ندوة حول منهاج العلوم الاجتماعية في التعليم المدرسيّ

نظّم معهد دراسات المرأة، بالتعاون مع دائرة المناهج والتعليم في كلية التربية، يوم الاثنين 2 كانون الأول 2019 ندوة بعنوان "منهاج العلوم الاجتماعية في التعليم المدرسيّ رؤية نقدية تحليلية"، استضاف فيها كلًّا من أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيت لحم، وسام الرفيدي، والكاتب والباحث مهند عبد الحميد اللذين عرضا دراستيهما حول التعليم المدرسي والمناهج. وأدار الندوة د. جهاد الشويخ، وهو عضو هيئة أكاديمية في دائرة المناهج والتعليم بكلية التربية-جامعة بيرزيت.

تحدّث مهند عبد الحميد في مداخلته عن دراسته المعنونة "المناهج المدرسية بين استثمار الرأسمال البشري وهدره" مؤكّدًا في البداية على أن موضوع المناهج المدرسية يمسّ مجتمعًا بأكمله وليس خاصًّا بوزارة التربية والتعليم وأن هنالك ضرورة لإعادة النظر في مناهج وفلسفة التعليم، خصوصًا في ظل الوضع الفلسطيني القائم الذي يتطلب تقوية العامل الذاتي الفلسطيني وتعزيز مناعته وصموده. وأشار عبد الحميد إلى العديد من مخرجات التعليم التي لا توحي بالتقدم ومواكبة الحداثة وتعكس ثقافة جيل بأكمله، مركزا على الهوية الجامعة ومنظومة الأخلاق السائدة والتمييز ضد المرأة وقيم التسامح والتعايش والتعددية بكل أشكالها ووضع القيود على العقل في مجال المعرفة والعلم.   

من جهته، تحدث وسام الرفيدي عن دراسته "الرواية الفلسطينية للتاريخ: تاريخٌ منسيٌّ ومكوّنات مشطوبة" حيث قام بمراجعة نقدية لكتب منهاج التاريخ المدرسيّ التي أُقِرَّت في العام 2018 مُحَلِّلًا لنصوص كتب التاريخ من الصف السادس حتى الصف الثاني عشر. وأوضح الرفيدي أن دراسته قد استندت إلى ثلاثة مفاهيم نظرية أوّلها الخصوصية بما تعنيه من "كون الشعب الفلسطيني خاضعًا للاستعمار الصهيوني الاستيطاني، وبالتالي فالتعليم يجب أن يخدم بناء مقومات شخصية وطنية قادرة على الصمود ومقاومة هذا المشروع، ودون ذلك يكون التعليم خارج السياق." وأضاف أن "هنالك روايتين تتصارعان حول التاريخ، الرواية الصهيونية لتاريخ المنطقة والرواية الفلسطينية؛ وبالتالي يتوجب علينا من وجهة نظر أكاديمية ووطنية تثبيت روايتنا التي تكمن أهميتها في أنها تصبح جزءًا من الذاكرة الجمعية التي تشكل أهم مقوِّمات الهوية الوطنية". وربط الرفيدي المفهوم النظري الثاني "العقلانية" بالقراءة النقدية للتاريخ والنظر إليه من غير "رومانسية" أو "تقديس" بحيث "يوضع على طاولة التشريح".

أما المفهوم الثالث الذي استندت إليه دراسة الرفيدي فهو "التعليم التحرّري" الذي يوضّح "هدفنا من التعليم في ظل الخصوصية التي نعيشها، وهو خلق إنسان منحاز للنضال ضد الاحتلال والمشروع الصهيوني، إنسان يملك عقلية نقدية" عمادها "التساؤل باعتباره مدخلاً للمعرفة". كماأضاء الرفيدي على "مكوّنات أساسية من التاريخ، قومية وعرقية وإثنية ودينية وطائفية، قد شطبت من كتب التاريخ المدرسية بما ينفي عن التاريخ تعدّديته التني تمنحه حيويته". وثمّن الرفيدي تناول كتب التاريخ المدرسية "لمفاصل رئيسة من تاريخ المقاومة الفلسطينية بثوراتها المتعددة وحركات التحرر والثورات في الجزائر والصين وكوبا وفيتنام"، وكذلك "تناول الإجراءات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني عمومًا، والأسرى السياسيين الفلسطينيين خصوصًا". وفي المقابل، أشار إلى "التغييب الصريح للروايات النقيضة للرواية الرسمية للسلطة السياسية المتعلقة باتفاقية أوسلو."

اختتمت الندوة بمشاركات من الحاضرين تساءلت حول وجود رؤية تعليمية واضحة لدى وزارة التربية والتعليم تعكس الحاجة لبناء إنسان ضمن خصوصيته الفلسطينية الخاضعة للاستعمار الاستيطاني الصهيوني وأجمعت على ضرورة تغيير المناهج وأساليب التربية.