د. عبد اللطيف أبو حجلة: "جامعتنا العريقة لن تضيق على كلية طب"

 أكد رئيس جامعة بيرزيت د. عبد اللطيف أبو حجلة أن لا تغيير على أقساط الطلبة في السنة الدراسية المقبلة رغم الأزمة المالية التي تعانيها الجامعة؛ موضحًا أن ميزانية الجامعة العام الماضي بلغت حوالي ٣٠ مليون دينار، بعجز يقارب الـ ٣ ملايين دينار، كاشفا أن انخفاض سعر صرف الدولار والدينار حاليًا يفاقم الأزمة.

وأضاف أبو حجلة في حوار خاص مع "القدس" أن "مساهمة الحكومة قليلة جداً وهي في تراجع، فالمبلغ الذي تعهدت الحكومة بتحويله للجامعات في موازنتها هذا العام زهيد ويبلغ 20 مليون دولار، حصة «بيرزيت» منه ١.٤ مليون دولار".

وكشف أبو حجلة أن «بيرزيت» تعد لاستحداث برنامج ماجستير في الإعلام، وتخطط لإنشاء كلية طب، قائلاً: "جامعتنا العريقة لن تضيق على كلية طب، وقد كان بإمكاننا منذ عقود استحداثها، لكننا فضلنا التريث آنذاك، ولا أذيع سرًا أننا ندرس ونعد، رغم قرار مجلس الوزراء عدم منح أي تراخيص لفتح كليات طب جديدة في الجامعات".

وعن انتخابات مجلس الطلبة المرتقبة مطلع شهر أيار القادم، بين د. أبو حجلة أن الاستعدادات متواصلة لتنظيمها -كما جرت العادة- في أجواء نزيهة، وأن دور الإدارة والعاملين يقتصر على التنظيم والإشراف. مشددًا في سياق متصل على رفضه الاعتقال السياسي في أي بقعة من الوطن، وذلك تعقيبًا على اعتصام طلبة "الكتلة الإسلامية" في حرم الجامعة.

وبين د. أبو حجلة أن مجموع المساعدات المالية المقدمة للطلبة غير المقتدرين في الجامعة لا مثيل له في الجامعات المحلية الأخرى، مشدداً على أن «بيرزيت» ستبقى متاحة لكل طبقات المجتمع، وأن "المال لم ولن يقف حائلًا أمام الطالب، في حال كان مستواه الأكاديمي يسمح بدخول هذا الصرح".

وقال "نستغرب كيف تمنح وزارة التربية والتعليم العالي ترخيصًا لثلاث جامعات، بينها جامعتان خاصتان واحدة في سلفيت والأخرى في ضواحي القدس، في ظل وجود جامعات قائمة توفر مقاعد دراسية تزيد عن الحاجة".

وتحدث د. أبو حجلة عن مكانة الجامعة في التصنيفات الأكاديمية العالمية، وواقع التوظيف في الجامعة، وأبدى رأيه في نظام التوجيهي الجديد، وتطرق للتسهيلات التي تتيحها الجامعة لطلبة مدينة القدس وضواحيها. وفيما يلي نص الحوار كاملاً:

■ في طريقنا لمكتبكم وجدنا حرم الجامعة ورشة بناء.. إلى أين تتجه "بيرزيت"؟

- ننفذ عدداً من المشاريع داخل الحرم الجامعي حاليًا، إذ دشنا الأسبوع الماضي مبنى كلية رياض توفيق الصادق للحقوق والإدارة العامة الذي سيخدم 1600 طالب في ثلاث دوائر تضم عشرة تخصصات، ويجري العمل في بناء مدرج علي الحاج الرياضي حيث يتسع لنحو ألف شخص، ونواصل العمل في مبنى سمير عويضة الذي سيحتضن كلية الفنون، بالإضافة إلى الحديقة التكنولوجية الفلسطينية الهندية، والتي ستضم عددًا من المباني بتبرع هندي قيمته 12 مليون دولار ساهم في توفيره للجامعة سيادة الرئيس محمود عباس. أيضًا نعد لسكن الطالبات الذي سيؤمن السكن لقرابة 700 طالبة وهو بتبرع سعودي.

