محاضرة بعنوان: "إعادة استكشاف العلمانية والدين في السياقين العربي والفلسطيني"

ضمن سلسلة
نشاطات مجموعة العلمانية والدين، استضاف معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت،
اليوم الخميس 18 تشرين الأول 2012،  أستاذ الدراسات الدولية في الجامعة د. مجيد
شحادة، الذي قدم مداخلة بعنوان: إعادة استكشاف العلمانية والدين في السياقين
العربي والفلسطيني".

 استهل د. مجيد اللقاء بالإشارة إلى أن مداخلته
يجب أن تؤخذ في سياق الثورات والتغييرات العربية التي تحصل في المنطقة ونهوض القوى
والأحزاب الإسلامية الصاعدة والبارزة بقوة في الفضاء العام، كما تورُّط الأكاديميين
والمثقفين من خلال الانخراط في خطاب الاستماع إلى تلك القوى والأحزاب أو  من خلال إعطائها مساحة أكبر.  واعتبر أن مطالبة الأكاديميا في الولايات
المتحدة الأمريكية وفي الغرب عموماً بالانفتاح وإفساح المجال لمن يُعتبرون مهمّشين
في الأكاديميا، هي مطالبة تتجاهل قدرات هذه القوى والأحزاب على إسماع صوتها من
خلال محطات التلفزة والراديو ومواقع الانترنت والصحف والمجلات وكذلك من خلال  التمثيل السياسي.

وعلى
الصعيد الفلسطيني، اعتبر شحادة أن تأطير السلطة الفلسطينية كممثلة للعلمانية وحماس
في غزة كممثلة للدين هو تأطير مضلِّل وخادع"، فكلٌّ منهما يجب أن تتمّ
رؤيتهما  كامتداد للآخر وليس كنقيضين.
فحماس، من جهة، تستخدم الدين للحصول على الدعم وكذلك للتحكم بالفضاء العام كما تستخدم
السلطة الفلسطينية (التي تهيمن عليها فتح)، من جهة أخرى، الدين لتحدّي ومنافسة
هيمنة حماس على الدين.

وفي
سياق الجدل العلمي حول العلمانية والدين تناول شحادة، الطروحات النقدية، وحدودها،  لكلٍّ من طلال أسد وصبا محمود (وغيرهما من
الأكاديميين) للخطاب الغربي حول العلمانية والدين حيث انتقدوا إساءة استخدام خطاب
العلمانية في الغرب باستثماره سياسياً كأداة لتبرير التدخل في العالمين العربي
والإسلامي.  في المقابل، قال د. مجيد شحادة
أن هنالك تاريخ طويل من إنكار الغرب لمساهمة الفكر العربي والإسلامي المركزية في
تشكيل الهوية الغربية والأوروبية .  وتناول
آراء  ابن خلدون التي تتحدى هذا الإنكار
كما تتحدى مراوغات الغرب وثنائياته، والتي تشير إلى حاجة الإنسان للعدالة
والمساواة والتآزر من أجل العيش بكرامة ، تلك القيمة التي من دونها ينتفي الإنسان
وينهار الفرد وكذلك تنهار الجماعة؛ فجوهر الكرامة الإنسانية يكمن في قيمة العمل
الذي يساهم به كل فرد لصالح الجماعة.

 وأشار شحادة إلى أن سبب الوضع المزري الذي نعيشه
اليوم لا يكمن في الدين أو في النصوص الدينية كما حاجج إبن خلدون، وإنما في الظروف
الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولذلك فإن المستقبل لا يمكن أن يتحقق عن طريق
الإكراه أو القمع والتفكير البوليسي والإرهاب الفكري والإقصاء والذي يمثله أفضل
تمثيل الخطاب الأصولي الإسلامي الرجعي القديم الجديد، المستعمَر والمستعمِر في
الآن ذاته. وفي المقابل أكد شحادة على أن هناك ثنائية في الفكر الغربي الحديث الذي
لا يترك أي مساحة للعالم الروحاني غير المادي وخلُصَ إلى أنه من المفيد  لنا التفكير من خلال إبن خلدون (من بين العديد
من المفكرين العرب والمسلمين وغيرهم ممن ينتقدون الحداثة الغربية، ولم يقعوا في
شرك ثنائية المادي/ اللا- مادّي) لنبدأ في إيجاد مخرج لنا من البُنية الرأسمالية
الغربية المادية والقمعية.