انطلاق المؤتمر السنوي لمعهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان في دورته الخامسة والعشرين

انطلقت في جامعة بيرزيت، اليوم الجمعة 4 تشرين الأول 2019، فعاليات المؤتمر السنوي لمعهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان في دورته الخامسة والعشرين، تحت عنوان "دمقرطة السياسة الفلسطينية كأساس لإعادة بناء المشروع الوطني".

أفتتح رئيس جامعة بيرزيت الدكتور عبد اللطيف أبو حجلة المؤتمر ورحب بالحضور، وركز على أهمية مؤتمر مواطن السنوي وخاصة في ظل التحديات التي تواجه المشروع الوطني وتضييق الاحتلال على العملية التعليمية بكل أشكالها. وأشاد بالمؤتمرقائلاً بأنه أصبح تقليد جامعي مهم ويجسد القناعة بأن "العمل والفكر مرتبطان، والجامعة والشارع شريكان"، كما ذكر أن المؤتمر أصبح منصة للتواصل مع العالم وبناء التضامن العابر للحدود.                                

بعد ذلك تحدث مدير معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان الدكتور مضر قسيس عن رؤية المعهد ودوره في المجتمع، وشدد على ضرورة إعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني ومجابهة الأوهام التي تخللت المجتمع الفلسطيني خلال العقود الماضية، إذ تعمل هذه الأوهام على حجب الواقع السياسي وترسيخ مشاريع خاسرة تحت شعارات البراغماتية. بالرغم من التغييرات في المنطقة، فإن جوهر الامبريالية العالمية لم يتغير، وفلسطين هي ساحة معركة ضدها، وتحرير فلسطين يتطلب جبهة أممية واسعة ضد هذه القوى وليس التفاوض معها. "بتنا في حاجة لتغير ثوري وليس التجميل، علينا العودة لإنتاج الفعل الثوري". اختتم الدكتور مضر كلمته بشكر الدكتور جورج جقمان على تفانيه للبحث العلمي والثوري في فلسطين ودوره المركزي في بناء مواطن، كما وشكر مؤسسة هينرش بول لدعمها المتواصل لمواطن ومؤتمرها طوال 25 عاماً.

ترأست الدكتورة بيتينا ماركس من مؤسسة هينرش بول الجلسة الأولى وعنوانها "مقاربات لإعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني". شملت الجلسة عدة مداخلات أولها للدكتورة مها السمان من جامعة القدس وعنوانها "فلسطين – بين الحيز الاستعماري و’الحق في الوجود‘" والتي قام الدكتور عوض منصور من جامعة القدس بتقديمها بالنيابة عنها. عرضت المداخلة لطريقة بديلة لتحليل الواقع الفلسطيني - الإسرائيلي، ومنهجية لتشريح الواقع لتبيان نقـاط القـوة والضعف لدى المسـتعمِر والمسـتعمَر، وخرجت بتوصيات لبناء استراتيجية فلسطينية قائمة على إنتاج الحيز المغاير للحيز الاستعماري. وقدم المداخلة الثانية الدكتور وسيم أبو فاشة من جامعة بيرزيت، وحملت المداخلة عنوان "العودة إلى البدايات: تمثلات المخيال الوطني الفلسطيني وفشل تحقيقه" وتمحورت حول تمثلات المخيال الوطني الفلسطيني والتغيرات التي طرأت عليها منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية حتى يومنا هذا ودور السلطة الفلسطينية في عملية إعادة التشكيل. وكانت المداخلة الثالثة للأستاذ رجا الخالدي منسق البحوث في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) بعنوان "القومية والطبقة: أجيال من التحرر الفلسطيني" حيث حاجج أن هناك ظروفاً مادية تنشأ في خضم التصادم المزمن مع الاستعمار الاستيطاني، وصراعاً بين المصالح الوطنية والمصالح الطبقية، تفضي إلى جيل جديد من التحرير الفلسطيني يتحدى الإقصاء والتهميش الذي أنشأته الهيمنة الاستعمارية الاستيطانية ويعني ذلك إن هناك حاجة إلى إعادة تعريف عملية التحرير وفهمنا لها.

كان عنوان الجلسة الثانية "البنى الاستعمارية الوافدة والمستبطنة" وأدراها الأستاذ عصام العاروري مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان. قدمت الدكتورة موريل أسبورغ، زميلة متقدمة في مؤسسة العلوم والسياسة، المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، في مستهل الجلسة مداخلة بعنوان "الاتحاد الأوروبي ودوله والنضال من أجل تقرير المصير للفلسطينيين والسلام الإسرائيلي-الفلسطيني" عرضت فيها لأسباب فشل الأوروبيين في لعب دور أكثر بروزاً من شأنه أن يسهم بشكل أفضل في تحقيق أهدافهم وكيفية تحول النهج الأوروبي من نهج يسعى إلى دعم تقرير المصير للفلسطينيين، وبناء نظام حكم ديمقراطي، إلى نهج يُخضع الحقوق إلى عملية السلام أولاً، ومن ثم إلى دعم استقرار الوضع القائم. أما الدكتور باسم الزبيدي، من جامعة بيرزيت فسعت مداخلته بعنوان "هل النخب الفلسطينية جزء من مأزق مشروع التحرر الوطني الفلسطيني؟" إلى تبيان تعثر المشروع الوطني الفلسطيني بسبب الطبيعة البنيوية والأيديولوجية للنخب المسيطرة (القيادة) على القرارات المرتبطة بالمشروع الوطني. وقارنت بين لحظتين تاريخيتين مختلفتين: لحظة الثورة والكفاح الوطني التي سبقت مرحلة أوسلو، ولحظة "الدولة" أو شبهها التي تلتها. ومن جهته قدم الدكتور جيريمي وايلدمان الذي يعمل في جامعتي باث في بريطانيا وأوتوا في كندا مداخلة تحمل عنوان "دور المانحين الأجانب في عملية أوسلو السلمية، وأثره على المشروع الوطني الفلسطيني"، وسلط الضوء على الفجوة بين سياسات وتصورات الجهات المانحة الرئيسية، مقارنة مع الظروف الفعلية التي يواجهها الفلسطينيون. وجادلت المداخلة، أن الخروج عن السياق أدى إلى تراجع الظروف الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين. وفي نهاية جلسات اليوم الأول من المؤتمر قدمت الدكتورة ماندي تيرنر، مديرة معهد كنيون، مداخلة باسم "كيف نفهم المساعدات الدولية في غياب السيادة الفلسطينية؟" والتي سعت إلى الإجابة عن سؤالين؛ الأول مرتبط بالممولين وهو: ما هو الهدف الذي من المفترض أن تحققه المنح للفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال في ضوء الفجوة بين الخطاب السياساتي والواقع السياسي؟ أما السؤال الثاني، فكان: في ظل غياب التحرك باتجاه إقامة دولة ذات سيادة، ما هي سياسات المساعدات المفيدة؟

يُشار إلى أن أعمال مؤتمر مواطن تستمر يوم غد السبت 5 تشرين الأول، لاستكمال فعالياته وطرح قضايا ذات العلاقة بدمقرطة السياسة الفلسطينية وبناء المشروع الوطني.