قصة نجاح...... ملك عفونة: الموهبة وحدها لا يمكن أن تكون خبزاً للشعراء - إضاءات

 فازت بجائزة يوسف نعواس للإبداع و التميز

 

بجذل طفلة
صغيرة...كتبت ملك عفونة قصيدتها الأولى، ولم تتجاوز ربيعها التاسع بعد...أعجبتها
تلك الأيادي المصفقة...والعيون المعجبة...فكانت تكتب وتكتب، أملاً في المزيد من
الإعجاب. كل ذلك كان في مجتمعها المصغر من خلال مواضيع التعبير في المدرسة.

أسمعتني عفونة
كلماتها التي لا تموت...كنت أسألها...فوجدت ردودها قوية متواضعة...وقرأت في العيون
الهموم الذاتية...

وكان بوح....

محطات
صعبة...!

ملك عفونة.. طالبة
الإعلام في جامعة بيرزيت، لم تثنيها عن موهبتها الانتقادات  من
الأهل  والأقارب، ولا شحّ المكتبات في
قريتها "سلفيت". فلازمت قلمها والأوراق ونسجت منهما أسطورتها الشخصية.

بدأت عفونة رحلتها
الشعرية مذ كانت في الصف الرابع الابتدائي...وكانت نصوصها في البداية بريئة بسيطة...نظراً
لصعوبة الحصول على الكتب...وبالتالي توسيع المدارك الفكرية.

" قالت عفونة: بدأت
أكتب لمضامين وطنية، لكني أحسست أني أنظّر لشيء لا أفهمه، فأخذت أنتبه أكثر
لإحساسي وأصيغه شعراً".

من
القرية إلى الجامعة...!

"لما رأيت مكتبة
الجامعة، أحسست أن أبواب السماء فُتحت لي.."هكذا قالتها عفونة...التي كانت
تبحث دائماً عن الكتاب ولا تجده...رأت مكتبة الجامعة فلازمتها دونما انقطاع...كانت
لا تغادرها إلا ما ندر.

بدأت عفونة تنمي
مداركها الفكرية بالقراءة والقراءة الحثيثة.. وأخذت تقرأ التاريخ والجغرافيا والنقد
الأدبي...وكان لقراءتها نصيب وافر من التمحيص و التدقيق...فكانت لا تمر على سطر
دونما تركيز ونظرة عميقة...هكذا بدأت عفونة تفكر في كل ما تقرأ...لتصبح
لاحقاً...تفكر في كل ما تكتب... فلم تعد قصائدها مجرد "لغة جوفاء".

الوقوف
على الهواء....مستحيل...!

إن أي نص شعري لا
يمكن له أن يقوم دون الموازنة بين الخيال و الواقع...فالخيال على حد تعبير عفونة
جميل وضروري من أجل أسلوب الكتابة، إلا أن الفكرة يجب أن تكون واقعية.

"الوقوف على
الهواء مستحيل...يجب أن تكون هناك أرض صلبة..و الهواء هنا يمثل الخيال تماماً كما
يمثل الواقع تلك الأرض الصلبة"..هكذا قالت عفونة منوهةً إلى ضرورة وجود موقع
أو فكرة واقعية تُبنى عليها القصيدة الشعرية.

بين
الأدنى و الأعلى...

لما أحسّت عفونة في
بداية سنتها الجامعية الأولى بخلو أشعارها من الفكرة واقتصارها على مجرد "لغة
جوفاء" ، أخذت تقرأ وتقرأ في محاولة لتنمية موهبتها...وصقل تجربتها من جهة
أخرى.

"كنت أحس بنفسي
كفتاة تضع ألوانا على صفحة بيضاء دون تفكير .ولا تكتب شعراً"، هكذا قالت
عفونة، ومنذ ذلك الحين  بدأت تقارن ما تكتب
بنصوصٍ ذات مستوى أدنى لتقنع نفسها بأن كتابتها جيدة، كما وتقارن بنفس الوقت شعرها
 بنصوص ذات مستوى أعلى لتدرك أن الطريق
مازال طويلاً أمامها...فكانت المقارنة حاضرة في كل نص تكتبه.

ركّزت عفونة في كل
قصائدها على مسألة التأويل أو الرصيد الروحي للقصيدة كما أسمته...فكلما زادت
التأويلات المختلفة للقصيدة من قبل القراء، 
كلما أعطاها هذا عمرا أطول ورصيداً روحياً أعلى.

من
الهندسة إلى الصحافة...

لعل أحد الأسباب التي
دفعت الطالبة ملك إلى تحويل تخصصها من هندسة الكهرباء إلى الصحافة كان الكتابة و
القراءة... فهربت – على حد تعبيرها- إلى الصحافة لأنها رأت فيها مجالاً أكثر إنسانية...ووجدت
وقتًا أوفر للقراءة دون أن يؤثر ذلك على تحصيلها الأكاديمي...ولأسباب ايضا تربط  الصحافة بضرورة وجود لغة أدبية لدى الصحفي
واطلاع على مختلف المواضيع...

في دائرة الإعلام..
كانت لملك أول ملامسة مباشرة مع عالم الأدب على اعتبار أن رئيس دائرتها د.وليد
الشرفا أديب وروائي...بالإضافة إلى استفادتها من الروائية وأستاذة الإعلام  د.وداد البرغوثي...فكانت ملك تُطلعهم على ما
تكتب وتناقشهم بما تحويه نصوصها الشعرية من جوانب قوتها وجوانب ضعفها، فاستفادت
عفونة من تلك النصائح...مما كان له لاحقاً وقعا وتأثيرا على مستوى كتابتها.

"أحسست بأن لي
عائلة هنا وأهل آخرون...فشكراً لوجود هذين
الأستاذين"هكذا عبرت عفونة عن امتنانها وتقديرها لجهود الشرفا و البرغوثي
معها .

 

د.الشرفا:
ملك صوت أدبي مميز...

هناك في دائرة
الإعلام...كان لي لقاء برئيسها د.وليد الشرفا...كان لقاءً بأديب موهوب شعريا
بالفطرة  وبدا مسكوناً بقضية
الإنسان...سألته..  ولا يخفى في السؤال قلق
السائل...فجاء جوابه كالتالي: "تمتلك ملك عفونة إحساساً وقدرة هائلة على
تحويل الانفعال إلى شكل فني من خلال اللغة، و لذلك فهي قادرة على إكساب اللغة
مستويات معقدة من الدلالات، لا سيما وأنها تتجول بين الأشكال التعبيرية بسلاسة
وسهولة سواء أكان ذلك في الشعر أم في السرد...إنها صوت أدبي جديد ومميز.

حصلت ملك عفونة
مؤخراً على جائزة يوسف نعواس للإبداع و التميز.

 

على رصيف الشعر كان
لقائي بملك عفونة...شاعرة متحدةً برماد قصائدها...قد تنتهي ممكنات نصي هنا...إلا
أن كلماتها لن تموت....

 

 بقلم :طالبة الإعلام كلثوم مازن

(مكتب العلاقات العامة)