حكاية منير فاشه مع بيرزيت

"صباح 5 حزيران 1967، قبل 56 سنة، كنتُ أراقب في الحرم القديم الامتحان النهائي، جاء شخص من الإدارة وقال الحرب بدأت، لا داعي للسرعة لكن أي طالب يسلّم ورقته، قل له يحمل اغراضه ويروّح على بلده. خلص الامتحان وأخدت الأوراق ورحت ع رام الله. كان القصف مولّع هربنا من الشارع ودخلنا عمارة، ظانّين أنها أكثر حماية."

هذه إحدى القصص التي سردها منير فاشه بلقاء نظمته مجموعة يحسن التربوية/ كلية التربية،  بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الجامعة التي بدأت بمدرسة للبنات. شاركَنا منير تأملات من علاقته بالجامعة؛ علاقة بدأت قبل 61 عاما حين بدأ بالعمل فيها كأستاذ للفيزياء والرياضيات. شملت علاقته بالجامعة كونه عميدا لشؤون الطلبة بين 1979 و1981، ثم عام 1986.

 

بيرزيت الجامعة الناشئة المبادرة والجريئة

جانب هام أثاره منير خاصة خلال عقد السبعينيات حول الجامعة حيويتها ومبادرتها رغم حداثة نشأتها، وتمثل ذلك في خبرته الشخصية مع الرياضيات والعمل التطوعي وعمادة شؤون الطلبة. بدأ العمل التطوعي بمنطقة رام الله والبيرة عام 1971 واستمر 10 سنوات (حيث شارك عبد الجواد صالح رئيس بلدية البيرة، وكريم خلف رئيس بلدية رام الله). بعد مضايقات الاحتلال لمجموعات العمل التطوعي، فكّر منير في طرح الفكرة على الجامعة. يتذكر:

"في شهر آذار 1973 كان د. حنا ناصر رئيس الجامعة. جلست معه في مقهى الجامعة بالحرم القديم وعرضتُ عليه فكرة إدخال متطلب للتخرج قيام كل طالب وطالبة بالعمل 120 ساعة في المجتمع يتعرفوا على الحياة وينخرطوا فيها. نصتَ دقيقيتين ثم قال سأعلن ذلك في حفل التخرج في حزيران. الشجر في أول المدخل الجنوبي بالجامعة على اليمين بدأنا بزراعته ذلك العام. رغم تحديد 120 ساعة، إلا أن الجميع كان يعمل مئات الساعات. كانت الروح مذهلة."

"نتيجة عملي مع المدارس لإدخال الرياضيات المعاصرة وبدأَتْهُ الجامعة (73-1978)  صممتُ مساق رياضيات لطلبة العلوم سنة أولى بعنوان الرياضيات في الاتجاه الآخر. جربته عام 78 مع بعض الطلبة المتبرعين على مدى أشهر وقدمتُه لرمزي ريحان نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية الذي وافق عليه (شارك بتدريسه د. مروان عورتاني ونبيل عبدو وديفيد هندرسون (زائر من جامعة كورنل). استمر 3 سنوات. بعد سفري لدراسة الدكتوراه بهارفرد، لم يرُقْ لبعض الأساتذة لاختلافه الشديد عما هو مألوف. المثير بالأمر أن بيرزيت عندها لم تكن بعد غاطسة في دوغما الأكاديميا؛ كانت لا تزال حرّة تفعل ما ترى له معنى بالحياة والواقع. كانت ما تزال تحترم نفسها ولا تجري وراء الاحتذاء بحذاء الغير الذي حذرنا منه خليل السكاكيني. فكرة جوهرية بالمساق ملاحظة المنطق الخفي في الظواهر."

"عام 1986 حين كنت عميدا لشؤون الطلبة، عقدنا لقاء عاما لمناظرة بين المترشحين لمجلس الطلبة حيث طرحتُ عليهم ستة أسئلة. كان عدد الطلبة 2500 حضر المناظرة حوالي ألفان. من بين المرشحين كان مروان البرغوثي. جدير بالذكر أن أول مجلس طلبة بالجامعة عام 1973 كان رئيسه خليل الشقاقي وكنتُ مستشار المجلس والمجالس اليت تبعته. كان عقد السبعينيات والانتفاضة الأولى أروع فترات حياتي، ظهرت بمقال ’الأهالي هم الأمل والحل‘."

عرض منير فكرته حول قيام 5 طلبة بالسير بالماجستير وفق طريق الحكمة؛ طريق تختلف جذريا عما سائد. ويأمل أن يبدأ العمل وفقه شهر أيلول. عرض الفكرة على د. حنا ناصر يوم 28 أيار 2023 وتحدّثا أكثر من ساعة، وعلّق د. حنا بِقوْلهI look favorably at the suggestion ... أي، هو أول شخص له علاقة ببيرزيت رأى أهمية الفكرة.

جانب آخر ميّز عالم بيرزيت بالسبعينيات  كانت نوعية الأشخاص الذين كانت تجذبهم ليزوروها دون دعوة، حيث كانت قِبْلة الشباب من عكا وحتى رفح، كما جذبت أكثر مَنْ حرّك الشباب حول العالم بالستينيات والسيعينيات بما في ذلك: هربرت ماركوزة Herbert Marcuse (عام 1973) صاحب كتاب One-Dimensional Man، وإيفان إلليتش Ivan Illich (عام 1976) صاحب كتاب Deschooling Society.

حضر اللقاء أساتذة وأستاذات وطلبة. وتم اقتراح ترتيب مجموعة لقاءات مع أساتذة وأستاذات، خاصة المتقاعدين ضمن مبادرة المجموعة في إحياء الذكرى المئوية للجامعة.