القيود والشروط المتعلقة بإدخالها، بالإضافة الى توفير دورة مياه داخلية.

ويؤكد أيضا أن هذه التحسينات التي حدثت على شرط المكان في الأسر لم تأت من فراغ، وانما هي نتيجة لنضال الحركة الأسيرة وإضراباتها الموحدة عن الطعام لتحقيق النزر اليسير من مطالبها الإنسانية. والتي لا تملك سوى الجسد للرهان عليه مقابل تحسين ظروف الأسر الذي أجبرت على التواجد فيه.

ويستطرد قطامش بالقول إن عدم توحد الحركة الأسيرة داخل السجون يؤدي إلى عواقب سلبية على الحركة الاسيرة كما يؤدي إلى إفشال الإضرابات عن الطعام، مثل اضراب الحركة الاسيرة عام 2004 الذي لم ينجح بتحقيق مطالبه كلها لأنه لم يكن موحدًا من البداية، فاستغلت مصلحة السجون الصهيونية ذلك بالتضييق على الأسرى، واتخذت إجراءات عقابية تمثلت بمنعهم من التواصل الجسدي مع أهاليهم بوضع حاجز زجاجي بينهم مع هاتف آلي.

كما يشير قطامش إلى أن خصائص الحركة الأسيرة محكومة بعاملين، هما: خصائص الحركة السياسية في السجن والظروف التي تعيشها؛ وسياسات مصلحة السجون والمستويات الأمنية. وهذا العاملان تنتج عنهما فلسفتان متضادتان في السجن؛ الأولى من منظور السجان والثانية من منظور السجين، ففلسفة مصلحة السجن والجهات الامنية تستند إلى تعريف فرويد لغير الاوروبي على انه همجي وعنيف، لذلك فهو لا يخضع إلا بالقوة، وهذا ايضا ما تتبناه الثقافة التوراتية المتشددة التي تستند اليها الحركة الصهيونية في شرعنة وجودها.  أما فلسفة المواجهة والمقاومة المضادة عند الحركة الاسيرة فهي تستند الى تعريف السجن على أنه قلعة ثورية وخندق للقتال تصنع فيه الإرادة والتحدي ويقينية الانتصار.