متحف الجامعة و"الدراسات الفلسطينية" ينظمان ندوة بعنوان: " كلام الأسرى...عيون الكلام"

"هذا العدد ليس عددا تكريميا للأسرى، فنحن لا نكرمهم بل نتكرم حين نستمع إليهم ونخاطبهم"، كلمات قالها رئيس تحرير مجلة الدراسات الفلسطينية إلياس خوري خلال لقاء عقدته مؤسسة الدراسات الفلسطينية بالشراكة مع متحف جامعة بيرزيت يوم الأربعاء 13 تشرين الأول 2021، بعنوان: "كلام الأسرى...عيون الكلام"، بمناسبة صدور العدد 128 من مجلة الدراسات الفلسطينية.

وأصدرت "الدراسات الفلسطينية" عددا جديدا من مجلتها (خريف 2021)، كتب معظم نصوصه أسرى في سجون الاحتلال، وتم تهريبها إلى الخارج، وشارك في العدد قادجة من الحركة الأسيرة: مروان البرغوثي؛ ثابت مرداوي؛ وجدي جودة؛ عبد الرازق فرّاج؛ باسم خندقجي؛ عبد الناصر عيسى؛ وليد دَقّة.

كما تضمن مقالات ودراسات وشهادات وتحقيقات، كتبها: زكريا الزبيدي، قسم الحاج، سعاد قطناني، تسنيم القاضي، حسام شاهين، أمير مخول، أماني سراحنة، طارق مطر، باسم خندقجي، ليان الكايد، ميس أبو غوش، إيلياء أبو حجلة، سماح جرادات، سائد سلامة، كميل أبو حنيش، ناصر حسن أبو سرور.

وحول العدد قال خوري: "لم نكن في صدد صوغ أرشيف عن الحركة الأسيرة، وتقديم شهادات عن المعاناة فقط، بل كان هدفنا هو الاستماع إليهم والتعلم منهم ومناقشتهم، فقد كتبوا وتكلموا بصفتهم مناضلات ومناضلين وقادة، وقدموا تحليلا ورؤية عن الواقع الفلسطيني".

وأضاف: "أن هذا العدد هو دعوة إلى فتح باب النقاش، ومحاولة لسد ثغرة الغيبوبة الفكرية التي فرضها زمن أوسلو والانقسام، والانطلاق من هبة القدس، ومعركة سيفها، وصولا إلى نفق الحرية من أجل أن نستمع إلى لغة الأرض المجبولة باحتمالات الحرية.

أما عن تزامن صدور العدد مع حدث نفق الحرية، التي انتزع فيها 6 أسرى فدائيون حريتهم من سجن جلبوع شمال بيسان المحتلة، قال خوري إن تزامن التوقيت جاء صدفة لأن فكرة هذا العدد والإعداد له بدءا قبل صدوره بستة أشهر، أي قبل أن يخطر في بال أحد في أن نفق الحرية آت بكل ما يحمله من معان، وفي ذات الوقت لم يكن صدفة لأن لحظة اللقاء جاءت تعبيرا عن عمل استغرق أشهر طويلة، معتبرا أن نفق الحرية لم يكن حدثا مفاجئا للذين قضوا الأيام والليالي وهم يحفرون بالملاعق، وعدد المجلة لم يكن مجرد طفرة، بل أتى تتويجا لعمل دؤوب كان يسعى إلى البحث عن لغة ثقافية وسياسية جديدة، وسط أصول اللغة السائدة.

وقال خوري: "في العدد نظرنا إلى ما هو محجوب ومنسي فوجدناه، حفرنا قليلا في أرض اللغة، فاكتشفنا أنهم حولوا التراب إلى كلمات، وتوغلوا في العتمة كي يصلوا إلى شمس الحرية، الكلمات أرض وتراب، لأن الأرض والتراب يصنعون لغة ويصوغان الكلمات، كما حفروا في الأرض فإنهم يحفرون في اللغة، ففي الأرض وجدوا نورا وفي اللغة وجدوا روحا، انحنت الكلمات لهم وتركنا لهم كل الصفحات كي يكتبوها كما يشاؤون".

