جامعة بيرزيت.. حاضنة أكاديمية مهيأة للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة

لم تكن الإعاقة يوماً عائقاً أمام الطلبة للالتحاق بجامعة بيرزيت. ويمكن لأي طالب أن يلتحق بالجامعة وفق معدله في الثانوية العامة، وسيجد ذوو الاحتياجات الخاصة أن الجامعة وفرت لهم وسائل الدراسة المريحة التي تأخذ بالحسبان احتياجاتهم.

27 طالباً توفر لهم الجامعة جميع متطلباتهم واحتياجاتهم، انطلاقاً من مسؤوليتها الاجتماعية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة وعملت على احتوائهم ودمجهم وتمكينهم.

ومنذ تأسيسها، استقبلت الجامعة عشرات الطلبة من ذوي الاحتاجات الخاصة، وعاما بعد عام، زاد اهتمامها بهم، ووفرت لهم كل ما يحتاجون إليه. ومؤخرا، أعدت ملفاً خاصاً بهم لمتابعة شؤونهم الأكاديمية والشخصية، وتشرف عليه المرشدة الاجتماعية بالجامعة سامية حوامدة.

تقول حوامدة إن الطلاب الـ27 ينتمون لكليات مختلفة، وتتنوع إعاقاتهم ما بين السمعية والبصرية والجسدية، وأوضحت أن عمادة شؤون الطلبة، وتحديدا ملف ذوي الاحتياجات الخاصة مسؤولة عنهم منذ لحظة التحاقهم بالجامعة وحتى تخرجهم منها، وتعمل الجامعة على مساعدتهم بشتى الطرق، من خلال توفير كتب بريل أو الكراسي المتحركة للمحتاجين منهم، بالإضافة لتوفير طلبة متطوعين يساعدونهم على التنقل والإجابة على إمتحاناتهم وكتابة محاضراتهم، وذلك بالتعاون مع برنامج العمل التعاوني في عمادة شؤون الطلبة.

وأوضحت أن هناك بعض المباني القديمة غير المؤهلة لاستقبال الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، لذلك، تعمل على نقلهم منها، وتتعاون مع المكتب الهندسي بالجامعة لإعادة هيكلة هذه المباني قدر الإمكان لتلائم الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة لتوفير المرافق الخاصة بهم بجميع المباني الجديدة التي يتم العمل عليها داخل الحرم الجامعي.

وكشفت حوامدة أن عمادة شؤون الطلبة تقوم سنويا بعمل مسح اجتماعي للمحتاجين، وتقدم لهم المنح والمساعدات المالية، وتوفر لهم أحيانا مكان المعيشة والمواصلات والطعام، وأكدت أن جميع ذوي الاحتياجات الخاصة بالجامعة هم من أسر متواضعة وبسيطة وبحاجة لمساعدات مالية ومعنوية.

وأكدت أنها تتعامل مع الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل اعتيادي كباقي الطلاب ولا تميزهم عن غيرهم، وتعمل على دمجهم مع المجتمع الجامعي من خلال أنشطة مختلفة مثل العزف والغناء وتعزيز مواهبهم وإظهارها. وقالت إنها على اتصال دائم مع عائلات الطلبة لمعرفة احتياجاتهم وتوفيرها لهم، وتعمل أيضا على مراسلة الأساتذة وتقديم تفاصيل كاملة لهم لحثهم على مساعدة الطلبة والاعتناء بهم.

وأكدت حوامدة أن هدف شؤون الطلبة بالمستقبل هو احتواء جميع أنواع الإعاقات بما في ذلك الإعاقات السمعية، وتوفير مدرسي لغة إشارة لهم، بالإضافة لسعيها لتوفير المعونات الحكومية والدراسة المجانية لهم.

وأكدت أن الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة يتمتعون أحيانا بقدرات تفوق باقي الطلبة، فبعضهم يتمتع بقدرات غنائية جميلة وبعضهم الآخر يتفوق أكاديميا مثل الطالب الكفيف محمد العملة الذي تربع على عرش التفوق الأكاديمي منذ دخوله للجامعة وحتى اليوم.