وأطلقنا أخيرًا عدة برامج أكاديمية بينها برنامج الماجستير في القانون والاقتصاد، هو الأول من نوعه في فلسطين والوطن العربي من حيث الفلسفة وهندسة المساقات، بعد أن حصلنا على اعتماد الهيئة الوطنية للاعتماد والجودة تحت مظلة وزارة التربية والتعليم العالي، وندرس ونحضر لإطلاق برنامج ماجستير في الإعلام، ونتمنى أن يرى النور قريبًا.

نحن نواصل مسيرة التحديث والتطوير في "بيرزيت" بما يليق بعراقتها ومستواها المتقدم محليًا وعربيًا لتبقى في الطليعة، والأهم أننا نسعى للتقدم في مكانة الجامعة عالميًا رغم الصعوبات؛ فاليوم لدينا 101 برنامج تشمل الدكتوراه في العلوم الاجتماعية وهو برنامج منفرد على مستوى المنطقة، وإننا لنفخر بأن 63.6% من طلبة جامعتنا إناث.

■ للبحث العلمي أهمية بالغة في تقدم الدول، ماذا عنه في فلسطين وخاصة في "بيرزيت"؟

- الموازنات التي ترصد للبحث العلمي محليًا محدودة وليست بالقدر المطلوب ولا مجال للمقارنة مع الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا مثلًا، ولكن، نحن هنا في "بيرزيت" نشجع الهيئة التدريسية والطلبة على البحث العلمي، ونساعدهم في أكثر من اتجاه، ولا سيما إنتاج أبحاث لها قيمة علمية وذات جودة، وهذا عامل من العوامل يضع "بيرزيت" في موقع متقدم في مختلف التصنيفات العالمية.

ونعتبر أن البحث العلمي ليس ضروريًا فحسب للتطور الأكاديمي للأساتذة والباحثين، بل هو أيضا جزء مهم من العملية التعليمية لطلبة الدراسات العليا والبكالوريوس. ومن هذا المنطلق، فإن لجنة البحث العلمي بالجامعة منفتحة أيضاً على المشاريع المقدمة من قبل الطلبة.

أؤمن شخصيًا بأهمية البحث العلمي، فحتى وأنا في هذا المنصب الإداري واصلت إعداد الأبحاث، وكان لي بحث أنجزته بعد تسلمي لهذا المنصب نهاية 2015.

■ كيف تنظرون إلى مكانة الجامعة اليوم في التصنيفات الأكاديمية العالمية؟

- حصلنا على المرتبة الأولى على مستوى الجامعات الفلسطينية في تصنيف QS العالمي، بمرتبة متقدمة ضمن أفضل ٥٠ جامعة عربية، وهي بذلك تكون أول جامعة فلسطينية تدخل هذا التصنيف، الذي يعتبر من أهم التصنيفات العالمية. موقعنا متقدم في مختلف التصنيفات، وما نسعى إليه تحقيق مرتبة متقدمة عالمياً وليس فقط على الصعيدين المحلي والعربي.

■ ولكن؛ "النجاح الوطنية" تتقدم في تصنيف (Webometrics)؟

- صحيح، ولكن أود التوضيح أن هذا التصنيف يركز بشكل أساسي على المواقع الإلكترونية للجامعات. ذات الموقع أجرى تصنيفاً الصيف الماضي استند على معطيات منصة الباحث العلمي (Google Scholar) والتي تتضمن عدد الاقتباسات التي حصلت عليها الأبحاث العلمية المنشورة للباحثين ولأساتذة الجامعات، وقد حصلت جامعتنا على المرتبة الأولى فلسطينيًا. ألفت الانتباه هنا إلى أن بعض التصنيفات تظلم الجامعة بسبب اعتمادها على الأبحاث من حيث الكم فقط، دون الانتباه إلى مضمون وجودة الأبحاث، ودون الاهتمام لنسبة الطلبة إلى أعضاء الهيئة الأكاديمية التي تبلغ في بيرزيت 24:1 وهي نسبة نفتخر بها.

