مركز دراسات التنمية يختتم فعاليات اللقاء الوطني الأول لمشروع "شباب من أجل التغيير"

اختتم مركز دراسات التنمية في جامعة بيرزيت بالشراكة مع هيئة خدمات الأصدقاء الأمريكيّة فعاليات اللقاء الوطني الأوّل لمشروع "شباب من أجل التغيير" والذي عقد في مركز جبل النجمة للتأهيل في مدينة رام الله، وفندق المتحف في غزّة، واستمرّ على مدار أربعة أيّام متتالية من 11-14 أيار 2017.

وشارك في اللقاء 50 شابّ وشابّة من فلسطين 1948 والضفة الغربية وقطاع غزّة وناقشوا موضوعات مختلفة تتعلّق بالهوية الوطنية الجمعية والصور النمطية المتمخّضة عن التجزئة الجغرافية الناجمة بفعل الاستعمار وحواجزه وحصاره المفروض على قطاع غزّة.

افتتح اللقاء بكلماتٍ تعريفيّة عن جامعة بيرزيت ومركز دراسات التنمية واهتماماته البحثية التي تسعى إلى تعميق مفاهيم التنمية وربطها بسياقها العملي من خلال تقديم أطر نظرية ومفاهيمية تتحرى واقع التنمية في فلسطين، والذي يشمل دراسة التفاعلات بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للتنمية، إضافةً إلى اهتمام جامعة بيرزيت الخاص بالطلبة الفلسطينيّين في الداخل المحتل عام 1948، وتشجيعها لهم على الانخراط بها وبالمساحات الوطنية والأكاديميّة التي توفّرها الجامعة كمنصّة وطنية فاعلة على المستويات المختلفة.

كما وتم التعريف بهيئة خدمات الأصدقاء الأمريكيّة-كويكرز ودورها المبكّر في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين إبّان نكبة 1948، حيث أولت هيئة الأمم المتحدة لها توفير المساعدات الإنسانيّة للاجئين، وكيف اعتذرت الهيئة عن تقديم خدماتها عندما أيقنت أنّ عملية الإغاثة ما هي إلّا تعميق وتأصيل لعملية اللجوء بدون فرص عودة مرتقبة إلى ديارهم. كما شملت المقدمة التعريفية نبذة عن المشاريع التي تدعمها الهيئة؛ حيث تدعم الهيئة المشروع الرافض للتجنيد الإجباري المفروض على شباب الطائفة الدرزية في الداخل المحتل ضمن حملة أرفض شعبك يحميك، كما تقوم بالتعاون مع جمعية المهجرين لتشبيكهم مع لاجئين فلسطينيين في الشتات لتقديم تصوّراتهم وأفكارهم حول العودة.

في البدء، قامت المجموعة بتعبئة استمارة معرفية عامّة تضمّنت أسئلة تعطي مؤشّرات حول المعرفة والإلمام والاطلاع على قضايا سياسية وثقافية واجتماعية في المناطق الثلاثة في فلسطين التاريخيّة، وتتلمّس الأثر الذي يلعبه الاستعمار في تعميق الفصل والحصار القائم على الوعي الهويّاتي لأعضاء المجموعة. وبعدها قام أعضاء المجموعة ببناء بطاقة الهويّة الخاصّة بهم للإشارة إلى المرجعيات السياسية والثقافية والاجتماعية التي يعرّفون أنفسهم بها ويتعاملون من خلالها مع الحيّز من حولهم.

كما تضمّن اللقاء عملية تتبع لمسار الهويّة واللحظات الفارقة التي أسهمت في بلورة الوعي بالهوية السياسة والوطنية لكل فرد من أفراد المجموعة. ويأتي هذا في سبيل تشكيل صورة أوسع عن المحطّات الهامّة في تاريخ القضيّة الفلسطينية، وذلك بالعودة إلى سنوات ولحظات لم يعشها المتطوّعون بأنفسهم مثل نكبة 1948 ونكسة 1967، إضافة إلى الانتفاضة الأولى ومن ثمّ أوسلو فالانتفاضة الثانية، والانقسام السياسي بين قطبي السلطة في الضفّة الغربية وقطاع غزّة، والحروب المتتالية على قطاع غزّة، وصولًا إلى إضراب الأسرى في الوقت الراهن.

ومن ثم دار نقاش حول مقالة فيصل درّاج حول الهوية الثقافية الفلسطينية كإطارٍ معرفيّ ومفاهيميّ لما خاضته المجموعة على مدار اليومين السابقين. وقد حدثت ونقاشات معمّقة وهامة بين أعضاء المجموعة تتعلّق بالآخر الفلسطيني والآخر العدو، والشرط اليومي لكلّ مجموعة فلسطينية حيث تواجدها، والنقاش عمّا إذا كان هناك هوية فلسطينية واحدة أم هويّات فرعية متعددة ضمن راية هذه الهويّة. كما وتمّ التطرّق إلى الأفكار المسبقة والصور النمطية اتجاه كل مجموعة، حيث أنّ عددا كبيرا من أعضاء المجموعة أكدّوا أنّ هذه هي أوّل مرة يلتقون بها بفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية وفلسطين 1948.

ومن الجدير بالذكر، أنّ برنامج "شباب من أجل التغيير" يجمع بين مجموعة من الشباب الفلسطيني على اختلاف مناطق تواجده في فلسطين التاريخيّة لمناقشة قضايا تتعلّق بالهوية الوطنية الجمعية. ويسعى إلى تحدّي الشرذمة والتجزئة المفروضة بفعل الاستعمار والتغلّب عليها من خلال دمج المشاركين والمشاركات بنقاشات معمّقة حول قضايا تمسّ الهوية الوطنية الجمعية على الأصعدة الثقافية والسياسية والاجتماعية، الخ. ويسير نحو توفير مساحات جديدة للشباب لتطوير مواقف ورؤى مشتركة وترجمتها إلى واقعٍ ملموس. يستهدف البرنامج شبّانًا وشابّات من الضفة الغربيّة وقطاع غزّة وفلسطين 1948، وسيستمّر لمدّة ثلاثة سنوات بواقع لقاء شهري إضافة إلى اللقاءات الوطنيّة التي ستعقد مرّتين في السنة، لتعزيز الوعي بالتشظية الجغرافية والشرذمة الاجتماعية الناجمة عنها وسُبل مواجهتها.