اطلاق كتاب يروي سيرة تيسير عاروري في حفل تأبينه يوم غد الثلاثاء

يجتمع رفاق وأصدقاء وعائلة المفكّر والمناضل الشيوعيّ تيسير عاروري،، لتأبينه يوم الثلاثاء 11 نيسان/أبريل 2017، في حفل عامّ في تمام الساعة الخامسة والنصف، في مسرح نسيب عزيز شاهين في حرم جامعة بيرزيت، حيث أمضى تيسير أكثر من خمسة عقود كانت شاهدة على عمله الوطنيّ العامّ في عدد من المجالات.

يبدأ حفل التأبين بإطلاق كتاب يجمع 33 شهادة من زملاء وأصدقاء ورفاق تيسير عاروري، مؤرّخين لتجارب شخصيّة معه تغطّي حقبًا مختلفة وجوانب متعددة من شخصيّته الاستثنائيّة ومزاياه الإنسانيّة والعمليّة ومنهج تفكيره. سيتمّ إطلاق الكتاب “تيسير : تاريخ يروي سيرة يصعب ردفها”، يرافقه معرض بصري يحمل ذات العنوان، وهو الذي أحبّ الحياة رغم أعباء العمل السياسيّ والعامّ وظروفه القاهرة، ويضيء على دوره النضاليّ على جبهات عدّة، مثل الاعتقال الإداريّ، والإبعاد، والمفاوضات، والعمل السرّيّ والعلنيّ في بناء المؤسّسات الجماهيريّة وتوحيد القوى الديمقراطيّة، ومحطّات أخرى في حياته.

على وقع مختاراتٍ موسيقية، نستمع إلى كلمات وشهادات لرفاقٍ وأصدقاء تترابط من خلال تقديمٍ يجمع بين فقراتٍ كتبها تيسير، وأخرى لرفاقٍ خطوا لنا بعضاً من ذكرياتهم في الكتاب المذكور، والتي تعكس مجتمعة بعض الرسائل الرئيسة التي خلّفها لنا العاروري من منظور تاريخنا الحديث كشعب مقاوم للاستعمار، وترجمة تجاربه وإرثه واستقصاء العبر، من أجل عدالة اجتماعيّة وفكر تنويريّ في مواجهة التطرّف والفكر الظلاميّ.

الكلمات هي: عن جامعة بيرزيت، يلقيها الزميل في دائرة الفيزياء ومساعد رئيس الجامعة، عزيز شوابكة؛ وعن حزب الشعب الفلسطينيّ الرفيق الأمين العامّ بسام الصالحي؛ وعن الحزب الشيوعيّ الإسرائيليّ الرفيق الأمين العامّ عادل عامر؛ وعن القوى الوطنيّة الزميل محمود العالول، نائب رئيس حركة فتح؛ وعن الجماهير في الداخل الفلسطينيّ الرفيق محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربيّة؛ وعن الأصدقاء ورفاق العمل الأهليّ والمجتمعيّ، الصديق عصام عاروري، مدير مركز القدس للمساعدة القانونيّة وحقوق الإنسان؛ وعن العائلة، زوجته، رفيقه درب النضال الطويل، أمل غضبان-عاروري.
ولد تيسير عاروري في قرية برهام سنة 1946، لعائلة تعتاش على الفلاحة. حصل على شهادة الثانويّة العامّة بالفرع العلميّ من المدرسة الهاشميّة، وكان ترتيبه الأوّل على مدرسته، والـ 18 على المملكة الأردنيّة. على ضوء نشاطه في الحزب وتفوّقه في الثانويّة العامّة، حصل على منحة لاستكمال دراسته الجامعيّة في المعسكر الاشتراكيّ، وحصل سنة 1973 على درجة الماجستير في الفيزياء النظريّة والرياضيات من جامعة موسكو (لومونوسوف). ثمّ عاد ليعمل محاضرًا في جامعة بيرزيت، حيث عمل حتّى وفاته، باستثناء سنوات الاعتقال والإبعاد.