■ نشعر بتنافس محتدم بين الجامعات المحلية... كيف تراه؟

- التنافس حالة طبيعية وإيجابية، وتجمعنا العديد من المشاريع المشتركة. معظم الجامعات في الضفة والقطاع هي عامة أو حكومية، وبالتالي هدفنا واحد.

تربطنا علاقة تعاون مع مختلف الجامعات في عدة تخصصات وأنشطة، على سبيل المثال، لدينا ماجستير الهندسة الكهربائية بمساريه "هندسة الاتصالات وهندسة الطاقة البديلة" هو حصيلة تعاون بين ثلاث جامعات؛ "بيرزيت" وبوليتكنك فلسطين في الخليل وجامعة فلسطين التقنية "خضوري" في طولكرم. ويساهم هذا البرنامج في تطوير البحث العلمي في تخصص الهندسة الكهربائية، وتعزيز العلاقة بين الجامعات والقطاع الخاص. وعبر صحيفة "ے" أدعو مختلف الجامعات للتعاون فيما بينها وإطلاق برامج دكتوراه مشتركة على غرار ذلك، فهذا أيسر وأكثر جدوى.

■ تواجهون أزمة مالية منذ سنوات.. إلى أين وصلت؟ وكيف تتغلبون عليها؟

- الأزمة المالية متواصلة؛ هناك عجز في موازنة الجامعة بسبب الفارق بين مجموع النفقات، ومجموع الإيرادات التشغيلية من أقساط الطلبة والمنح التي نتحصل عليها؛ فميزانية الجامعة العام الماضي بلغت حوالي ٣٠ مليون دينار، بعجز بلغ أكثر من ٢.٨ مليون دينار، وهذا العجز يضاف إلى العجز المتراكم في السنوات السابقة. كما أن انخفاض سعر صرف الدولار والدينار حاليًا يزيد من الأزمة؛ لأن الطلبة يدفعون أقساطهم بالدينار -بسعر الصرف حين الدفع- وفي المقابل الجامعة تدفع رواتب الموظفين بسعر دينار ثابت أمام الشيقل يساوي 5,6.

نتغلب على هذه الأزمة بأننا نحاول قدر الإمكان التقشف في النفقات، فالتوظيف متوقف ونستتثني منه الهيئات التدريسية عند حاجتنا لمدرسين، أما بالنسبة للوظائف الإدارية والخدماتية فنلجأ إلى نقل العاملين بين الأقسام والبرامج.

■ كيف تقيم دور الحكومة في دعم الجامعات ماليًا؟

- مساهمة الحكومة ضئيلة جداً وهي في تراجع؛ المبلغ الذي تعهدت الحكومة بتحويله للجامعات هذا العام زهيد ومجموعه 20 مليون دولار، حصة "بيرزيت" منه ١.٤ مليون دولار، لاحظوا هذه المساهمة الضئيلة من الحكومة مقارنة مع ميزانيتنا الكبيرة، وأضيف: حتى اللحظة (تم إجراء الحوار قبل يومين) لم يجر تحويل هذه المستحقات.. نطالب الحكومة بزيادة الدعم المقدم للجامعات والالتزام بصرفه.

■ من الواضح أيضًا أن الدعم المالي العربي والدولي المقدم للجامعة تراجع؟ ما هي جهودكم في هذا الاتجاه؟

- نعم، تراجع على جميع الجامعات الفلسطينية. في السابق، كان الاتحاد الأوروبي مثلا يدعم موازنة الجامعات مباشرة، لكن عند نشوء السلطة تحول الدعم إلى وزارة التربية والتعليم العالي.

لكننا لا نيأس، نتواصل ونحاول استقطاب رجال أعمال فلسطينيين وعرب في الدول العربية والعالم، وقد نجحنا في جلب العديد، بيد أن تبرعاتهم تذهب للمشاريع التطويرية وتدشين المباني والتي نسميها بأسمائهم تخليدًا لهم وتقديرًا لعطائهم، فلا يوجد متبرع يرضى أن تذهب تبرعاته للتكاليف التشغيلية كرواتب الموظفين، وهذا مفهوم.

