محاضرة للمتحف بعنوان: "كيف يغير بسطاء الناس الشرق الأوسط؟"

نظم متحف جامعة بيرزيت، يوم الأربعاء 12 تشرين الأول 2016،  محاضرة عامة بعنوان: "الحياة سياسة: كيف يغير بسطاء الناس الشرق الأوسط"، قدمها أستاذ الاجتماع ودراسات الشرق الأوسط بجامعة إلينوي الأمريكية آصف بيّات.

وتأتي هذه المحاضرة ضمن مجموعة محاضرات عامة ينظمها المتحف كجزء من معرض المدن بنسخته الخامسة "غزة: إعادة إعمار"، والذي يستمر حتى فبراير 2017. وحملت المحاضرة الاسم ذاته لواحد من كتب بيّات الذي كان محور اللقاء والنقاش الذي تلاه.

ويسعى بيات في كتابه للبحث في الحياة اليومية للمدن داخل الشرق الأوسط، بالتركيز على الطرق التي يحاول بها الناس العاديون الذين يعيشون على الهامش التأثير على مسارات التغيير في مجتمعاتهم. ويتم ذلك عبر رفض هذه المجموعات الخروج من الحلبة السياسية والاجتماعية التي تسيطر عليها الدول التسلطية والسلطة الأخلاقية والاقتصاديات الليبرالية الجديدة، من خلال البحث عن فضاءات جديدة يستطيعون بواسطتها أن يجعلوا صوت رفضهم يسمع.

ويرى بيات أن الطرق التي بات يغير بها الأفراد العاديون مجتمعاتهم، ما عادت تدخل في نطاق الاحتجاجات الجماهيرية أو الثورات، رغم أن هذه الاحتجاجات وتلك الثورات تمثل جانبا من جوانب الحراك الشعبي، إذ نجدهم باتوا يلجؤون لما يطلق عليه "اللاحركات الاجتماعية"، التي أخذت تشير إلى المساعي الجمعية لملايين الفاعلين الذين لا تربط بينهم روابط جمعية، والتي تظهر في الميادين العامة والشوارع الخلفية والمحاكم والمجتمعات المحلية.

ونوّه بيات إلى أن ما يميز اللاحركات أو الأفعال الجمعية للفاعلين الذين لا تربط بينهم رابطة جمعية، هو ميلها على الأغلب إلى التوجه بالفعل وليس بالأيديولوجيا، وهدوئها الكبير، والبعد عن الانتشار الضوضائي ما دامت المطالب التي تظهر تكون مطالب فردية، وليست مطالب معبرة عن جماعات مترابطة.

وبين أن قوة اللاحركات لا تكمن في وحدة الفاعلين، التي يمكن أن تهدد بالانقطاع أو عدم اليقين أو الضغط من جانب الأطراف المعادية. بل تعتمد على قوة الأعداد الكبيرة، أي الاعتماد على ما ينتج عنها من تأثير على معايير وقواعد السلوك السائد في المجتمع لأفراد يعملون الشيء نفسه بشكل دائم ومستمر.

وبرأي بيات أن اللاحركات هي قصة الفعل الاجتماعي في أوقات الشدة، فمثلا رغم صحة الكلام حول أن كثيرا من سكان التجمعات العشوائية بمصر يتبعون "حياة غير رسمية"، بمعنى أنهم يعملون خارج حدود الدولة والنظم البيروقراطية الحديثة، إذ يميلون لتحقيق درجة من الاستقلال في عملهم وحياتهم الثقافية، وإلى بناء علاقاتهم على التبادلية، والتفاوض، والثقة، وليس على الأفكار الحديثة للمصلحة الذاتية الفردية، والقواعد الثابتة، والتعاقدات. لكن رغم كل ذلك كان الأساس أن الحداثة هي مشروع مكلف، أي أنها تتطلب القدرة على التكيف مع أنماط السلوك (الالتزام بوقت محدد ومنظم، ومكان، وعقود) وهي أشياء لا يقدر عليها الفقراء. كما أن الأيديولوجيا تتطلب قدرات معينة لا يملكها المحرومون، الأمر الذي يدفعهم إلى الانخراط فيما أطلق عليه بيات "السياسة من المستوى الأدنى" أو أشكال النضال المحلية من أجل تحقيق أغراض سريعة.