المدرسة الشاملة

استجابة لواقع التعليم في فلسطين وحاجته لعناصر تطويرية خلَاقة من أجل النهوض بالمسيرة التعليمية، أيقن مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت وتحديدا وحدة الابداع في التعليم، أهمية العمل على مشروع يلبي هذه الاحتياجات ويرتقي بالحقل الأكاديمي، حيث أسس مشروع "تطوير المدرسة الشاملة" بتمويل من صندوق النقد العربي بإدارة البنك الإسلامي للتنمية وإشراف مؤسسة التعاون. ويهدف هذا المشروع أساسا إلى تأهيل وتحفيز القيادات المدرسية من معلمين وإداريين ومرشدين في سياق دعم نموذج مدرسة تطويرية شاملة، بالإضافة إلى تمكين المجتمع المدرسي من بناء لبنات تعلم تدعم محتوى المنهاج المدرسي و/أو تثريه وتحديدا في موضوعي العلوم والرياضيات. ومع أن المكوّن الأهم لهذا المشروع والذي استهدف أربعة مدارس في القدس كان بناء اللبنات التعليمية، إلا وأن القائمين عليه أولوا أهمية لأربعة مكونات أخرى وهي: تنمية المهارات الإدارية وتعميق المعارف التربوية لدى مدراء المدارس والمشرفين التربويين ورؤساء الأقسام والدوائر، وتدريب المرشدين في المدارس في مجال التوجيه المهني، وتطوير برنامج يدمج الأهالي في العملية التعليمية من أجل تمكينهم في المساهمة في عملية تعليم أبناءهم، ونهاية تطوير نشاطات لامنهجية مرتبطة بالمنهاج المدرسي.

يقول مدير وحدة الإبداع في التعليم د. أسامة الميمي، أن هذا المشروع كان حلم بالنسبة لهم منذ عام 2003، وبعد بحث طويل ومعمق في الوضع الأكاديمي في فلسطين، وبعدما حُدّدت الاحتياجات وسبل إصلاح مكامن الخلل، تم وضع الهدف الأسمى وهو بناء بنك وطني للبنات التعليم من أجل تحسين التعليم.

ويضيف الميمي: "مشكلة التعليم في فلسطين تكمن في عدة مناحي، أهمها أساليب التعليم التقليدية من إسهاب في الشرح والتلقين والحفظ إلى جانب قصور مفهوم التعليم الحديث لدى شريحة واسعة من الأساتذة. والأهم من ذلك، أن المنهاج الفلسطيني وضع على عجالة ويركز على المحتوى العلمي أكثر من مواكبة ذلك بالتركيز على بناء القدرات وتنمية الابداع لدى الطلبة." ومع أنه كان هناك محاولات متعددة لتعديل المنهاج وخرجت بتوصيات حول تصحيح المنهاج، إلا وأنها لم تنفذ، ولذلك رأت وحدة الإبداع في التعلم فرصة لتحقيق ما كانت تحلم به.

200 لبنة جديدة في العلوم والرياضيات

منسقة برنامج التعليم في الوحدة رشا عودة، عرّفت اللبنة بمجموعة من الأنشطة والمصادر لمحتوى المواد التعليمية في المنهاج، تأتي بعدة أشكال كالفيديو والقصص والمقالات وأي أنشطة تناسب المنهاج. ومن أجل تحقيقي هدف المنهاج وهدف المشروع معا، طُوّرت هذه اللبنات بطريقة مبتكرة وجذابة من خلال ربط المنهاج بنماذج ترتبط بقضايا ومواضيع يعرفها الطلبة أو قد سمعوا فيها على الأقل. فمثلا، لشرح درس الجهاز الهضمي والتغذية، تم ربط ذلك بمعركة الأمعاء الخاوية وكيف استطاع الأسرى الفلسطينيين بالصمود لأيام طويلة، وتضيف عودة: "ربطنا المنهاج بالثقافة المحلية، والدين، والحياة اليومية وأية قضايا قريبة على عقل الطلبة وتتناسب مع وقع القرن الواحد والعشرين. خلال هذا المشروع طورنا 200 لبنة، والهدف الأكبر بناء بنك وطني وتزويده بمئات اللبنات لجميع المناهج الفلسطينية ولكل الصفوف، بحيث يستطيع أي معلم/ة الاستفادة منها بغض النظر عن قدراتهم أو أساليب تعليمهم."

وجدير بالذكر أن بناء اللبنات لم يكن عشوائي أو دون دراسة، فكل لبنة بنيت من قبل مصمم تعليم ومعلم مضطلع بالمادة وخبير بالوسائط المتعددة، من أجل انتاج لبنات علمية وهادفة ومبتكرة.

أكثر من 6000 طالب وطالبة استفادوا من المشروع

يقول الميمي أن مثل هذا المشروع كان مكلف جدا في البداية، ولكن ديمومته طويلة وفائدته كبيرة. والأهم من ذلك، أن هذا المشروع نفذ في القدس لأهميتها حيث استطاع القائمون على المشروع ايصال الرسالة الحقيقية للطلبة بعيدا عن ممارسات الاحتلال وتحكمهم في المسيرة الأكاديمية. كما أن هذا المشروع وإن استهدف 4 مدارس في القدس، ولكن فائدته عادت على أكثر من 6000 طالب وطالبة بعدما تم تدريب أكثر من 600 أستاذ/ة من 15 مدرسة تابعة للأونروا ووزارة التربية ضمن المشروع كله. هذا الجهد كان بعلم وزارة التربية والتعليم والتي كانت مهتمة بالمشروع منذ البداية، وستستلم هذه اللبنات من أجل تعميميها على جميع المدارس الفلسطينية، في شهر تشرين الأول خلال مؤتمر كبير سيعلن إنتهاء المشروع في مرحلته هذه.

حلم القائمين على البرنامج لا يتوقف على بناء البنك الوطني فقط، وإنما بدأوا بالتخطيط لتطوير دبلوم تدريبي للأساتذة ليصبحوا قادرين على تطوير لبنات جديدة ومن ثم تعليم أساتذة كيف يستخدمون هذه اللبنات.