■ ولكن، لماذا لا تبادرون إلى مشاريع ربحية تعود بالنفع على الجامعة أسوة بنظيراتها عربيًا وعالميًا؟

- حقق مجلس الأمناء اختراقًا في هذا المجال، وأثمرت هذه الجهود بتأسيس وقفيات تعود على الجامعة بأرباح تساهم في تقليل العجز في موازنة الجامعة، وما زال المجلس يدرس ويفكر في مشاريع أخرى مساندة.

■ تعطل الدوام في الجامعة من قبل الطلبة خلال السنوات القليلة الماضية أكثر من مرة وأحيانًا لفترات طويلة، هل سيتكرر الأمر الصيف المقبل؟

- أبدأ من حيث انتهيت، أملي أن لا يتعطل الدوام نهائيًا، تقويم الجامعة لا يتحمل، وقد توصلنا في الفصل الدراسي الأول إلى تفاهمات أفضت لوقف الإضراب، وأؤكد لكم أن لا تغيير على الأقساط مع بداية العام الدراسي القادم.

■ ألا ترون أن حلولكم تأتي أحيانًا على حساب الطلبة؟

- لا، لا يدفع الطالب سوى نصف تكلفة دراسته في أحسن الأحوال، على الجامعة تكاليف تشغيلية وتطويرية يجب أن تدفعها، وفي المقابل إيراداتها محدودة، الطالب المقتدر يجب أن يدفع التكلفة المالية مقابل حصوله على الدرجة العلمية، أما الطالب المحتاج ماليًا فنساعده.

■ هل ما زالت أبواب جامعة بيرزيت متاحة لكل طبقات المجتمع؟

- بكل تأكيد، فقد قدمت الجامعة ووفرت مساعدات مالية للطلبة خلال العام الدراسي الماضي بقيمة 5.4 مليون دولار، وهو رقم قياسي لن تجده في أي من الجامعات المحلية، وقد استفاد من هذه المساعدات نحو 3 آلاف طالب وطالبة.

"بيرزيت" مفتوحة أمام كل طبقات المجتمع وستبقى، ما يهمنا أولاً وأخيرًا هو المستوى الأكاديمي والمعرفي للطلبة الذين نقبلهم في هذا الصرح وهذا لا يمكن أن نحيد عنه.. خريجونا معرفون بمستواهم وعقولهم المتفتحة أينما ذهبوا وهذا فخر للجامعة ولا يمكن أن تغامر بالتخلي عنه.

■ اتحاد نقابات العاملين الجامعات أعلن فعاليات احتجاجية، ما تعقيبكم؟

- نتمنى أن يتم التوصل لحل معقول، أحد مطالب الاتحاد دفع مستحقات الجامعات المتراكمة على الحكومة، وقد تلقينا من معالي الوزير د. صبري صيدم إشارات إيجابية في هذا الاتجاه.

■ برأيكم، هل رواتب الهيئة التدريسية والعاملين لديكم مُنصفة؟

- نعم، في حدود المتاح؛ الرواتب لدينا هي مشابهة للجامعات المحلية الأخرى، وفق الكادر الوظيفي الموحد المطبق على العاملين في مختلف الجامعات العامة في الضفة والقطاع.

العام الماضي تم التوصل لتفاهمات مع نقابة الموظفين في الجامعة حسّنت رواتبهم لكنها أثقلت الميزانية. نحن نتفهم المطالب، ولكن أيضاً هناك واقع صعب يجب أن نتفهمه جميعًا.

■ ماذا عن معايير النزاهة وتكافؤ الفرص في التوظيف؟ وعلى الهامش، خريجون متفوقون اتهموا الجامعة بعدم الالتفات إليهم سواء باستقطابهم لديها أو بمساندتهم لإكمال مسيرتهم الأكاديمية في الخارج.. ما تعقيبكم؟

- بشكل عام، التوظيف الأكاديمي مستمر، أما التوظيف الإداري فهو متوقف منذ سنوات بفعل الأزمة المالية، ونلجأ إلى التدوير بين الدوائر والأقسام، ويتم التوظيف بموجب إجراءات واضحة. دعني أوضح لكما، أن الكثير من الوظائف التي نعلن عنها لا نجد متنافسين، وذلك بسبب المتطلبات الدقيقة والنادرة لهذه الوظائف، بل إن هناك وظائف أعلنا عنها ولم نجد متقدما لها، فبعض التخصصات العلمية النادرة نجد صعوبة في إيجاد شواغر لها.