هو مناضل وقائد وطنيّ، ومفكّر ومربّي شيوعيّ بارز. انخرط منذ نعومة أظفاره في خدمة شعبه وقضيّته على مختلف الصعد، ولأكثر من خمسين عامًا. كان من أبرز قيادات الحراك الجماهيريّ، وبذل كلّ ما يملك من جهد ووقت في سبيل تنظيم وتفعيل الأطر المجتمعيّة، وتمكين الفئات المستضعفة، والدفاع عن حقوق الإنسان. هذا ما وصفه تيسير في مقدّمة كتابه قائلًا “مرضي الذي لم أرغب يومًا في الشفاء منه”، ومضيفًا “أعترف بأنّ كلّ هذه المسؤوليّات، مارستها ولا زلت، عن شغف وحبّ ودافعيّة داخليّة تشعرني بالراحة النفسيّة".

عندما اعتقل سنة 1974، كانت تهمته أنّه “يفكّر في عمل شيء ضدّ إسرائيل”. وظلّ تحت الاعتقال الإداريّ مدّة 45 شهرًا، ما دفع مؤسّسة العفو الدوليّة أن تتبنّاه كسجين ضمير. جاء ذلك في ضوء حملة جماهيريّة واسعة، وصلت أصداؤها شتّى أنحاء العالم، للمطالبة بالإفراج عنه، واستمرّت إلى حين الإفراج عنه فعلًا سنة 1978. عاد بعدها إلى التدريس في جامعة بيرزيت.
لكنّ مسلسل ملاحقته من قبل الاحتلال لم يتوقّف، وكانت تهمته الأساسيّة متعلّقة بدوره في بناء المؤسّسات والبنى الجماهيريّة التي ساهم بإطلاق ودعم وتوجيه العديد منها؛ ومن ثمّ دوره القياديّ في القيادة الوطنيّة الموحّدة للانتفاضة المجيدة سنة 1987.
اعتُقل مرّة أخرى بتاريخ 8 آب/أغسطس 1988، في مدينة رام الله، وبعد عشرة أيّام، أبلغ بقرار إبعاده عن الوطن ومعه 26 مناضلًا آخر. فقرر أن يقدّم مرافعته أمام لجنة الاعتراضات العسكريّة، في سجن الجنيد في نابلس، بنفسه، مفنّدًا المسوّغات القانونيّة لتبرير قرار الإبعاد وأسبابه العلنيّة.

كان لإبعاد عاروري صدى عالميّ، ولحملات الضغط المرافقة له أثر مباشر في قرار حكومة إسرائيل بتعليق العمل بسياسة الإبعاد. وفي المنفى، كثّف تيسير عمله من أجل استقطاب تضامن عالميّ أوسع مع قضيّة شعبنا، ولعب دورًا بارزًا في منظّمة التحرير الفلسطينيّة ومفاوضات مدريد وواشنطن.

بعد عودته إلى الوطن، تابع عاروري عمله من أجل خلق قواعد جماهيريّة تحمل لشعبنا الحرّيّة من خلال التعليم، وانخراطه الفاعل في الدفاع عن حقوق الإنسان مع عدد من المؤسّسات والائتلافات الأهليّة، وأخرى سياسيّة، وأكاديميّة، حتّى آخر أيامه. من هذه المؤسّسات: مركز القدس للمساعدة القانونيّة وحقوق الإنسان، والمركز الفلسطينيّ لقضايا السلام والديمقراطيّة، ومؤسّسة فؤاد نصار لدراسات التنمية، ومعهد المعرفة والفكر الاشتراكيّ التابع لها، والحملة الفلسطينيّة للمقاطعة الأكاديميّة والثقافيّة لإسرائيل، واللجنة البلديّة لتسمية وترقيم شوارع مدينة رام الله، وغيرها الكثير.

له عدد من المقالات المنشورة والمقابلات الصحفيّة والمسجّلة، وقد قام بجمع بعض منها في كتاب كان ليكون الأوّل فأصبح الوحيد، سنة 2013، تحت عنوان يحمل رسالته الأساس: “الهزائم ليست قدرًا”. توفّي بتاريخ 26 تمّوز/يوليو 2016، إثر وعكة صحّيّة أثّرت على رئتيه وقلبه. كان تيسير عاروري زوجًا، وأبًا لأربعة.