شيماء وهدان تحيك قصة تميز في الفيزياء من بيرزيت إلى ألمانيا

شكل مساق فيزياء الجسيمات الدقيقة، الذي قدمته جامعة بيرزيت بالتعاون مع المركز العالمي للفيزياء النظرية (ICTP) في إيطاليا من خلال مشروع فيزياء بلا حدود، والذي تنسقه د. وفاء خاطر من دائرة الفيزياء، نقطة التحول الرئيسية في حياة الطالبة شيماء وهدان، التي قررت بعدها استكمال مسيرتها التعليمية في المجال التجريبي لفيزياء الجسيمات الدقيقة.

شيماء وهدان من بلدة طمون في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، درست الفيزياء في جامعة بيرزيت بدرجتي البكالوريوس والماجستير، وتميزت بها، كما وعملت مساعدة بحث وتدريس في دائرة الفيزياء، حصلت خلال دراستها الماجستير على فرصة من جامعة بيرزيت للانضمام إلى فريق بحثي في جامعة فوبرتال (Wuppertal) لمدة ٣ شهور، لدراسة أحد الجسيمات الدقيقة والمسمى بكوارك القمة (top quark)  من خلال منحه شمال الراين وستفاليا في ألمانيا. كما وانضمت أيضا إلى برنامج التدريب الصيفي في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN) في مدينة جنيف حيث عملت على مشروع تحليل بيانات تم جمعها من تجربة CMS للبحث عن جسيمات تتنبأ نظريات التماثل الخارق بوجودها.

تقول شيماء: "قمت بإعداد رسالتي الماجستير بعنوان قياس كتلة كوارك القمة باستخدام بيانات تم جمعه من تجربه ATLAS في جامعه فوبرتال وبإشراف كل من الدكتورة وفاء خاطر و البروفيسور فولفغانغ فاجنر وبدعم مالي من كلتا الجامعتين، وحصلت حديثا على درجة الدكتوراه في فيزياء الجسيمات الدقيقة (Experimental particle physics) من جامعة فوبرتال حيث عملت بحث بعنوان: “Measurement of observables sensitive to colour reconnection with the ATLAS experiment”  والذي تم قبوله للنشر في  المجلة الفيزيائية الأوروبية (EPJC).

وحول التحاقها بجامعة بيرزيت تقول شيماء: " بدأ حبي لجامعة بيرزيت من خلال معلمتي في مدرسة البلدة في طمون، المدرسة عطاف بني عودة"، فهي خريجة بيرزيت وكانت معلمة مميزة بمجال التدريس والشخصية، وزرعت بي أيضا حب بيرزيت، هذا بالإضافة إلى سمعة جامعة بيرزيت الأكاديمية والوطنية، وعند التحاقي بجامعة بيرزيت حصلت على منحة دراسية كاملة، حيث تقدم كلية العلوم منحاً دراسية كاملة للطلبة الحاصلين على معدلات عالية في الثانوية العامة".

حاكت شيماء قصة نجاحها مرتكزة على شغفها بالفيزياء متحدية الكثير من العقبات التي واجهتها، بدءاً بالتحديات المجتمعية والأنماط التي يفرضها المجتمع والتي تعيق من اكمال دراسة المرأة في الخارج، وعن المعيقات الأخرى تقول شيماء: " مع بداية دراستي في ألمانيا لم أكن اتكلم اللغة الالمانية وهذا شكل عائقا في التواصل خارج نطاق الجامعة (دارستي كانت باللغة الانجليزية)، مثلا في المؤسسات الحكومية كالبلدية او مكتب الأجانب، ومن الجانب الآخر الثقافة السائدة، تسود ثقافة ساعد نفسك بنفسك أو بمعنى آخر المبادرة الفردية، ففي مجتمعنا يختلف الآمر، المجتمع الفلسطيني أو المجتمعات العربية بشكل عام مجتمعات متعاطفة ومتكاتفة اكثر.

تستعد شيماء للعودة لفلسطين قريباً، بعد أن حصلت مؤخراً على درجة الدكتوراة لتنقل الخبرات التي اكتسبتها للطلبة الفلسطينيين خاصة في جامعة بيرزيت، وتوجه كلمة لطالبات جامعة بيرزيت بشكل عام، وطالبات العلوم بشكل خاص قائلة: " تمسكنَ بالشغف والإصرار والعمل الجاد، فالتحديات موجودة دائماً، فالوصول إلى النجاح لن يكون سهلاً يوماً، لكن الإصرار والإرادة قادرة على إذلال التحديات وصنع النجاح والتميز".

وفي هذا الإطار، تؤكد عميدة كلية العلوم د. وفاء خاطر على دور المجتمع والمؤسسات المختلفة في توفير بيئة مناسبة وجاذبة للفتيات والنساء للتخصص والاستمرار، وتشير إلى دور جامعة بيرزيت في تشجيع الطالبات ودعمهن لمواصلة تعليمهن الأكاديمي، وعلى ضرورة إعطاء النساء الباحثات الفرص المتكافئة، وتمكينهن من المشاركة والقيادة في الهيئات العلمية والأكاديمية رفيعة المستوى.

وأعربت د. خاطر عن أملها بوجود اهتمام عالمي حالي لتشجيع الفتيات والنساء على التخصصات العلمية، منها أن منظمة الأمم المتحدة قد خصصت يوماً عالميّاً للفتيات والنساء في العلوم ابتداءً من العام 2012 وهو يوم 11 شباط من كل عام، وتتمنى "أن يستمر الكثير منهن في المسيرة مستقبلاً".