‫نمر قطوسة: غادر الجامعة أسيراً وعاد إليها حارساً وطالباً

سبع سنوات داخل سجون الاحتلال، لم تُنسِ نمر قطوسة، جامعة بيرزيت، بل زادت تعلقه بها، وحبه لها. ما زالت المكان الذي يحب. تربى فيه. وغادره مكرها. ظل يحاول حتى عاد إليها حارسا، ثم ما لبث أن عاد طالبا، ليفاجئ الجميع بمثابرته، وحبه للعمل والدراسة داخل الحرم الجامعي.

بدأت قصة نمر حين التحق عام 1999 بكلية التجارة سابقا "كلية الاقتصاد والأعمال حاليا". وبعد أن قطع سبعين ساعة، اعتقله الاحتلال وحكم عليه بالسجن سبع سنوات.

تحرر نمر من سجون الاحتلال عام 2009، ثم عاد إلى الحياة والعمل، ليقتنص بعد ذلك فرصة شاغرة في حراسة الجامعة، وحصل على الوظيفة وبدأ العمل عام 2010. يقول: "كانت لحظة عظيمة، فأنا ما زلت متعلقا بالجامعة، ومنتميا لها، والسجن أبعدني عنها، لكنه لم يمحُ حبي وانتمائي لها".

حاول نمر العودة إلى الدراسة لحظة تحرره من سجون الاحتلال، لكنه لم يتوفق لأسباب عديدة. وحين عاد للعمل حارسا في الجامعة، بدأت تراوده الأفكار: "لماذا لا أعود إلى مقاعد الدراسة؟!". ومنذ اللحظة التي بدأ فيها نمر بالحديث إلى ادارة الجامعة، تفاجأ "بمستوى التعاون الكبير الذي وجدته من قبل الإدارة، قال لي رئيس الجامعة: أنت ابن الجامعة ولك الحق بالعودة إليها فورا".

سجل نمر مجددا في الجامعة وعاد إلى كلية الاقتصاد والأعمال، ولم يخسر 70 ساعة كان قد قطعها قبل نحو عشر سنوات: "كانت لحظات ممزوجة بالفرح والحزن، فلم أكن أتخيل أبداً أني سأعود إلى الجامعة لا موظفاً ولا طالباً، كانت تراودني الأفكار دائما: راحت عليك يا نمر!. لكن المحبة والدفء اللذين وجدتهما لدى عودتي هنا، كانا أكبر من طاقتي، لقد كانت لحظات رائعة".

يقضي نمر، وهو أب لثلاثة أبناء، جل وقته هذه الأيام في جامعة بيرزيت، يعمل بالحراسة ليلا في أغلب الأحيان، ويذهب إلى مقاعد الدراسة في ساعات النهار. ويكرر نمر قوله: "لو خيروني، فسأبقى طيلة حياتي في الجامعة ليلاً ونهاراً، فهي البيت الثاني، وهي الحضن الدافئ، وهي التي ترعى أبناءها الطلبة حتى الرمق الأخير، لا تنساهم ولا تفرط فيهم. أفتخر اليوم أني موجود في هذا المكان".

يطمح نمر، بأن ينهي تخصص البكالوريوس في الجامعة، ولا يفكر في مغادرتها إلى مكان آخر: "سأبقى أحرسها حتى بعد تخرجي، فهي التي حرستني وتحرسني حتى اليوم".