قصة جامعة - بيتي الثاني

إنه لمن دواعي سروري أن تسنح لي فرصة استرجاع صلاتي التي أعتز بها مع جامعة بيرزيت، أو بالأحرى كلية بيرزيت كما أذكرها في ذلك الوقت.

وإنني فخور بشكل خاص بالدور القيادي الشجاع والنبيل ضد الاحتلال الصهيوني، إما من خلال الكتابة أو بالتحرك النشط، أو في توعية الطلاب وبث روح الوطنية والواجب فيهم ليهبوا دفاعاً عن وطنهم الحبيب. في كثير من الأحيان، كان مجرد التدريس يتطلب قدراً كبيراً من الجرأة والتصميم والإرادة في مواجهة القمع الوحشي.

صورة قديمة لطلبة جامعة بيرزيت أمام كلية بيرزيت التي تأسست سنة 1924، والتي درست فيها السيدة فريال ارشيد

أمضيت كل سنوات دراستي في كلية بيرزيت. ولأنها المدرسة الوحيدة التي تلقيت فيها تعليمي، فهي كانت بمثابة «بيتي الثاني» بكل معنى الكلمة. لم يكن معي سوى واحد من أقاربي في أيامي الأولى في بيرزيت، وكنت أنظر إلى عائلة ناصر وكأنهم عائلتي.

تطغى على ذكريات الأيام الأولى في بيرزيت شخصية مميزة هي مديرتنا السيدة فارس. كانت تقول بضع كلمات تكفي لبث الرعب وتحقيق الطاعة الفورية من كل التلاميذ. هذه الكلمات هي «خلص يا حبوب». ما تزال هذه الكلمات ترن في أذني حتى الآن! ولكن حتى في تلك السن المبكرة، كان باستطاعتي أن ألمس روحها الطيبة والمرحة الكامنة خلف ذلك المظهر الجدي والمتسلط.

كنت أحب كل المعلمين والهيئة التدريسية الذين كانوا يملأون المدرسة نشاطاً - مدرس البيانو أمين ناصر، وسامية ناصر التي كانت أمينة الصندوق وريما ناصر التي كانت ذات شخصية متميزة وخاصة، وحنا ناصر قدوتي ومثالي في جامعة بيرزيت. لقد سنحت لي فرصة إقامة علاقة وطيدة مع حنا ناصر خلال فترة إقامته في الأردن، حين كان يعمل ويضغط من أجل الكلية وضد الاحتلال، مما زادني به إعجاباً فوق إعجاب.

كانت مغادرة بيرزيت تجربة حلوة ومرة في الوقت نفسه. لكن الوقت كان قد حان. إلا أنني حملت معي هدايا لا تقدر بثمن ما زلت أحملها معي حتى يومنا هذا، وهي حب التعلم، والأمل، والحماسة في مواجهة التحديات، والإحساس الكبير بالانتماء، والاعتزاز بتراثنا وبوطننا الحبيب.

بارك الله بيرزيت وحفظها سالمة ومزدهرة لأجيال كثيرة قادمة من الطلاب المليئين بالفخر والامتنان إن شاء الله.

__________