ندوة حوارية تناقش دور المصارف الإسلامية في التنمية الاقتصادية

عقدت كلية الحقوق والإدارة العامة يوم الثلاثاء 29/10/2019، ضمن النشاط المشترك لبرنامج ماجستير الحكومة والحكم المحلي وبرنامج ماجستير القانون والاقتصاد في الكلية، ندوة حوارية بعنوان "المصارف الاسلامية في فلسطين بين النظرية والتطبيق من منظور تنموي"، أدارها الدكتور محمد حنيني مدير برنامج ماجستير الحكومة والحكم المحلي وبمشاركة كل من الدكتور حسام الدين عفانة رئيس هيئة الرقابة الشرعية والدكتور باسم بدر رئيس دائرة التدقيق الشرعي في البنك الاسلامي الفلسطيني.

في بداية الندوة رحب عميد كلية الحقوق والادارة العامة الدكتور عبد الرحمن الحاج ابراهيم بالمتحدثين والحضور وأكد على أهمية عقد مثل هذه الندوات الحوارية التي تستضيف مجموعة من المتخصصين والعاملين في مجال الرقابة على الصيرفة الاسلامية مشيدا بخبرات الدكتور حسام الدين عفانة وبالمناصب الهامة التي تقلدها خلال السنوات السابقة في هذا المجال الهام والحيوي والذي بات يدرس في العديد من الجامعات العربية والاوروبية والعالمية. كذلك رحب الدكتور محمد القيسي مدير برنامج ماجستير القانون والاقتصاد بالمتحدثين والحضور مؤكدا أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الصيرفة الاسلامية على صعيد تنمية اقتصاد الدول بشكل عام والاقتصاد الفلسطيني بشكل خاص، وأوضح انه يتم تدريس مساق خاص ضمن برنامج ماجستير القانون والاقتصاد تحت عنوان "التمويل الإسلامي"، وشكر البنك الاسلامي الفلسطيني على تعاونه في عقد هذه الندوة التي تستهدف على وجه الخصوص طلبة الماجستير في البرنامجين.

من ناحيته قدم الدكتور حسام الدين عفانة، الأستاذ في جامعة القدس محاضرة حول الصيرفة الاسلامية من منظور تنموي، مستهلا كلمته بتوضيح فكرة الصيرفة الاسلامية والتي تعتبر موضوعا مهما وفكرته رائدة كبديل عن الصيرفة التقليدية التجارية التي تقوم على اساس الربا أو ما يسمى بالفائدة. وأضاف الدكتور عفانة أن الفقهاء عالجوا العديد من القضايا المعاصرة مثل: التأمين من خلال التأمين التعاوني أو التكافلي، الى جانب الصيرفة الاسلامية التي تعتبر حديثة العهد نسبيا إذا ما قورنت بالمصارف الاوروبية التي تمتد جذورها الى العصور الوسطى.

وأضاف الدكتور عفانة أنه رقميا هناك 1000 مصرف اسلامي على مستوى العالم تنتشر في العالم العربي واوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، ففي بريطانيا على سبيل المثال هناك 22 مصرفا اسلاميا وهناك حوالي 18 جامعة تدرس موضوع الصيرفة الاسلامية، حيث دعا خبراء اقتصاد غربيون الى الاستفادة من التجربة الاسلامية في هذا المجال خاصة بعد الازمة المالية أو ما يسمى بأزمة العقارات التي حدثت في الولايات المتحدة عام 2008، من جانب اخر تبلغ حصة الصيرفة الاسلامية في فلسطين حوالي 14% من الحصة الكلية والمأمول أن تتطور هذه الحصة من خلال نشر تقافة الصيرفة الاسلامية لان هناك عدم وضوح للفكرة وهناك من يدعي بعدم وجود فروق تذكر بينها وبين الصيرفة التقليدية التجارية.