ولم يمنع فقدان نعمة البصر محمد العملة من المضي قدما في تحقيق أحلامه، فالتحق بتخصص اللغة العربية المفضل لديه وأبدع به وقدم أداء مبهرا بشتى المواد، وأكد أن طموحه لن يقف عند هذا الحد، بل سيكمل دراسته العليا فور تخرجه.

خطأ طبي حرم العملة من نظره، فنقص الأكسجين عند عملية الولادة أتلف لديه شبكية العين، ولكنه لم يتلف أحلامه، بل على العكس، زاده إصرارا ورغبة على تحقيق أهدافه وأحلامه، وأكد أن الجامعة تساعده دائما بتوفير كتب بريل التي يحتاج إليها، وأظهر سعادته وارتياحه بأجواء الجامعة ومعاملة الطلبة والموظفين.

وتمنى العملة أن توفر له الجامعة طريقة ما لتسهيل تنقله بين الكليات بدلا من اعتماده على الطلبة المتطوعين، وأضاف أن تخصصه يحتاج دائما لبعض الكتب والمصادر الخارجية التي لا يتمكن من الوصول إليها، وتأمل أن تساعده الجامعة على توفيرها له بطريقة بريل، وكشف أنه يشارك أحيانا ببعض النشاطات اللامنهجية التي تنظمها الجامعة لذوي الاحتياجات الخاصة مثل لعبة كرة الهدف الخاصة بالمكفوفين.

ونصح العملة جميع الطلبة بمواصلة سعيهم وراء أحلامهم وطموحاتهم بغض النظر عن الصعوبات التي يواجهونها، فالأحلام برأيه لا تعرف المستحيل، وأكد أنه لم يفقد الأمل نهائيا في إيجاد العلاج المناسب له، وإلى أن يحدث ذلك سيسعى دائما لمحاربة الصعوبات ليصل إلى كل ما يتمناه.

أما محمد الخطيب الذي فقد هو الآخر نعمة البصر، فلم يقتصر تفوقه على المجالات الأكاديمية فقط، وإنما امتد إبداعه ليشمل ميادين ومجالات متعددة داخل الجامعة وخارجها، فعمل كمقدم برامج وشارك بالعديد من الأعمال التطوعية وحصل على عدة جوائز في التطوع، ويُخطط الآن لإطلاق إذاعته الخاصة، ليشكل بذلك نموذجا يحتذي به جميع ذوي الاحتياجات الخاصة. 

وقال الخطيب إنه اختار بيرزيت لأنه يرى بها الجامعة الأمثل والوحيدة القادرة على مساعدته لتحقيق أحلامه والوصول لأهدافه، وأضاف أن الروح الاجتماعية الجميلة بين طلابها وموظفيها هو ما شجعه على الالتحاق بها، وأكد أن الجامعة تعمل حاليا على توفير الجو المناسب له، وتلبي جميع احتياجاته ومتطلباته، وعبر عن سعادته بتعامل المعلمين معه، الذين لا يشعرونه بالفرق بينه وبين زملائه.

وبيّن أنه يسعى دائما لأن يكون عضوا فاعلا بالمجتمع، وتأمل أن يتمكن من إكمال دراسته العليا في الجامعة بتخصص الدراسات الإسرائيلية، وأضاف أن الإنسان هو من يصنع إعاقته بأفكاره السلبية وهو الوحيد القادر على إنهاء وجودها بداخله. وشدد على ضرورة التأقلم مع الحياة بغض النظر عن الظروف المحيطة. 

لا تكتفي بيرزيت بالتفوق الأكاديمي والحصول على مراتب متقدمة في التصنيفات المحلية والعربية والدولية، ولكنها تعمل جاهدة على توفير بيئة طلابية تناسب جميع الطلبة بغض النظر عن ظروفهم الشخصية والجسدية، وتسعى دائما لدمج جميع الطلبة وتمكينهم وإعطائهم فرصة بالحياة، وإرجاع الأمل لديهم بعدما لفظتهم العديد من المؤسسات داخل الدولة.