محاضرة عامة بعنوان "العدالة الإنتقالية ونظرية المصالحة"

عقدت دائرة القانون في كلية الحقوق والإدارة العامة يوم الأربعاء 7 كانون الأول 2016 محاضرة عامة بعنوان "العدالة الإنتقالية ونظرية المصالحة" ألقاها الخبير الدولي في العدالة الانتقالية وأستاذ القانون الدستوري في جامعة “PAU” الفرنسية البروفيسور جان بيير ماسياس.

  وقال ماسياس أن المجتمع الفلسطيني يعاني من مشكلات عديدة تقودنا للتفكير بالعديد من الدول التي واجهت نفس الظروف أحيانا مثل جنوب إفريقيا، وأوضح أن مفهوم العدالة الإنتقالية نتج من خلال التجربة العملية وليس من خلال البحث الأكاديمي، وبيّن بأن المفهوم استخدم لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 لمحاكمة النازيين في ألمانيا واليابان، بحيث كانت هذه هي المرة الأولى التي يحاكم بها السياسيين نتيجة أوامرهم العسكرية، ولكنه بيّن بأن المشكلة تكمن بسيطرة المنتصر بالحرب على ظروف المحاكمة وسيرها.

وكشف أن العالم انتظر بعد الحرب العالمية لفترة طويلة نسبيا قبل أن يعود ويستخدم العدالة الإنتقالية، بحيث أعاد إستخدامها بعد حرب الإستقلال اليوغسلافية عام 1992، وبعد الحرب التي إندلعت بين الكروات والصرب والمسلمين في البوسنة والهرسك بحيث إرتُكبت خلالها مجازر إنسانية عديدة، ثم إنتقل إستخدامها لإفريقيا وتحديدا في رواندا ومن ثم إلى أمريكا اللاتينية ومنها لجميع أنحاء العالم.

وأوضح ماسياس أن على العدالة الإنتقالية أن تتكيف وتتأقلم مع المجتمعات الدولية، بحيث يصعب محاكمة من هم على رأس الحكم، وبيّن أن الهدف منها هو محاربة التهرب من العدالة والعقوبة، ومحاسبة من لم يتم محاسبتهم سابقا لأي سبب من الأسباب، وبالتالي لا بد أحيانا من العودة للخلف وإيجاد آليات تتماشى مع الظروف الماضية لمحاكمة هؤلاء الأشخاص.

وأكد أن الحكم السياسي لا يأتي فقط للمراقبة والمحاسبة وإنما لبناء المجتمعات وتطويرها وتحقيق العيش المشترك، وكشف أن المعاقبة والمصالحة مصطلحين لا يتكاملا مع بعضهم البعض، لأنه وبإختصار لا يوجد من يتعاون لمحاكمته ومعاقبته، وبالتالي على العدالة الإنتقالية إيجاد التوازن اللازم بين المفهومين.

وقال بأن العدالة الإنتقالية هي عدالة إستثنائية لا يمكن أن تستمر للأبد وتهدف للإنتقال من حالة الحرب للسلم، وشدد على أنها لا تعمل على تحقيق هذا الإنتقال وإنما تساهم بخلق السلامة والسلاسة لحدوثه، وأوضح أنه لا يوجد توقيت معين لإستخدام هذا النوع من العدالة، ويعود ذلك للظروف الخاصة بكل دولة، فأحيانا تستخدم بنهاية الصراعات، وأحيانا تستخدم بعد إنتهائها بأكثر من عشرين عاما.

 يُذكر بأن ماسياس يعتبر مهندس التعاون بين جامعة “PAU” الفرنسية وجامعة بيرزيت، ويسعى دائما لمناصرة حقوق الدول الواقعة تحت الإستعمار، وله كتب ومنشورات عديدة، ويعمل الأن على توثيق ما يحدث بدول الربيع العربي.