وبالنسبة للكفاءات التي نخرجها ولا نعيدها لخدمة الجامعة؛ أحيانا لا نستطيع ذلك بكل أسف، لأن إمكانية التوظيف كمساعدي تدريس محدودة وهذا بسبب الأزمة المالية، كما أسلفت.

■ خسرنا في الأسبوع الماضي عالمًا فلسطينيًا هو البروفيسور علي نايفة في ظل عدم اهتمام رسمي بهذا العالم وغيره، لماذا برأيك هذا التجاهل لعلمائنا في الخارج؟ وما هو السبيل لتجنيد خبراتهم في مؤسساتنا؟

- نستذكره وإسهاماته الرائدة (رحمه الله)، لقد شارك في مؤتمرات نظمتها الجامعة في السابق، الجامعة لم تنس يومًا هؤلاء وقد احتضنت العديد منهم كالأكاديمي الفلسطيني الأميركي الراحل د. إبراهيم أبو لغد، وغيره، لا شك أن إجراءات الاحتلال هي العائق الأساسي في استقطاب الكفاءات الفلسطينية في الخارج. تعلمون؛ ليس من السهل دخولهم إلى هنا وحتى السماح بإقامتهم هنا.

وبالمناسبة، دأبت الجامعة على استضافة هؤلاء الرواد والمفكرين والعلماء لإفادة الطلبة بخبراتهم وإطلاع المجتمع على إنجازاتهم في شتى المجالات.

■ في شأن متصل، تواجه "بيرزيت" وسائر جامعات الوطن بين الفينة والأخرى اعتداءات سلطات الاحتلال.. كيف تواجهون هذه الاعتداءات المتكررة؟

- اعتداءات الاحتلال لا تتوقف بحق جامعاتنا، حرم "بيرزيت" له نصيب وافر من الاقتحامات المتكررة المخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية، يقتحمون الحرم الجامعي ويصادرون ممتلكات الحركات الطلابية من يافطات ورايات وما شابه، يغلقون الطرقات ويعرقلون حركة الطلبة والهيئة التدريسية والعاملين، وأيضاً يعتقلون الأكاديميين والطلبة.. والعديد من الاعتداءات الأخرى (...) بالمحصلة، نحن لسنا منفصلين عن معاناة شعبنا من الاحتلال.

ونواجه الإجراءات الإسرائيلية عبر فضحها إعلاميًا ونقلها للمؤسسات الحقوقية والدولية، وفي مجال الاعتقالات، لدينا محام يتابع حالات الاعتقال قانونيًا أمام محاكم الاحتلال.

■ ينظر كثيرون إلى انتخابات مجلس اتحاد الطلبة في "بيرزيت" بكثير من الأهمية باعتبارها مؤشرًا يدلل على مدى تأييد كل فصيل من فصائل العمل الوطني.. ما هي تحضيراتكم لإجرائها؟

- على الدوام ظل للانتخابات الطلابية هنا الأهمية والرمزية. في العادة، تشارك مختلف الأطياف في انتخابات مجلس الطلبة. دورنا يقتصر على تنظيمها وفق أجواء حرة ونزيهة. في الخارج يهتمون كثيرًا بأبعاد النتائج، نحن لا نتدخل إلا بتنظيمها فقط، ونتعامل مع مجلس الطلبة المنتخب بغض النظر عن الانتماء السياسي لأعضائه، وأشير في هذا الجانب إلى أن عمادة شؤون الطلبة تواصل تحضيراتها للانتخابات المتوقع إجراؤها مطلع شهر أيار القادم.

