رسالة من رئيس الجامعة إلى أسرة الجامعة بمناسبة انطلاق الفصل الثاني 2023-2024

 

الزميلات والزملاء الأعزاء،

مع انطلاق الفصل الثاني للعام الأكاديمي 2023-2024 أتمنى لكل منكم التوفيق في أعماله ومساعيه، ونحن نخط صفحات جديدة في مسيرة صرحنا العزيز الذي نعتز بالانتماء إليه، والعمل على هدي رؤيته ورسالته، سيما ونحن نعايش هذا العام مئوية الجامعة، التي تعود جذورها للعام 1924، حيث بدأت كمدرسة، وكبرت واتسعت مع مرور السنوات لتصبح إحدى أهم وأعرق المؤسسات التعليمية التي أنجزها شعبنا، بالرغم من المصاعب الكبيرة والعقبات المتعددة؛ جامعة أيقونية تزهو بتميزها الأكاديمي وانخراطها المجتمعي والتزامها الوطني وانفتاحها الحضاري الإنساني.

وكما عايشنا سوياً، فقد كان الفصل الأول غير عادي بأحداثه وتحدياته، حيث تزامن فيه بدء العدوان الهمجي لجيش الاحتلال على قطاع غزة مع نهاية عملية الحذف والإضافة وتثبيت تسجيل الطلبة، مما اضطر الجامعة للانتقال إلى التعليم عن بعد، تحت وطأة الاعتداءات والجرائم المتواصلة من الاحتلال ومستوطنيه على امتداد الوطن، والتي تم خلالها الاعتداء على حرمة الجامعة، وتم اعتقال العديد من الطلبة والعاملين فيها، والذين نتمنى لهم عاجلا الفرج، ومعهم سائر الأسرى والمعتقلين. وانطلاقاً من مسؤولية جامعة بيرزيت الأكاديمية والمجتمعية والوطنية، ومع العودة للتعليم الوجاهي فقد أطلقت الجامعة مع بداية الفصل الحالي مبادرتها للمؤازرة وإعادة الأمل لطلبة قطاع غزة وجامعاته التي تعرضت لتدمير واسع، سعياً للمساعدة في استئناف العملية التعليمية والبحثية من خلال ثلاثة مسارات؛ دعم البنى التحتية والتعاضد المؤسساتي، والقيام بأنشطة التعليم الجامعي والتدريب الأكاديمي والإشراف على مشاريع وأطروحات الطلبة، والشراكة في الأبحاث التطبيقية بين باحثي جامعة بيرزيت وباحثي الجامعات في القطاع والجامعات العالمية. وفي هذا الصدد فقد قطعت الجامعة شوطاً هاماً في بلورة الخطط التنفيذية للمبادرة، والتي سيتم المباشرة بها قريباً، وسيتم التواصل مع أسرة الجامعة أولاً بأول من أجل تجنيد الطاقات والخبرات خدمة لهذه المبادرة الجليلة.
 

أسرة الجامعة المحترمون،

على الرغم من المصاعب، إلا أن أسرة الجامعة وهيئاتها واصلت العمل الحثيث وأحرزت العديد من الإنجازات خلال الأشهر الماضية على مستويات مختلفة ضمن متابعة تنفيذ التدخلات للأولويات المقرة في نطاق التوجهات الاستراتيجية للجامعة.

على صعيد التطوير الأكاديمي، تم اعتماد أو إطلاق عدد من البرامج الجديدة على مستويات الدبلوم المهني والبكالوريوس والدراسات العليا. كذلك، فقد استمرت الجامعة في توسيع نشاطات البحث والنشر العلمي، وحاز عدد من الأساتذة والطلبة على جوائز تقديرية من جهات متعددة داخلياً وخارجياً. وفي إطار التخطيط والتطوير لتعظيم الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية في خدمة العملية الأكاديمية والادارية، فقد عقدت تدريبات وورش عمل وتم إقرار عدة سياسات وإجراءات تخدم هذا التوجه. وعلى الصعيد الاداري فقد تم إقرار عدد من الأنظمة والتعليمات والإجراءات، ويجري نشر وتعميم كافة الإجراءات الإدارية والمالية لتعريف مجتمع الجامعة بها. كما تمت دراسة ومراجعة هيكليات عشرات الوحدات من كليات ومعاهد ومراكز لأغراض تطويرية. أما على صعيد التدخلات المجتمعية، فقد بدأ العمل على بناء قاعدة بيانات للمؤسسات الفلسطينية وللأكاديميين الفلسطينيين في الشتات من أجل تجسيد خطط عمل واضحة للتصور المفاهيمي والاستراتيجي بأن جامعة بيرزيت هي جامعة كل الفلسطينيين، والاستفادة من مهارات وخبرات الأكاديميين في تلبية احتياجات مشاريع الجامعة المجتمعية. وعلى صعيد تطوير الحرم الجامعي، فإنه يجري بلورة عدد من الخطط والتوجهات ضمن رؤية الجامعة لحرم أخضر وذكي، ويجري استحداث التعليمات والسياسات اللازمة لذلك، بالتزامن مع مواصلة أعمال الصيانة، والقيام بعدد من مشاريع البناء والإنشاء وتركيب الخلايا الشمسية وتأهيل الحرم الجامعي لذوي الإعاقة. وعلى صعيد تعزيز الموارد، فإن المساعي تتواصل من أجل تأمين المنح والمساعدات اللازمة كي لا يحرم من فرصة التعليم أي من الطلبة بسبب أوضاعهم الاقتصادية، وكي تتمكن الجامعة من ايجاد التمويل المطلوب للقيام بالتطوير في المجالات المختلفة.

 

الزميلات والزملاء الأعزاء،

ندرك جميعاً أن التعددية والانفتاح على الاختلاف وقبول الآخر هي سمات فارقة للحياة في مجتمع جامعة بيرزيت، وتلك سمات تكرست عبر السنوات الطويلة من الممارسة الرشيدة، وانبثق منها كيمياء فريدة تربط الإنسان بالمكان وتعزز أواصر أفراد ومكونات الجامعة بعضهم ببعض. وفي هذا الإطار فقد شهدت الجامعة خلال الأسبوع الماضي انتخابات الهيئة الإدارية لنقابة العاملين، وبهذه المناسبة أتقدم لنقيب العاملين وأعضاء الهيئة الإدارية المنتخبين بخالص التهنئة على ثقة العاملين بهم، متمنياً لهم التوفيق في الاضطلاع بمسؤولياتهم. وفي ذلك فرصة للتأكيد على التزام الجامعة بأن تبقى فضاءً حراً وتعددياً، وعلى ضرورة الاستفادة من الإرث المتراكم للعمل النقابي والإداري والتجارب والممارسات خلال الفترات السابقة من أجل تعزيز الحوار البناء والمنفتح، وتمتين أواصر الشراكة والمسؤولية بين مكونات الجامعة كل ضمن صلاحياته، والمحافظة على رصانة التعامل ورقي لغة الخطاب، بما ينسجم مع قيم الجامعة وثقافتها، والتي تتجلى في مدونة السلوك التي تم تحديثها مؤخراً بالشراكة مع مجتمع الجامعة.

ختاماً، أتمنى للجميع فصلاً أكاديمياً مثمراً، وعملاً موفقاً كل في موقعه، من أجل رفعة الجامعة واستمرارها في أداء رسالتها العظيمة، آملاً أن ينتهي العدوان البشع في أقرب فرصة، وأن تتكلل بالنجاح مساعي شعبنا نحو الحرية والعدالة والاستقلال الوطني.

الدكتور طلال شهوان
رئيس الجامعة