معهد الدراسات البيئية والمائية....من الريادة المحلية إلى التميز العالمي

لم تكتفِ جامعة بيرزيت بأن تكون قبلة الطلبة الجامعيين الأولى في الوطن، لما تتميز به من كفاءة أكاديمية وجوٍّ يؤهل الطلبة للانطلاق إلى المجتمع مسلحين بالعلم والمعرفة والثقافة؛ فعمدت إلى إنشاء معاهد ومراكز متخصصة، تعمّق المعرفة الأكاديمية، وتربطها بسوق العمل، مستجيبة لحاجات المجتمع الفلسطيني المتنوعة لمجالات محددة، وقد وصل عددها إلى اثني عشر معهدًا ومركزًا للبحوث العلمية، كان لها دور ريادي في تعزيز النقاشات المعرفية التي تتضمن تنمية شاملة للمجتمع.

ويعدّ معهد الدراسات البيئية والمائية أحد هذه البيئات المتميزة في جامعة  بيرزيت، الذي يقدم برنامجي ماجستير في علوم وهندسة المياه والبيئة، مؤطرًا لفكرة الحفاظ على البيئة وتحسين استغلال المياه عبر البرامج التدريبية والأكاديمية والبحثية وبالشراكة مع مؤسسات وطنية واقليمية ودولية عريقة.

مدير المعهد الدكتور ماهر أبو ماضي أكد أن فكرة تأسيس هذا المعهد تعود إلى عام 1994، الذي بدأ كبرنامج تدريبي لبناء قدرات العاملين في قطاع المياه، بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية هولندية. وتطورت الفكرة، عبر برنامجي ماجستير في علوم وهندسة المياه والبيئة تحت إشراف كامل من الطاقم الأكاديمي الهولندي.

وأضاف أبو ماضي أن جامعة بيرزيت أوفدت في إطار البرنامج ثلاثة من الطاقم الأكاديمي لإكمال الدكتوراة، وهم: ماهر أبو ماضي، وعمر زمو، ونضال محمود، وحصلوا على الدكتوراة في هندسة المياه والبيئة، وعادوا إلى جامعة بيرزيت وتسلموا إدارة برامج الماجستير من المشرفين الهولنديين. وتوج هذا الجهد عام 2001 بإنشاء معهد الدراسات المائية. ولم يقف الطموح عند هذا الحد، فأثمر عام 2007 عن إنشاء معهد الدراسات البيئية والمائية، نتيجة تعاون طويل الأمد بين جامعة بيرزيت ومعهد " UNESCO-IHE"  منذ عام 1994.

وتابع أبو ماضي أن الحاجة لوجود معهد متخصص في مجال الدراسات البيئية والمائية هي المسبب الرئيس لوجود هذا البرنامج في جامعة بيرزيت، حيث إن وضع فلسطين المائي الصعب والشح المعرفي في هذا المجال، كانا دافعًا لإيجاد حلول خاصة وملائمة للمناخ وطبيعة الوضع السياسي في فلسطين.

ومنذ تأسيس المعهد، خرجت الجامعة أكثر من 150 طالبًا يحملون درجة الماجستير في علوم وهندسة المياه والبيئة، وأكمل 10 منهم دراسة الدكتوراة في أميركا واليابان وأوروبا، ما فتح نافذة تواصل مع الجامعات والمعاهد العلمية والعالمية الرائدة في مجالات المياه والصرف الصحي والحضري ومعالجة المخلفات السائلة والنفايات الصلبة والاستعمالات المائية في الزراعة.

ووعد أبو ماضي بإطلاق برنامج دكتوراة متخصص، قد يستدعي استقطاب باحثين عالميين وفلسطينيين وعرب.

واستأثرت جامعة بيرزيت بهذا البرنامج منذ عام 1997، وكانت حاضنة لبرامج التعليم العالي في هذا المجال، وعملت على تطوير المعهد وبرامج الماجستير عبر تأهيل طاقم من طليعة حملة درجة الدكتوراة في مجالات المياه والبيئة بكل تفرعاتها، وتم تطوير مختبرات مجهزة بالكامل، إلا أن شراء بعض المعدات الباهظة الثمن للمختبرات كان أحد أهم العوائق في هذا المجال، كما يقول أبو ماضي.

ولمعهد الدراسات البيئية والمائية نشاطات كثيرة ومساهمات مجتمعية من أهمها الإطار التعليمي عبر تقديم برامج الماجستير، والإطار البحثي عبر تبني وتنفيذ مشاريع بحثية مهمة، والإطار التدريبي عبر تقديم برامج تدريبية لبناء قدرات العاملين في مجال المياه والبيئة، والإطار العام عبر تقديم الستشارات لقطاع المياه الحكومي وغير الحكومي مثل سلطة المياه والإغاثة الزراعية.

وتكمن رسالة المعهد الرئيسية في المساهمة بتحسين استغلال المياه من خلال الدراسات والبحوث والتدريب والتعليم والاستشارات، في إطار الشراكة والتعاون محليًّا وعالميًّا، هادفاً إلى المساهمة في حل مشكلات القطاع المائي في فلسطين، عبر تبني برامج أكاديمية وبحوث علمية مميزة وبرامج تدريبية بناءة.

ويطمح معهد الدراسات البيئية والمائية إلى تطوير المزيد من التخصصات الدقيقة في مجال البيئة والمياه، ليكون بيئة أكاديمية حاضنة للأبحاث المميزة والفارقة في هذا المجال، بما يفضي إلى زيادة القدرة على تقديم الاستشارات لقطاعات المياه الفلسطينية.

وفي عام 2014، دعت وزارة التربية والتعليم العالي، بالتعاون مع مجلس البحث العلمي، للمشاركة في منافسة لإنشاء مراكز تميز في الجامعات الفلسطينية، فتقدم باحثون في تخصصات متناغمة ومتكاملة من معاهد في الجامعات الفلسطينية، وكان معهد الدراسات والبيئية والمائية في بيرزيت الوحيد الذي يُرشح من الجامعة ، ونجح في التقييم الاولي وهو الآن بانتظار نتائج التقييم العالمي في فترة قريبة.