اختتام مؤتمر المكانة الجيو –ستراتيجية والسياسية لقطاع غزة

اختتمت مؤسسة الدراسات الفلسطينية، اليوم، أعمال مؤتمرها السنوي الذي نظمته في رام الله وغزة على مدار اليومين الماضيين، بالتعاون مع معهد "ابراهيم أبو لغد للدراسات الدولية" في جامعة بيرزيت، ومركز "الميزان لحقوق الإنسان"، وجاء تحت عنوان "المكانة الجيو –ستراتيجية والسياسية لقطاع غزة".

وانقسمت أعمال اليوم الثاني للمؤتمر، إلى ثلاث جلسات، جاءت الأولى تحت عنوان "مكانة قطاع غزة الاستراتيجية"، وشارك فيها كل من الباحث في مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" المصري محمد جمعة، ورئيس تحرير مجلة "الدراسات الفلسطينية" أحمد سامح الخالدي، وعضو مجلس أمناء مؤسسة "الدراسات الفلسطينية" د. كميل منصور.

وقدم جمعة، مداخلة جاءت تحت عنوان "مكانة قطاع غزة من وجهة نظر مصر"، أشار فيها إلى "أن حماس لديها مصلحة حقيقية في ابقاء السلطة الوطنية في غزة ولو لفترة قصيرة قادمة، كي تتمكن من مباشرة عمليات اعادة الاعمار، وإن وجود حرس الرئاسة على معبر رفح من شأنه تخفيف التوتر بين حماس والقاهرة، والمؤكد أن قيادة حماس تستشعر أهمية ذلك أكثر من أي وقت مضى".

واستدرك في مداخلة من العاصمة المصرية باستخدام تقنية "فيديو كونفرنس": لكن الاقرار بهذه الحقائق، لا يعني أن عناصر الاصطدام قد لا تتغلب في مرحلة من المراحل على حوافز الوحدة ومزايا التعايش، فحماس ستمضي في طريق بناء قدراتها العسكرية بشتى الأشكال والأساليب، وفي المقابل فإن السلطة بحكم تعريفها ومكانتها، وبموجب الاتفاقات السابقة، وشروط التهدئة الجديدة وآلياتها، مكلفة ببذل كل جهد لإثبات الجدارة، ومنع ازدواجية القرار الميداني، أقله في مناطق التماس على طول الحدود الشمالية والشرقية للقطاع مع اسرائيل.

وقال: إن غزة ليست مرشحة فقط لحرب قادمة مع اسرائيل ربما بعد عامين من الآن، وانما تبدو مرشحة ربما قبل ذلك التاريخ لفتنة داخلية أو اقتتال داخلي، ووحدها انتفاضة الضفة يمكنها أن تغير جزئيا في هذه المعادلة، ذلك أن اشتعال المواجهة مع اسرائيل على نطاق واسع في الضفة، وربما داخل الخط الأخضر، ضمن انتفاضة سلمية، ستقطع الطريق على الفتنة الداخلية في غزة، أو ارجائها على أقل تقدير.

وأشار الخالدي في مداخلته "اسرائيل –قطاع غزة: التحولات في الاستراتيجيا العسكرية والأمنية الاسرائيلية"، قدمها بالإنابة عنه الصحافي هشام عبد الله، إلى أن "اسرائيل لا تزال تبحث عن حل للتحدي الغزي، والمعضلة الأمنية الاستراتيجية التي يمثلها القطاع".

واستعرض جانبا من التغيرات التي شهدها الفكر الأمني الاسرائيلي خلال العقود الماضية، خاصة فيما يتعلق بالقطاع، وابقاء السيطرة عليه عن بعد، كما هو حاصل حاليا.

وقال منصور في مداخلته "مكانة قطاع غزة في المشروع الوطني الفلسطيني: مخاطر الفصل بين الضفة والقطاع"، "إن مكانة القطاع تشكل دون غيرها دافعا أساسيا لإعادة بناء النظام السياسي، مهما كان الخلاف بشأن ماهية المشروع الوطني".

وتحدث عن رؤية وتأثير مصر واسرائيل كفاعلين أساسيين مؤثرين في البيئة الاستراتيجية المتصلة بالقطاع، مشيرا إلى وجود صراع غير معلن بين كلا البلدين بخصوص القطاع، حيث يحاول كل منهما القاء مسؤوليته للآخر.

