الادارة العامة تعقد المؤتمر الدولي الأول بعنوان "فاعلية سياسات الحكومة تحت الاحتلال"

عقدت دائرة الادارة العامة، اليوم الثلاثاء 18 تشرين الأول 2016، المؤتمر الدولي الأول تحت عنوان "فاعلية الحكومة الفلسطينية تحت الاحتلال: الواقع، والتوقعات والتحديات"، بحضوررئيس جامعة بيرزيت د. عبد اللطيف أبو حجلة، ورئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، ورئيس الوزراء السابق د. سلام فياض، وعميد كلية الحقوق والإدارة العامة د. ياسر العموري، إلى جانب عدد من الأكاديميين، والباحثين وصُنّاع القرار المحليين والدوليين.

 أكد د. أبو حجلة أن هذا المؤتمر يأتي التزامًا من الجامعة بالعمل عن قرب مع كافة شرائح المجتمع ومؤسساته العامة والأهلية والخاصة، لتدارُسِ المشكلات ذات العلاقة بالإدارة والسياسات العامة والحكم الرشيد، ومحاولة اقتراح حلول من شأنها أن ترقى بمجتمعنا ومؤسساتنا نحو المزيد من المأسسة والحداثة.

وشدد على حرص جامعة بيرزيت بأن تسهم في قيادة جهود التحرر، مبيناً أن واجب المؤسسات الأكاديمية والتربوية أن تقدم الخبرات وتبني الشراكات مع المجتمع المحلي والدولي، الأمر الذي من شأنه أن يُظهر صورة فلسطين الحضارية وقدرات أبنائها على التفاعل مع الحضارة والمعرفة الإنسانية، من خلال احتضان مؤتمرات ولقاءات علمية مهمة.

من جهته أعرّب د. الحمد الله في كلمته عن أمله بأن تخرج عن هذا المؤتمر نتائج عمل مثمرة وقادرة على المساهمة في عملية صنع السياسة العامة بما يسهم في تطوير عمل المؤسسات، والقطاع العام. وأضاف أنه على الرغم من أن المؤتمر يأتي في ظل ظروف صعبة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، إلّا أنه يُشكل فضاءً رحباً لتذليل القيود والمعيقات التي تعترض المسيرة التنموية، والمأسسة وعملية بناء الدولة الفلسطينية المستقلة.

 

وبيّن د. الحمد الله الجهود الحثيثة التي بذلتها وما زالت تبذلها الحكومة الفلسطينية من أجل النهوض بقطاعات الدولة وتعزيز فعالية مؤسساتها على أسس المساءلة والشفافية والاستدامة. وأوضح أن المساعي الدبلوماسية التي بذلتها الحكومة الفلسطينية من أجل تحقيق ذلك توازت مع عمل دؤوب مشترك كان بقيادتها وبالتعاون مع القطاع الخاص والمنظمات الأهلية من أجل السعي لبلورة إطار لعمل وطني واضح، وحكم رشيد مبني على أسس صلبة.   

 

ودعا المتحدث الرئيسي في المؤتمر، د. فياض، إلى تحقيق "وحدة الحال"، التي تقوم على تقبل الآخر وتوقع الاختلاف، الذي سيؤدي بدوره إلى توحيد الشعب الفلسطيني الذي انقسم مُشكلا معيقاً إضافياً لعملية التنمية وبناء المؤسسات. وناقش د. فياض في ورقته التجربة الفلسطينية في إصلاح الإدارة العامة، مشدداً على ضرورة ردم الهوة بين المبادئ والشعارات التي يتحدث بها صناع القرار وبين واقع الممارسة.

واقترح د. فياض أن يتم بحث موضوع إنهاء الإنقسام على أسس علمية وأكاديمية بحتة، من قبل أساتذة، وباحثين وطلبة، ليتم طرح أوراقهم لتحديد المتطلبات المنهجية، والخطوات العملية اللازمة لإنهاء الانقسام وتتحقيق الوحدة، وهو المنطلق الأساسي لتحديد معالم النهوض بمؤسسات الدولة الفلسطينية، ومكوناتها وحدود عمل أشخاصها.

