في زمن الأزمات يمتحن الإنسان: جامعة بيرزيت وأزمتها

في زمن الأزمات يمتحن الإنسان.  
في زمن الأزمات تمتحن الشعوب.  
وفي زمن الأزمات يمتحن المجتمع – أفرادا ومؤسسات.  
واليوم، تمتحن جامعة بيرزيت نتيجة تعرضها لأزمة طغت عليها لأسباب خارجة عن النطاق العام للمشاكل الإدارية التي تواجه مؤسسة بحجم جامعة بيرزيت.
قام طلبة الجامعة بجنزرة أبوابها قبل بضعة أيام وذلك في سعيهم لحل بعض قضاياهم الداخلية. وهذه بدعة لحل المشاكل أصبحت للأسف مقبولة في المجتمع الفلسطيني. و»مقبولة» هو تعبير متواضع نوعا ما إذ إن بعض الفصائل الفلسطينية لا تشجب الحدث، بل على العكس، فإنها تقوم بتوفير الطعام ولوازم النوم للطلبة المعتصمين ما يساعد على استمرارهم في عملية جنزرة الجامعة ومنع الأساتذة والموظفين والطلبة من دخولها. 
وكلمتي، اليوم، ليست موجهة للطلبة فقط. وأنا أعرف أن لديهم مطالب وهذه أمور يمكن حلها دائما بالتعاون مع عمادة شؤون الطلبة. ولكني أوجهها أيضا إلى إخواني في الفصائل الذين أعرفهم شخصيا وأقدرهم وأحترم نضالهم ولكنني أقول لهم بصراحة، إنني لا أتفهم مغزى دعمهم لجنزرة الجامعة. وإن كان دعم الجنزرة ليس مقبولا في أي وقت فهل تدركون أن ما يحدث حاليا هو خطر بيئي يساهم في تفشي جائحة كورونا بين الطلبة حيث إنهم ينامون ويتجمعون في مكان ضيق ومزدحم؟ هل تتحملون بالفعل ما قد يحدث في ظل الأوضاع الصحية المرعبة؟ أنا لا أحاول أن أدغدغ العواطف حول الجائحة. بل أقول، إن جزءا من مسؤولياتكم الدائمة هو العمل على فتح الجامعة وليس دعم جنزرتها. وتصبح المسؤولية أكبر وأدق في ظل أزمة الجائحة. 
أما الشق الآخر من أزمة الجامعة، فيتعلق بنقابة العاملين والتي تدعو مراراً إلى تعليق الدوام في الجامعة لأبسط الأمور والأسباب. وبالرغم من أن النقابة منتخبة ولها كامل الصلاحية في إبداء الرأي والتصرف في الحالات المستعصية والقانونية فقط، وبعد الحصول على موافقة الجمعية العامة للعاملين، إلا أنه يجب أن تأخذ قرار تعليق الدوام بحكمة وروية حيث إن لهذا الإجراء أبعادا خطيرة على العملية التربوية في الجامعة.
جامعة بيرزيت هي جامعة رائدة، وقد قامت منذ نشأتها (كمدرسة) قبل حوالي مائة عام على مُثل أخلاقية ووطنية في آن واحد وجذرت مفاهيم حرية الرأي والديمقراطية في مجتمعها. ويدرك ذلك طلبتها وخريجوها وأساتذتها وكل من عمل فيها.  
هنالك حاليا أزمة في جامعة بيرزيت، نحن في غنى عنها. وفي زمن الأزمات يمتحن الإنسان وتمتحن الشعوب والمجتمعات - أفرادا ومؤسسات. واليوم، نأمل أن ينتصر الوعي وتخرج جامعة بيرزيت من أزمتها برايات النجاح. وأنا متأكد أن إدارة الجامعة تبذل قصارى جهدها للحوار البناء مع جميع الأطراف. ولهذا أتوجه بنداء للطلبة وللنقابة: حافظوا على جامعة بيرزيت وابقوها مفتوحة. فهذا بحد ذاته قد يكون من أهم الإنجازات التي يمكنكم التفاخر بها حاليا ولاحقا.