واستدرك: ما يظهر من التوافق في السياسة ذاتها ازاء القطاع، قد يكون محاولة من كليهما لإلقاء مسؤولية تجويع القطاع على الآخر.

وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان "التحديات الاقتصادية واعادة الاعمار"، وتحدث فيها مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية "ماس" د. نبيل قسيس، والمحاضرة في معهد "الاستجابة الإنسانية والنزاع" في بريطانيا ساندرا بوجودا، والناطق الإعلامي باسم وكالة الغوث الدولية في القطاع عدنان أبو حسنة.

وقال قسيس في مداخلته، وجاءت تحت عنوان "التداعيات الاقتصادية واعادة الإعمار بعد الحرب على قطاع غزة": لقد آن الأوان، خاصة بعد الذي حصل في القطاع، والذي لا يعدو كونه استمراراً لما حصل قبل ذلك في كل أماكن صمود الشعب الفلسطيني، أن يدرك العالم، أن ما بين الفلسطينيين وإسرائيل ليس نزاعاً يمكن حلّه بأساليب حل النزاع من مفاوضات، أو تخفيف حدته بتمويل مشاريع إعمار أو إعادة إعمار وما شابه، بل هو اعتداء تأتّى عليه سلب حقوق يجب التعاطي معه بالطرق الكفيلة برد الحقوق جميعها إلى أصحابها وإعمال القانون الدولي وكل ما يتيحه لتحقيق ذلك.

وأضاف: العالم لم يدرك هذا بعد، وهو متجه لتدفيع الفلسطينيين ثمناً سياسياً، مقابل المساعدة في إعادة الإعمار، وفي مثل هذا الوضع، يجب ألّا تجرّنا عملية إعادة الإعمار، على الحاحيتها، بعيداً عن الهدف الذي آن الأوان للتركيز عليه بكل الطرق، ألا وهو هدف إنهاء الاحتلال.

واستدرك: لقد جرى انعقاد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار في 12/10/2014، والسؤال الملح هو متى سيعقد المؤتمر الدولي من أجل إنهاء الاحتلال؟.

وقدمت بوجودا، مداخلة بعنوان "اعادة الاعمار في قطاع غزة: التلاعب والحكومة والمقاومة"، أشارت فيها إلى أن تنفيذ عملية اعادة الاعمار في القطاع يمثل تحديا.

وأوضحت أن عوامل مثل التسييس ومصالح قوى ولاعبين مختلفين يمكن أن تدفع إلى استمرار الوضع القائم، الذي يجعل امكانية الشروع في اعادة الاعمار، مسألة معقدة للغاية.

أما أبو حسنة، فتحدث عن دور الوكالة الإغاثي خلال الحرب على القطاع وبعدها.

وفي الجلسة الثالثة والأخيرة، وجاءت تحت عنوان "التحولات الاجتماعية وتبعات الحصار والحرب"، شارك كل من الباحث في "المعهد الوطني للدراسات الديمغرافية" الفرنسي يوسف كرباج، والمحاضر في جامعة "بيرزيت" د. أباهر السقا، والمحاضر في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر في جامعة "كاليفورنيا" بأميركا توماس هيل.

وقدم كرباج، مداخلة بعنوان "التحديات الديمغرافية"، أشار فيها إلى وجود فوارق ديمغرافية بين أهالي الضفة والقطاع، مبينا أنه لا يجب التقليل من أهميتها.

ورأى أنه لن يكون هناك بصيص أمل لأهالي القطاع، إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن.

وركز السقا في مداخلته وجاءت تحت عنوان "التغيرات الاجتماعية في قطاع غزة"، على عدد من المسائل المتعلقة بالتحولات التي شهدها القطاع، بما أدى إلى ما سماه "أسلمة المجتمع".

كما نوه إلى أهمية الأنفاق كوسيلة مقاومة في مواجهة الحصار الإسرائيلي من جهة، وكأداة ساهمت في إيجاد شرائح اجتماعية ثرية جديدة، تعمل على تغير الخارطة الاجتماعية الاقتصادية للمجتمع في القطاع.

وقدم هيل، محاضرة بعنوان "اشكالية التضامن مع غزة كرمز"، تساءل فيها عن فرص اندلاع انتفاضة جديدة.