■ "الكتلة الإسلامية"، ذراع حركة حماس الطلابي، أعلنت اعتصامها المفتوح في حرم الجامعة ضد احتجاز الأمن لثلاثة طلاب من نشطائها.. وتطالبكم بالتدخل، ما هو دوركم وموقفكم حيال ذلك؟

- نحن نرفض الاعتقال السياسي هنا وفي أي بقعة من الوطن، ومن المعروف أن دورنا وتأثيرنا يبقى محصورًا داخل الحرم الجامعي، ولكن، رغم ذلك، نتواصل مع الجهات الرسمية لوقف تلك لملاحقات عندما تكون على خلفية نشاطات طلابية. أود أن أشير هنا إلى أننا نتغاضى عن هذا الاعتصام رغم أن مجلس الأمناء قرر في السابق منع أي تواجد للطلبة في حرم الجامعة خارج أوقات الدوام. للأسف، الانقسام السياسي الحاصل هو أساس كل هذه النتائج، ونتمنى أن ينتهي بأسرع وقت ليجنبنا هذه المظاهر المؤسفة.

■ هناك من يرى أن بعض التخصصات لا جدوى لها اليوم، وهناك تخصصات لا تجد أصلاً إقبالاً عليها؟ كيف تتغلبون على ذلك؟

- هذا صحيح جزئيًا، يوجد تخصصات أصبح في السوق الفلسطيني فائض من خريجيها، ولكن علينا أن لا ننظر فقط إلى السوق المحلي؛ فالكثير من خريجينا يذهبون للعمل في الخارج كالدول العربية وخاصة الخليجية وهناك حال سوق الوظائف مختلف.

في نفس السياق؛ نحن نحدّث برامجنا ونطورها أولًا بأول، كل سنة لدينا تخصصات وبرامج جديدة تواكب حاجة السوق، وكلية الفنون ستضم تخصصات جديدة وفريدة، كذلك، نشارك في مشروع "إيراسموس بلس" الذي يقوم على تحسين جودة التعليم في الجامعات عبر إدخال التعليم الذكي للعملية التعليمية.

■ لو تحدثنا عن جهودكم بتوظيف خريجيكم سيما في ظل نسب البطالة المرتفعة؟

- جهودنا في أكثر من مسار يقودها مكتب الخريجين وخدمات المهنة؛ نشارك في فعاليات توظيف الخريجين التي تنظمها مؤسسات متعددة، كما أن لدينا برنامجا تدريبيا في كلية الأعمال والاقتصاد وفي طريقنا لتعميمه على باقي التخصصات، بحيث يتدرب الطالب في مجال تخصصه قبل تخرجه وبالتالي مساعدته في الحصول على وظيفة فور التخرج من الجامعة.

■ ما نظرتكم للعلاقة مع الحكومة ووزارة التعليم العالي خاصة؟

- ساهمنا منذ نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية في تأهيل موظفيها وما زلنا عبر العديد من البرامج والتدريبات التي نقدمها من خلال دوائر ومراكز ومعاهد الجامعة.

علاقتنا مع وزارة التربية والتعليم العالي وهيئاتها قائمة على التعاون، نحن كجامعة عريقة نصغي جيدًا إلى توجيهاتهم. "بيرزيت" تمتثل للقانون والأنظمة دومًا؛ لم نطلق برنامجًا دراسيًا في يوم من الأيام دون الحصول على موافقة الهيئة الوطنية للاعتماد والجودة.

لكن، لدينا ملاحظات؛ نحن نستغرب كيف تمنح الوزارة ترخيصًا لثلاث جامعات جديدة، بينها جامعتان خاصتان؛ واحدة في سلفيت والثانية في ضواحي القدس، مع أن هناك جامعات قائمة بما يكفي في كل محافظات الضفة وعدد المقاعد الدراسية التي توفرها يفوق الحاجة.