بدوره، أوضح أستاذ الدراسات الثقافية د. عبد الرحيم الشيخ، أن هذا العدد يعلمنا أن الأسرى الفلسطينيين يقترحون مقولة ثقافية ومقولة معرفية وهي الكتابة عن إرادة الحرية لدى الأسرى الفلسطينيين بدل الكتابة عن إرادة القوة والمعرفة، فإرادة الحرية تشمل هاتين الإرادتين اللتين تقترحهما فلسطين. كما أن هذا العدد هو احتفاء باللغة الحية التي حافظ عليها الأسرى الفلسطينيون، حينما هزمت اللغة الرسمية بفعل المؤسسة الرسمية، وفقا للشيخ الذي اعتبر أن اللغة الوطنية أصيبت بالعطب بعد العام 2004.

ونوه عبد الرحيم الشيخ أن قبالة هذا العجز اللغوي، في الرسمية الفلسطينية، كان هناك إعجاز ثقافي ولغوي لدى الأسرى الفلسطينيين في السجون، وقبالة العجز اللغوي في "فلسطين العليا"، التي وصفها مرة الياس خوري بأن جزءا منها تحول إلى مقبرة ثقافية، هناك إعجاز ثقافي ولغوي في الجغرافيا السادسة في السجون الصهيونية.

وحول الإعداد لمواد العدد قال الشيخ: "بدأنا الإعداد لها في أوج هبة القدس ومعركة سيف القدس، التي كان صوت الأسرى مغيبا عنها، كما تم تغييبه قبلها، أي في أواخر نيسان، وشارك فيها 7 من قادة الحركة الوطنية الأسيرة ومن أبناء الحركة الوطنية في كل مكنوناتها الفلسطينية من فصائل منظمة التحرير لفصائل المقاومة الإسلامية والعمل السياسي في فلسطين المحتلة عام 1948، بدافع توثيق أصوات الأسرى التي تم تغييبها.

وتحدثت في اللقاء الأسيرة المحررة والطالبة في جامعة بيرزيت ليان كايد، وهي إحدى المساهمات في العدد "كلام الأسرى، عيون الكلام" في نص بعنوان: "السجن كنص".

وقالت الكايد حول نصها: "في السجن نفكر في النص وفي فعل الكتابة، كفعل إرادة، يتجاوز السجن كمبنى، وكيف أن عالم النص بكل رمزياته يتجاوز السجن من خلال تفكيكه ونقاشه وتحديه."

وأوضحت الأسيرة المحررة أن الأسرى والأسيرات في السجن بحاجة إلى مسافة للتفكير كل يوم أن السجن ليس فقط ما يخلقه السجان لهم/ن، بل هو عبارة عن تفاصيل صغيرة وتحديات يومية صغيرة، كما أنه ليس فقط معاناة ولا بطولة بل هو التوليفة التي يستطيع أن يفعلها الأسير نفسه من الحياة اليومية، التي تجعله لا يشعر نفسه بأنه بطل أو ضحية، وإذا خلق الأسير هذه المسافة، واستطاع أن يتعايش مع يومياته يتمكن من التفكير بالسجن كنص.

وأقيم اللقاء في المتحف الفلسطيني في جامعة بيرزيت، ووكالة مديرة المتحف د. رنا بركات، إن الهدف من المتحف بدأ في وقت مبكر، وهو جعل هذا الحيز، حيزا لإنتاج ثقافة تحررية.

وأضافت بركات: "الدراسات الفلسطينية ليس مجرد اسم لمؤسسة، بل نحن الدراسات الفلسطينية لأننا ننتج أكاديميا وفكريا وسياسيا بالفكر التحرري، ليس فقط لفلسطين بل للعالم أجمع، والدراسات الفلسطينية هي الثقافة والحياة، كما أنها ليست تلخيصا على الصراع لأن الصراع ليس لغتنا، بل هي قضية".