نشد انتباهكم، كأعضاء مجتمع جامعة إيراسموس روتردام ومؤسساتها حزينون وغاضبون؛ من مسألة مهمة للغاية، ألا وهي صمت جامعتنا المنافق على الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وإبادتها الإرهابية للشعب الفلسطيني.
لكن تواطؤ الجامعة يتعدى صمتها فحسن؛ بل إنها تتعاون مع دولة الاحتلال. وتستمر في علاقاتها مع سلطة الفصل العنصري ومؤسساتها التي المتمسكة بأفكار السيطرة الاستعمارية على الفلسطينيين؛ مما يجعل جامعتنا مشاركا فاعلا في الإخضاع العنيف والوحشي للفلسطينيين. ومثال صارخ على هذا هو علاقتها بجامعة تل أبيب، إن جامعتنا لها علاقات تبادل معها. لقد كورت جامعة تل أبيب العديد من أنظمة السلاح وساهمت في "استراتيجية الضاحية"، استراتيجية تستخدم العنف المفرط وأسفرت عن جرائم حرب ضد الفلسطينيين واللبنانيين المدنيين. بالإضافة إلى ذلك، فإن دراسة أجرتها مؤسسة رصد حقوق الانسان فضحت نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وتمييزه العنصري المؤسسي ضد الفلسطينيين المدرجين في أنظمة التعلم العالي الإسرائيلية.
يقتل الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي الفلسطينيين الآن بأعداد مهولة، ففي الأسبوعين الماضيين قام النظام المستبد بغارات جوية في غزة، وهي منطقة محصورة، وتأوي 2.2 مليون نسمة، ومساحتها 365 كيلومتر مربع- أي ضعف مساحة جزيرة تيكسل الهولندية- ودمر المخرج الوحيد الممكن لهم. نلبي نحن كطلاب، وأكاديميين في هذا الخطاب نداء أكاديميي جامعة بيرزيت في فلسطين مهما شعروا بالعجز في مثل هذه الأوقات الحرجة. نكتب هذه الرسالة كنداء للتحرك، وننادي بالتضامن وتحمل المسؤولية. إن العالم يشاهد، والتاريخ سيتذكر أولئك الذين خرجوا عن صمتهم وتحركوا في وجه الطغيان والقمع، منددين بالصمت الذي سمح لمثل هذه الفظائع بالحدوث.
تحمل الشعب الفلسطيني في السبعة وخمسين سنة المنصرمة ظلما لا هوداة فيه، من تطهير عرقي، وتجريدهم، وتهجيرهم، وتدمير منازلهم ومجتمعاتهم من قبل إسرائيل؛ مشوهة حياتهم. لقد وثقت تلك الفظائع بعناية ودقة بينما العالم يشاهد في صمت مطبق. عبر القادة الغربيون عن دعمهم الخالق "لحق إسرائيل ففي الدفاع عن نفسها" كرد على قصف إسرائيل المبيد؛ ما هو إلا تناقض محير لكيان استعماري كان صريحا بنواياه للإبادة الجماعية. إنه لمحو لسياق الاستعمار الاستيطاني الذي يسهل ارتكاب تلك الفظائع، ثم يصور كالضحية؛ إنه لمحو كامل للتاريخ.
من المهم جدا الآن أن تغير جامعتنا موقفها "المحايد" الجبان في خضم العنف الاستعماري الذي شنته إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. لم ترى جامعتنا أي مشكلة في أخذ موقف عند غزو روسيا لأوكرانيا، وقدمت الدعم الفوري لطلاب أوكرانيا. هذه يوضح أن جامعتنا لا تتهاون عن أخذ موقف في النزاعات الجيوسياسية والعمل به إذا كان متوازياً مع مصالحها السياسية. والآن عند فرض إسرائيل على غزة حصاراً غير قانوني ولا أخلاقي اتخذ أبعاد الإبادة الجماعية، وألقت قنابل في أسبوع تزيد عن ما ألقته الولايات المتحدة في عام كامل على أفغانستان؛ إن الحياد هو الانحياز لصف المستعمر.
ليست هذه أول مرة يطالب فيها الطلبة والأكاديميون بقطع العلاقات مع المؤسسات الإسرائيلية، فقد صدرت عرائض ومظاهرات، وحركات، وبيانات تطالب بذلك في الأعوام 2021، 2022، 2023. واختارت الجامعة إما الصمت أو إسكاتنا لحد الآن. جامعتنا التي قصفت مدينتها في الحرب العالمية الثانية سيكون موقفها مخزيا إذا لم تتعلم من تلك الحقبة السوداء من تاريخ مدينتها واستمرت في التعاون مع الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والإنسانية جمعا. ليس بإمكاننا الصمت بل علينا الانضمام للوقوف ضده.
بناءاً على ذلك، نصدر نداءاً لا تهاون فيه للطلاب والعالمين في جامعتنا للقيام بما هو عادل. أولاً، نطالب جامعتنا بإدانة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي. ثانياً، نطالب بتنفيذ مقاطعة أكاديمية فورية للعلاقات الإسرائيلية مع الجامعة. ثالثاً، نطالب شركائهم الأكاديميين الآخرين بحذو حذونا. رابعاً، يجب علينا التضامن بلا تخاذل مع الأكاديميين الفلسطينيين، والطلاب، والموظفين. لقد طال انتظار وقت التحرك.