مؤنس نزال.. ينهي دراسته في جامعة بيرزيت بامتياز ويشارك  تجربته كطالب كفيف وتحديات النجاح 

"هناك عوامل كثيرة ساعدتني على النجاح والتقدّم في جامعة بيرزيت، فالرغبة والإصرار على النجاح أولاً، والعطاء الذي قدّمه مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة الموجود في الجامعة لمساعدتنا ثانياً، كانا العاملين الأساسيين لتخرجي بدرجة الامتياز في نهاية الفصل الحالي". هكذا وصف مؤنس نزال، الطالب في برنامج اللغة الإنجليزية في جامعة بيرزيت، بصوت واثق ومتفائل تجربته ككفيف شغوف وطموح. 

يقول مؤنس: "قد تكون مشكلة التكيف والتأقلم مع الظروف المحيطة الجديدة هي من أكبر التحديات التي قد تواجه الكفيفين، فسنعيش في بيئة جديدة، وفي مكان أوسع، ومع عدد أكبر من الزملاء والأساتذة". على الرغم من ذلك، يؤكد مؤنس الذي التحق في الجامعة عام 2017، أن هناك العديد من المحفزات الداخلية والخارجية التي ساعدته على اجتياز فترة الدراسة بالجامعة وحتى التميز بها.

محفزات على النجاح والتميز 

سيتخرج مؤنس في نهاية الفصل الحالي من العام الأكاديمي 2020-2021، بدرجة امتياز، وبثلاث سنوات ونصف السنة، وذلك بعد حصوله في الثانوية العامة على معدل 98.3%. 

ويبين مؤنس "بالنسبة لي، كان التنقل يومياً بين مدينتي قلقيلية وبيرزيت يومياً هو تحدٍ بحد ذاته، لا سيما أنني اعتدت أن أكون في مدرسة داخلية. إلّا أن محبتي لجامعة بيرزيت أولاً ورغبتي في التميز والإبداع كانا الحافز الرئيسي لخوضي هذا التحدي". وهذا كان الحافز الأول لمسيرة مؤنس. 

وكانت الجامعة قد قدّمت لمؤنس منحة دراسية، ومن الفصل الأول 2017-2018، راعت تميّزه ووضعه.

أما الحافز الثاني حسب مؤنس، فكان مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة في الجامعة، الذي وصفّه بأنه "فريق من المتطوعين" الذين يقوم أساس عملهم على العطاء دون مقابل. يقول مؤنس: "يعمل هذا المكتب بالاستناد على مجموعات تخصص لكل طالب من طلبة ذوي الاحتياجات الخاصة الملتحقين بالجامعة، فلكل طالب صديق يرافقه منذ بداية التحاقه بالجامعة، ويساعده في كتابة امتحاناته وواجباته وطباعة الكتب، وحتى يسيرون معه في داخل الحرم الجامعي".

ويضيف مؤنس "أنا ممتن لهم. فهم العامل الأبرز في هذه المسيرة، بالرغم من أنني استطعت أن اعتمد على نفسي في نهاية الأمر". 

تميز أكاديمي ومساعدة الطلبة على التكيف

حرص مؤنس خلال سنوات الدراسة في الجامعة على مساعدة أقرانه الطلبة، لا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم في التكيف والانخراط في الحياة الاجتماعية والأكاديمية في الجامعة. ويفتخر مؤنس بتجربته في برنامج التدريس “tutoring”، الخاص بدائرة اللغة الإنجليزية. ففي منشور له على صفحته على الفيسبوك، يقول مؤنس: "من أطرف وألطف ما عشته في جامعة بيرزيت، هو قيامي بتدريس الطلبة المواد المتعلقة باللغويات ولمدة 5 فصول توالياً. وقد كان ذلك مع برنامج tutoring في دائرة اللغة الإنجليزية لمساعدة الطلبة. والحمد لله، لقد كان الحضور دائما قوياً لمحاضراتي، إذ لم يكن يقل عدد الطلبة عن 8 في المحاضرات العادية ولم يكن يقل عن 15 أيام الامتحانات، وهو عدد كبير مقارنة مع الحصص الأخرى".

وازداد شعور مؤنس بالمسؤولية خلال فترة الكورونا، والتحول إلى التعليم الالكتروني بدلاً من الوجاهي، حيث قام بتصوير فيديوهات لتعليم زملائه المكفوفين الدخول على ريتاج، وهي البوابة الرئيسية لتسليم الطلبة واجباتهم والدخول الى محاضراتهم الالكترونية وغيرها. 

ويوضح مؤنس: "كانت هذه الفيديوهات مهمة في تلك الفترة، لا سيما أن الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين التحقوا بالجامعة في بداية هذا العام الأكاديمي (2020-2021) خلال فترة الطوارئ لم يتمكنوا من الحضور الى الجامعة والتعرف على الحرم خلال الأيام الإرشادية".

وكرئيس لنادي اللغة الإنجليزية، حرص مؤنس على مواصلة عمل الدائرة في برنامج التدريس tutoring، وخصصوا فيديوهات يشارك فيها الطلبة عن بعد مقابل ساعات عمل تعاوني. 

نصيحة لجامعتي من أجل خدمات أفضل لذوي الاحتياجات الخاصة

منذ تأسيسها، استقبلت الجامعة عشرات الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، ووفرت لهم كل ما يحتاجون إليه. ومؤخراً، أعدت ملفاً خاصاً بهم لمتابعة شؤونهم الأكاديمية والشخصية. كما توفر الجامعة جميع المعدّات والأجهزة للطلبة المكفوفين وتوفر البيئة المناسبة لهم في الجامعة، وتزود المرافق باللوحات الإرشادية المطبوعة بطريقة "بريل".

على الرغم من ذلك، يوضح مؤنس أن هناك حاجة إلى أن تقوم الجامعة بتطوير طريقة طباعة الكتب الدراسية الخاصة بالمكفوفين. ويوضح: "تستخدم بيرزيت الطريقة التقليدية، فيتم تقسيم الكتاب على الطلبة المبصرين، الذين يقومون بدورهم بطباعته، ومن ثم إعادة تجميعه وطباعته على الماكنة المخصصة بلغة بريل، فيصل الكتاب للطلبة المكفوفين بعد شهر أو شهرين من بداية العام الأكاديمي".

وهنا، ينصح مؤنس الجامعة بشراء برامج مخصصة تسرع هذه العملية وتقلل من جهد الطلبة المبذول لطباعة الكتب. 

طموح يتجاوز الجغرافيا

يسعى مؤنس بعد الانتهاء من درجة البكالوريوس إلى نيل الماجستير وحتى الدكتوراة، ويتطلع إلى أن تكون تجربته في بلد أجنبي للتعلم في مجتمع آخر ومن خبرات أخرى وجديدة. ويطمح أن يتخصص في علم اللغويات في اللغة الإنجليزية.

وينهي مؤنس حديثه قائلاً "على الرغم من أن الدستور الفلسطيني وكافة مواثيق حقوق الإنسان تضمن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في العمل، إلّا أن فرصنا في المجتمع قليلة. وسلاحنا لكي نعيش هو العلم والمعرفة".