محاضرتان حول أزمة الخليج و"الحرب الباردة" بين إيران والسعودية

استضاف معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية في جامعة بيرزيت بالشراكة مع مؤسسة "كونراد أديناور" الأستاذ المشارك في معهد الدوحة للدراسات العليا د. إبراهيم فريحات، حيث عقد محاضرتين، يومي الإثنين والثلاثاء 6 و7 آب 2018، حول أزمة الخليج وسياسة قطر الخارجية و"الحرب الباردة" بين إيران والسعودية.

في المحاضرة الأولى التي كانت بعنوان "أزمة الخليج: الأسباب والتوقعات، كيفية فهم سياسة خارجية قطر المثيرة للجدل"، بدأ فريحات حديثه بالقول إن الجغرافية السياسية تحدد بشكل كبير السياسة الخارجية وهذا ينطبق على قطر الواقعة على الخريطة بين عملاقين إقليميين متنازعين هما السعودية وإيران، وهذا يخلق لها تحد كبير في إدارة الأزمة.

وبين أن قطر قبل عام 1995 كانت تدير الأزمة بالوقوف وبشكل تام إلى جانب السعودية مثلها مثل البحرين، ولكن بدأت الأزمة بين قطر والسعودية بالظهور بعد انقلاب الأمير القطري السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على والده واتخاذه سياسة مختلفة بالاستقلال عن الرياض في القرارات الخارجية.

وأضاف "هذا القرار ليس سهلا وله أثمان وحتى تتبنى سياسة خارجية مغايرة لا بد أن يكون لديك عامل داعم، وقطر ليس لديها قوة صلبة وبالتالي لجأت إلى القوة الناعمة بالحضور على المستوى الدولي للتأثير على السياسات الخارجية للدول، واستخدمت لتحقيق ذلك أدوات الإعلام والتعليم والرياضة والمساعدات الإنسانية والتوسط في مناطق النزاع والقدرة على الوصول إلى الأطراف المختلفة في الأزمات والنزاعات الدولية".

وأوضح فريحات أنه بعد عام 2011 وتحديدا بعد اندلاع الثورات العربية شهدت السياسة القطرية انحرافا لا سيما في مجال الوساطة المحايدة، فقد أغريت الدوحة بوجود قوى جديدة صاعدة وأقلعت عن حيادها وبدأت بالاستثمار بأقوى تلك القوى وهم جماعة الإخوان المسلمين ودعمته سياسياً. ولفت إلى أن قطر اكتشفت بعد عامين أن رهانها فشل بسبب تراجع القوى الجديدة، فصارت أمام خيارين صعبين إما التخلي عن الحلفاء أو تراجعها دولياً.

وتابع "في عام 2017 وبعد قمة الرياض التي شاركت فيها الولايات المتحدة ممثلة برئيسها دونالد ترامب والدول العربية والإسلامية تم الاتفاق على رسم سياسة جديدة بقيادة السعودية والإمارات تقوم على إعادة ترتيب النظام الإقليمي ومواجهة إيران بالإضافة إلى القضاء على الإسلام السياسي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التي تدعمها قطر ولهذا السبب جاء حصار قطر واستعادة الأنظمة التقليدية في النظام الإقليمي العربي ووقف حركات التغيير.

أما المحاضرة الثانية لفريحات فكانت بعنوان "الحرب الباردة إيران-السعودية، وكيفية تأثيرها على سياسة المنطقة"، واستهل فيها حديثه عن أن النظام الإقليمي كان له شكل واحد قبل أن يبدأ بالانقسام ليتشكل محوران في المنطقة هما الدول التقدمية والدول الرجعية، ومع مرور السنوات أخذ هذان المحورين مسميات جديدة هي دول الممانعة أو المقاومة ودول الاعتدال، ومؤخرا أصبح النظام الإقليمي ينقسم إلى 4 محاور، هي: محور دول الاعتدال ومحور تركيا وقطر ومحور الممانعة ومحور اللاعبين الفاعلين غير الرسميين وعلى رأسهم تنظيم "داعش".

وأشار إلى أن القضايا التي تشكل جوهر الصراع في المنطقة هي القضية الفلسطينية والثورات العربية والثورات المضادة والحرب على الإرهاب والنزاع الإيراني – السعودي الذي بدأ مع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 التي رفعت شعار تصدير الثورة، ولكن هذا الشعار اصطدم بالحرب بين العراق وإيران التي استمرت حتى عام 1988 والتي أدى إلى نتيجة مهمة هي خلق نظام إقليمي متوازن ما ولد حالة من الاستقرار.

"بعد ذلك سادت حالة من الهدوء وانكمشت الحرب البادرة بين عامي 1988 – 2002، ولكن عام 2003 شهد تطوراً كبيراً وهو انتهاء حالة التوازن بخروج العراق من المعادلة بعد شن الولايات المتحدة حرباً عليها، ولاحقاً انضمت بغداد إلى طهران فعاد إحياء شعار تصدير الثورة" يقول فريحات.

وأردف "من خلال دول العراق وسوريا ولبنان واليمن وعمان أصبحت السعودية محاطة بالنظام الإيراني وهو ما ينذر بقلب نظام الحكم، اما إيران فتعيش حالة من الإحاطة الأمريكية عليها من خلال دول السعودية وقطر والبحرين والعراق وأفغانستان وأذربيجان".

واختتم فريحات محاضرته بالقول "إن السعودية عايشت 10 سنوات من الإحباط بسبب ادارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وذروة ذلك تجلى في توقيع الاتفاق النووي مع إيران، لكن فوز ترامب في الانتخابات مثل انفراجة للسعودية فجاءت قمة الرياض في أيار 2017 التي وضعت ترتيبات جديدة للمنطقة، أبرزها الاتفاق على مواجهة النفوذ الإيراني".