بدوره، ثمّن د. العموري جهود القائمين على المؤتمر والمشاركين فيه، وشدد على ضرورة تنظيم مؤتمرات تجمع خبراء أكاديميين، وباحثين، ومحللين من مختلف القطاعات بشكل دوري، من أجل إغناء تجربة الجامعة الأكاديمية والبحثية، لا سيما في عملية صنع السياسات العامة التي تُشكل أساساً لقيام دولة ذات أسس متينة ومترسخة.  وأكدَّ أن هذا المؤتمر يأتي من حرص كلية الحقوق والإدارة العامة بشكل خاص، وجامعة بيرزيت بشكل عام على بناء شراكات حقيقية بين مختلف مكونات المجتمع وشرائحه، للخروج بنتائج من شأنها أن تغني تجارب صناع القرار الرسميين وتساعد على الارتقاء في الوضع الفلسطيني العام.

وقالت مندوب المكتب النرويجي هيلدا هرالدستاد إن بلادها تعي جهود الحكومة الفلسطينية لتحقيق التنمية وبناء المؤسسات، التي تعترضها سياسات الاحتلال والقيود التي يفرضها عليها. وأشارت إلى أن الحكومة النرويجية تؤمن بأهمية تضافر الجهود بين القطاع الخاص، والعام، والمدني والأكاديمي، بالإضافة إلى المجتمع المدني من أجل الخروج بنتائج استراتيجية تعود بالنفع على آليات الحكم، وصناعة السياسات وبناء المؤسسات بشكل مستدام، وواضح وشفاف.

أما ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) نادر عطا، فأوضح أن الأمم المتحدة تضع نصب أعينها المساهمة في عملية التخطيط الاستراتيجي وصنع القرارات بما يساعد الحكومة الفلسطينية على تحقيق ما تصبو إليه في عملية التنمية التي تواجه العديد من المعوقات بفعل الاحتلال والانقسام وغيرها من المشاكل الداخلية والخارجية. ونظم المؤتمر بدعم من مكتب الممثلية النرويجية في فلسطين، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبالتعاون مع اتحاد البلديات الهولندية للتعاون الدولي VNG International. ويهدف إلى جمع الباحثين والخبراء والطلبة والإداريين من بلدان مختلفة لمناقشة مواضيع نظرية وتطبيقية في حقل الإدارة العامة والسياسات العامة والحكم المحلي بالتركيز على حالات دراسية ونماذج عاشت ظروف حروب وأزمات واحتلال مثل الحالة الفلسطينية، بالإضافة إلى السعي لتطوير وتحويل الأوراق المتميزة إلى مقترحات سياساتية يمكن الاستفادة منها في إصلاح وتطوير القطاع العام الفلسطيني.

وناقش المؤتمر عملية صنع السياسة العامة، والتخطيط الاستراتيجي ومدى تأثير سياسات الاحتلال القمعية، والانقسام السياسي الفلسطيني على عملية التخطيط والتطبيق. وفي هذا السياق، قدّمت الجلسة الأولى التي أدارها مدير برنامج ماجستير الدراسات الدولية د. علي الجرباوي، تحليلات حول أثر الاحتلال على عملية صنع ومخرجات السياسة العامة، وانعكاس تغير الحكومات الفلسطينية على استدامة عملية صنع السياسة العامة، إلى جانب تناول أثر الإجراءات القمعية للاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ استراتيجيات وسياسات وزارة التربية والتعليم العالي.

كما تناول المؤتمرون في الجلسة الثانية التي ترأسها أستاذ القانون في جامعة بيرزيت د. عمار الدويك تجارب دولية مختلفة في الإدارة العامة ومشابهة للظرف السياسي الذي تعيشه فلسطين، كجنوب إفريقيا، ويوغسلافيا واستونيا التي اعتمدت على مبدأ المواطنة، ومشاركة الفرد في الحكم وتقديم أفضل خدمات للفرد، وأشاروا إلى الأدوات الحديثة المستخدمة في تلك الدول لسياسة التطوير في الهيئات المحلية.