يوم دراسي للإدارة العامة حول دور العمل التطوعي في تنمية المجتمع

عقدت دائرة الادارة العامة/ كلية الحقوق والإدارة العامة في جامعة بيرزيت، يوم الخميس الموافق 4/5/2017 يوماً دراسياً بعنوان "دور العمل التطوعي في تنمية المجتمع" بهدف تسليط الضوء على الإشكاليات والتحديات والإنجازات التي تقف وراء ثقافة العمل التطوعي وكيفية تعزيزها؛ وذلك في سبيل الخروج بنتائج وتوصيات عملية هادفة. وقد حظي اليوم الدراسي بحضور مميّز من قبل عدد من المؤسسات الأهلية والجامعات والكليات والبلديات، وعدد من الأكاديميين والطلبة والمهتمين.

افتتح  اليوم الدراسي بكلمة من عميد كلية الحقوق والادارة العامة د. ياسر عموري ورئيسة دائرة الادارة العامة أ. ميادة بدوي الذين أشارا في كلمتهما الافتتاحية إلى أن هذا اليوم يأتي في إطار سلسلة من اللقاءات والمحاضرات العامة التي تحرص جامعة بيرزيت بشكل عام ودائرة الإدارة العامة بشكل خاص على عقدها من أجل توعية الطلاب ومجتمع الجامعة والأطراف المشاركة في هذه النشاطات بمواضيع ذات أهمية، وأثر كبير على النهوض بالمجتمع وزيادة الوعي والاهتمام بمثل هذه المواضيع. كما يأتي هذا النشاط ضمن سعي دائرة الإدارة العامة إلى تحقيق التكامل بينها وبين القطاع العام ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والقطاع الخاص.

أشارت أ. نور مطور من دائرة الإدارة العامة إلى أهمية عقد هذا اللقاء والتنوع والتميز في المحاور التي يغطيها هذا اليوم الدراسي، خاصة وأنه لقاء يحمل تجارب عملية أكثر من كونه يُعبر عن أفكار نظرية فقط، وقد تميّز المحور الأول بالحديث عن ثقافة التطوّع، وتم الإشارة إلى أن هذه الفكرة جاءت بناء على مساق يُدرس بدائرة الإدارة العامة حول إدارة المؤسسات الأهلية في فلسطين، وقد جاء مكملا له المحور الثاني الذي عكس تجربة جامعة بيرزيت المميزة في العمل التطوعي، والذي تم خلاله التأكيد على أن العمل التطوعي بحاجة لإطار تشريعي ناظم لعمله. أما المحور الثالث والرابع فتناولا الحديث حول تجارب مؤسسات رائدة في مجال التطوع في فلسطين، وأيضا حول تجارب بعض الطلبة في جامعة بيرزيت؛ من خلال عرض أفكار لمؤسسات أهلية أو جمعيات أو الحديث على صعيد تجاربهم الشخصية أو طرح مبادرات للتطوع في رحاب الجامعة.    

بدأ المحور الأول مع الأستاذة عبير مصلح، أستاذة في دائرة الادارة العامة، مستعرضة معنى التطوع وأهميته وأين نحن من واقع التطوع فعلاً، وأشارت إلى أن الاهتمام بين طلبتنا بموضوع التطوع ليس كبيراً ولا يُشكل أولوية في حياتهم، رغم أن ثقافة التطوع من أكثر الثقافات قوة وعمقاً في تاريخ المجتمع الفلسطيني، وأن التطوع غالباً ما يكون نابعاً من دافع ورغبة ذاتية دون إجبار ولا يرتبط بمهنة أوتخصص أو شريحة عمرية ويعبر عن الإرادة الوطنية والمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية لتنمية المجتمع ولكن هناك عدة أسباب أدت إلى تراجع هذه الثقافة، أهمها غياب النشأة الأسرية التي تركز على التعليم والمهنة ولا تزرع روح التطوع بين أبنائها، عدم الاستثمار في فئة الشباب وغياب طرق منظمة لجذبهم، أيضا غياب التنظيم والبرامج والأنشطة لدعم العمل التطوعي، وغياب دور الإعلام في الترويج للعمل التطوعي من خلال برامج إذاعية تعمل على التوعية المستمرة بأهمية العمل الطوعي. وأشارت الأستاذة عبير في ختام ورقتها أننا بحاجة إلى تغيير نظرة المجتمع إلى العمل الطوعي، وأن تتحمل كل جهة مسؤوليتها تجاه العمل التطوعي ابتداء من الأسرة والمدرسة والجامعة وانتهاء بدور الحكومة والمؤسسات المختلفة بتنظيم العمل الطوعي وجعله منهج حياة، وتشكيل لجان وهيئات تعنى بالعمل التطوعي وحث الشباب على المشاركة فيها والإسهام في قيادتها وتوجيهها لخدمة المجتمع الفلسطيني.

وخلال المحور الثاني أشارت الأستاذة غادة العمري، مسؤولة العمل التعاوني في جامعة بيرزيت، الى أهمية العمل التعاوني، وكيف أنه جزء من متطلبات إنهاء الدراسة في الجامعة مشيرة إلى أن هذا المجال يفتح الآفاق أمام الطالب للتعرف على المعنى الحقيقي للتطوع وكونه ثقافة تسعى الجامعة للحفاظ عليها، وأنها تنعكس على شخصية الفرد وتؤثر بالمجتمع من حولهم، وتجعله يتعرف على الاحتياجات المختلفة لمجتمعه من خلال فرض ساعات معينة يجب أن يقضيها متطوعاً خارج أسوار الجامعة وفي رحاب مؤسسة أو جمعية.