■ تمت استشارتكم بشأن نظام التوجيهي الجديد؟ هل لك ملاحظات عليه؟

- استشرنا كجامعة وزودناهم بملاحظاتنا عليه. كأكاديمي رأيي بأن نظام الثانوية الجديد ورغم التعديلات التي استجدت عليه لم ينجح في إزالة تصنيف الطلبة ضمن قالبي "علمي" و"علوم إنسانية"، وبالطبع أغلب الطلبة يذهبون للعلوم الإنسانية بسبب مواجهتهم صعوبات في إحدى المواد العلمية ما يجعل عدد خريجي هذا التخصص هم الأغلبية كل عام، رغم عدم الحاجة لهكذا عدد.

وجهة نظري في هذا المجال أننا بحاجة إلى كسر هذا التصنيف؛ لماذا لا يخير طلبة الثانوية في المواد التي يرون أنها مجال تخصصهم بالجامعة مستقبلا، لماذا يجبر الطالب على التخصص في فرع العلوم الإنسانية فقط لأنه ليس قويًا في مادة الأحياء مثلاً؟ أليس بإمكانه اختيار المواد العلمية الأخرى والتخصص مستقبلاً في كلية الهندسة إن أراد، ما الذي يمنع؟

■ هل تضيق "بيرزيت" على استيعاب كلية طب؟

- جامعتنا العريقة لن تضيق على كلية طب، وقد كان بإمكاننا منذ عقود استحداثها، لكننا فضلنا التريث آنذاك، اليوم، لا أذيع عليكما سرًا أننا نخطط ونعد لإنشاء كلية طب، رغم قرر مجلس الوزراء عدم منح أي تراخيص لفتح كليات طب جديدة في الجامعات الفلسطينية.

لقد استغربنا هذه القرار غير المبرر، فوجود جامعة بيرزيت على مشارف مدينة رام الله وقرب مدينة القدس، حيث تحتضن المدينتين الكثير من المشافي والمراكز الطبية ما يجعل الحاجة ملِّحة لوجود كلية طب ثانية هنا، خصوصًا أن الجامعات الأخرى تخالف الاعتمادات الممنوحة لها وتخرج أكثر من العدد المسموح.

■ ما حال علاقاتكم الأكاديمية عالميًا؟

- لدينا برامج تعاون وتبادل أكاديمي وطلابي مع عدد كبير من جامعات العالم، وأيضاً لدينا عدد لا بأس فيه من المدرسين والمحاضرين الذين يكملون دراساتهم العليا في جامعات مرموقة في الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وغيرها. وخريجونا لا يواجهون صعوبات في إكمال الدراسة في أي من جامعات العالم.

■ أين مكانة القدس في جامعة بيرزيت.. هل تأخذون بعين الاعتبار خصوصية المدينة وضواحيها؟

بحكم الموقع الجغرافي القريب جداً وعراقة الجامعة وخصوصية القدس، فإن نسبة لافتة من طلبة الجامعة هم من مدينة القدس وضواحيها. الجامعة حريصة كل الحرص بالتسهيل عليهم، فهناك جهود تبذل من عدة جهات من أجل استحداث خط حافلات ينقل الطلبة مباشرة من مركز مدينة القدس إلى حرم الجامعة. ومن جانب آخر، للجامعة تعاون وثيق مع مستشفيي المطلع والمقاصد. وفي مجال المساعدات المالية المقدمة للطلبة، نأخذ هذه الخصوصية بعين الاعتبار، بل إن بعض رجال الأعمال يبادرون ويضيفون على المنح المقدمة للطلبة المحتاجين، جزءاً يخصص فقط للمقدسيين.

■ تتولى رئاسة جامعة فلسطينية عريقة ولها تاريخ حافل.. كيف تقيم عملك في هذا المنصب بعد عامين إلا نيف من وجودك في هذا المكتب؟

- أن تكون في منصب كهذا يفرض عليك الكثير من المهمات والالتزامات، الكثير من الجهد والكثير من المسؤولية، لم أكن بعيداً قبل استلامي لهذا المنصب عن هذه الأجواء لأنني عملت نائبا لرئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية وقبل ذلك عميدًا لكلية العلوم، لكن حاليا المسؤولية أكبر في كل شيء.

 

المقابلة نقلا عن صحيفة القدس، أجرى الحوار: محمد أبو لبدة ومحمود عوض الله