عيسى حليم: من زنازين الاحتلال إلى مدرجات جامعة بيرزيت

أكبر طالب بكالوريوس في جامعة بيرزيت

عيسى حليم، شاب فلسطيني يبلغ من العمر ستة وثلاثين عامًا، يدرس بكالوريوس علم النفس مع تخصص فرعي في علم الاجتماع بجامعة بيرزيت. رحلته التعليمية لم تكن عادية، فقد حملت بين طياتها أحلامًا مؤجلة وكفاحًا استثنائيًا في ظل واقع الاحتلال، حيث واجه الصعوبات ليعيد بناء مستقبله خطوة بخطوة.

طالبٌ في زمن الانتفاضة
عيسى، كغيره من أطفال فلسطين، التحق بالمدرسة الابتدائية ثم الثانوية، لكن مع اقتراب عامه الأخير من الثانوية العامة (التوجيهي)، أعاقت انتفاضة الأقصى عام 2000 مسيرته التعليمية. يقول عيسى: "الظروف المعيشية تحت الاحتلال كانت قاسية، ومع ذلك، غرست فينا روح الصمود والمقاومة. وكشاب فلسطيني، وجدت نفسي، كباقي أبناء جيلي، جزءًا من نضال يومي ضد الاحتلال."

لم يمضِ وقت طويل حتى اعتُقل عيسى وأصدقاؤه بسبب نشاطاتهم المناهضة للاحتلال، ليقضي ثلاث سنوات في سجون الاحتلال. لكن هذا الاعتقال لم يكسر عزيمته، بل عزز من قناعاته بدور المقاومة والصمود.

بين الأسر والشغف بالتعليم
بعد الإفراج عنه، توجه عيسى إلى العمل الخاص لبناء نفسه، وكان يبلغ آنذاك تسعة عشر عامًا. لكن النضال لم يغادر حياته، حيث شارك في فعاليات "هبة غزة" عام 2009 تضامنًا مع غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي المعروف بـ"معركة الرصاص المصبوب".

رغم الصعوبات، ظل التعليم حلمًا مؤجلًا بالنسبة له. استمر شغفه بقراءة كتب علم النفس والاجتماع، مما دفعه لاحقًا لاتخاذ قرار بإعادة إتمام الثانوية العامة كدراسة خاصة. وعن تلك اللحظة يقول: "أدركت أن التعليم هو السبيل لمساعدة نفسي وغيري من الأسرى المحررين الذين يعانون من صدمات نفسية نتيجة السجن."

جامعة بيرزيت: منارة الحلم
نجح عيسى في الثانوية العامة، وانضم إلى جامعة بيرزيت التي تمثل رمزًا أكاديميًا وثقافيًا للنضال الفلسطيني. اختار تخصص علم النفس وعلم الاجتماع بدافع شخصي وإنساني، حيث أراد أن يكون عونًا للأسرى المحررين الذين يعانون من تبعات السجن.

عن اختياره لجامعة بيرزيت، يقول: "بيرزيت ليست مجرد جامعة، بل منصة تعزز الانتماء الوطني وتوفر للشباب الفلسطيني الأدوات الفكرية والمعرفية لمواجهة التحديات."

خريجٌ بعمر السابعة والثلاثين
اليوم، يقف عيسى على أعتاب التخرج في عمر السابعة والثلاثين، مفعمًا بالفخر والشغف لتحقيق أحلامه. يعتبر نفسه نموذجًا للشباب الفلسطيني الذي لا يتخلى عن أحلامه رغم كل العقبات.

ويختم عيسى بقوله: "الحياة في فلسطين تعلمك أن العمر ليس معيارًا لتحقيق الأحلام. الأهم هو الإصرار على تحقيق ما تؤمن به، وللحلم بقية."

قصة عيسى هي شهادة على الإرادة الفلسطينية التي تتحدى الاحتلال بكل أشكاله. وجامعة بيرزيت، بكونها حاضنة للأمل، تلعب دورًا بارزًا في إعادة صياغة مسارات الحياة لشباب عاشوا ويلات الاحتلال والقمع، وتؤكد على أهمية التعليم كوسيلة لتحقيق الأهداف والطموحات.

 

اعداد طالبة الاعلام ياقوت مخالفة