وأشار الدكتور عفانة الى العديد من العقبات التي تواجه الصيرفة الاسلاندمية منها، اولا: الاحتلال الاسرائيلي الذي يضع العقبات أمام المصارف الاسلامية من خلال منعها من التعامل مع البنوك التجارية الاسرائيلية، ثانيا، عدم توفر الكوادر البشرية المهيئة للعمل في المصارف الاسلامية لان معظم الكوادر تأتي من البنوك التجارية أو من الجامعات والمعاهد التي لا تؤهلهم للعمل ضمن فكرة الصيرفة الاسلامية، ثالثا، هناك مشكلة في المناصب العليا في البنوك الاسلامية حيث أتت معظم هذه القيادات من البنوك التجارية ولهؤلاء بطبيعة الحال تأثير كبير على طبيعة تفعيل الرقابة الشرعية وهؤلاء المدراء يحتاجون الى تأهيل للعمل ضمن المعطيات الجديدة المتعلقة بالصيرفة الاسلامية. رابعا، عدم وجود كليات ومعاهد متخصصة لرفد المصارف الاسلامية بالكوادر البشرية المؤهلة للعمل في المصارف الاسلامية علما ان الجامعات في الغرب تدرس المصارف الاسلامية بشكل واسع.

أوضح الدكتور عفانة العديد من الأمور التي ترافق عمل المصارف الاسلامية ومنها: أولا، أن البنوك الاسلامية هي بنوك استثمارية وتهدف الى تنمية المجتمع بشكل خاص الا أن هذا الهدف لم يتحقق حتى الان. ثانيا، البنوك الاسلامية من الناحية التطبيقية غير معصومة عن الاخطاء ومع ذلك هناك تحسن وتقدم مضطرد في اداء الموظفين وخصوصا في مجال التمويل، ووجود اخطاء بشرية في معاملة ما لا يعني أن الفكرة خاطئة، والتزام البنوك الاسلامية بالضوابط الشرعية متفاوت مثل التزام الاشخاص ثالثا، أحيت الصيرفة الاسلامية أمرا مهما وهو فقة المعاملات حيث هناك الان العديد من الكتب والابحاث والندوات والمؤتمرات العلمية في هذا المجال.

من حيث الضوابط التي تنظم عمل البنوك الاسلامية أشار الدكتور عفانة الى أهمها وهي: أولا، البنوك الاسلامية لا تتعامل مع الربا أو الفائدة لا اخذا ولا اعطاءً وهي تعتمد على الربح الناتج عن اجتماع رأس المال والعمل وهذا جائز شرعا بينما البنوك التجارية تعتمد على الربا وهو عبارة عن الزيادة التي تطرأ على رأس المال مقابل المدة وهذا مخالف للشريعة الاسلامية، ثانيا، البنوك الاسلامية تتعامل وفق الاصول المستمدة من فقة المعاملات من خلال عقود المرابحة والمضاربة حيث تدخل السلعة في ملكية البنك الاسلامي قبل أن يقوم بدوره ببيعها للمستهلكين. ثالثا، البنوك الاسلامية لا تستثمر الا في المشاريع التي تقع ضمن دائرة الحلال فقط. رابعا، من الضوابط المهمة وجود هيئة رقابة شرعية تراقب عمل هذه البنوك وقانون المصارف قرار بقانون رقم (9) لسنة 2010 بشأن المصارف يلزم بوجود هذه الهيئة ويكون رأيها إلزاميا وليس استشاريا وتعتبر هذه الهيئة صمام الأمان لعمل البنوك الاسلامية لأنها تضبط المعاملات من خلال الرقابة السابقة والمتزامنة واللاحقة وفق المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية (ايوفي) في البحرين والتي تشمل 70 معيارا تضبط عمل البنوك والمؤسسات المالية الاسلامية.

في نهاية الندوة تم فتح باب النقاش أمام الحضور، وأجاب كل من الدكتور حسام الدين عفانة والدكتور باسم بدر على العديد من أسئلة وتساؤلات الحضور الذين أبدوا اهتماما وتفاعلا كبيرا مع المواضيع التي طرحت في الندوة.