من جانبه أشار د. عبد الرحيم طه، المستشار القانوني بالمجلس التشريعي الفلسطيني، إلى أن العمل التطوعي من المسائل التي حظيت باهتمام الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، فقد أقرته الشريعة الإسلامية وحثت عليه من خلال العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أوجبت على المسلم التطوع بنفسه وماله وعمله لصالح إخوانه وبني جنسه. إلا أنه فيما يخص مجتمعنا الفلسطيني فهناك نقص بالتشريعات واللوائح الناظمة للعمل التطوعي، وبالتالي فإن المطلوب على الصعيد التشريعي قيام المشرع الفلسطيني بإصدار تشريع خاص بالعمل التطوعي بحيث ينظم العديد من المجالات الواجب تنظيمها مثل إقرار حق التطوع، وتعريفه بدقة، وتكوين الهيئات وتنظيم العلاقة بينها وغيرها من الأمور واجبة التنظيم.

وخلال المحور الثالث تحدث كل من السيد بدر زماعرة ممثلا عن منتدى شارك الشبابي والسيد أشرف عباهرة ممثلا عن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث أوضحا تجارب مؤسساتهم العريقة والقوية والملهمة في مجال تعزيز العمل التطوعي وصقل روح المبادرة لدى الشباب الفلسطيني، وأكدا على أن ثقافة المجتمع والتنشئة على أساس حب عمل التطوع يشكل المفتاح للتقدم بموضوع التطوع. وأن دمج الشباب وتنظيم العمل التطوعي بصورة مستمرة، وليس مؤقتة هو من الأولويات التي تسعى هذه المؤسسات لتعزيزها. أيضا السعي إلى تصميم وتنفيذ برامج ثقافية ومجتمعية وعلمية تتمحور جميعها حول أهمية التطوع. وقد أشار المتحدثين ومن خلال عرض الأستاذ بدر لفيديو قصير حول تجربة شارك في إنجاز العديد من المشاريع مثل ترميم البيوت وبناء البيوت وحملات لمساعدة أسر متاجة وغيرها من المبادرات. وحول تجربة الهلال الأحمر الفلسطيني فقد أشار الأستاذ أشرف عن أن التطوع رغبة ذاتية لا اكراه فيها حيث يوجد آلاف المتطوعين المسجلين لدى الهلال، مستعديون للعمل في كل وقت. كما أشار استاذ أشرف وبوضوح إلى أن المشكلة الأساسية تكمن بعدم وجود قانون ينظم ويطوّر ويكمل هذا العمل الرائع.

تناول المحور الرابع والأخير تجربة طلبة جامعة بيرزيت في العمل التطوعي حيث تم تقسيمه إلى ثلاث فئات تحدث في الفئة الأولى ثلاثة طلبة وهم روان عابد وباسل جرايسة وعمر ريان وجميعهم طلبة في دائرة الإدارة العامة عن تجاربهم الشخصية في إنشاء مؤسسات أو جمعيات خيرية ضمن مساق المؤسسات الأهلية، وكانت النتيجة أنهم نجحوا في دراسة احتياجات المجتمع والخروج بأفكار لانشاء مؤسسات تخدم المجتمع وسيعملون بعد التخرج على تطبيقها على أرض الواقع، فكانت فكرة الطالبة روان تتمثل بإنشاء جمعية حول دعم المشردين وضرورة وجود مكان لايوائهم بدل تشردهم بالشوارع أو الأماكن المهجورة، وفكرة الطالب باسل تتمثل بإنشاء مؤسسته حول حماية البيئة من خلال إعادة التدوير وهدفها بالتحديد تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، أما فكرة الطالب عمر فتتمحور حول إنشاء مؤسسة خاصة بمساعدة الأطفال اليتامى وعمل برامج وأنشطة، ومساعدتهم بمختلف الطرق. في الفئة الثانية من المحور الرابع تحدث الطالب مثنى خميس حول تشكيل مبادرة نبض الشبابية في جامعة بيرزيت وكيف جاءت الفكرة ومحاولة لفت انتباه الطلبة لها والاندماج بها حيث تقوم بالعديد من الأعمال التطوعية داخل وخارج الجامعة. أما الفئة الثالثة والأخيرة في المحور الرابع فكانت للطالبة فانتينا شولي من جامعة بيرزيت والتي قطعت أكثر من ألف ساعة عمل تطوع، حيث عرضت تجربتها الشخصية في مجال التطوع وكيف كانت جامعة بيرزيت مثالاً لها في هذا المجال وأكدت أن كل إنسان قادر على التطوع، وليس صحيحاً أن هناك مبررات لعدم التطوع مثل الانشغال بالدراسة أو العمل فلكل شيء وقته إن أردت له أن يكون.

وفي الختام تم استعراض أهم النتائج والتوصيات والإنجازات التي خرج بها اليوم الدراسي، وكان أهمها أن إحدى الجهات التي حضرت اللقاء أوصت بضرورة المتابعة مع الطلبة للمساعدة في تمويل مشاريعهم وجعلها تخرج الى حيز الواقع العملي، وكذلك التحدث مع بعض الطلبة حول توفير  فرص عمل لهم.