محاضرة لـ"الدرسات الإسرائيلية" حول نتنياهو و فكرة صراع الحضارات

نظم برنامج الماجستير في الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت، الأربعاء 23 أيار 2018، محاضرة عامة بعنوان: "نتنياهو وتأطير المشروع الصهيوني ضمن منظومة صراع الحضارات" قدمها المحاضر في البرنامج ومدير عام "مدى الكرمل - المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقيّة" د. مهند مصطفى.

وفي بداية المحاضرة، قال مدير برنامج الدراسات الإسرائيلية د. منير فخر الدين إن أهمية موضوع المحاضرة نابعة من ارتباطه بانتشار الشعبوية في العالم في الوقت الحالي، وارتباط ذلك بنظم الإقتصاد وأطوار الإقتصاد والإنتاج والنظم السياسية.

وبدأ مصطفى محاضرته بالقول "إن رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو من الشخصيات المركزية التي لعبت دورا كبيرا من خلال المنصب الوظيفي الذي حصل عليه في ثلاث دورات متتالية ودورة أخرى سبقتها. والعلاقة بين الدور والوظيفة في حالة نتنياهو هامة جدا لفهم التأثير الذي أحدثه على الحقل السياسي والفكري والإجتماعي في إسرائيل، فدوره المؤثر نبع من قدرته على الحكم في ثلاث دورات متتالية، مكنته من إحداث تغييرات كبيرة في اسرائيل تفوق قدراته الفكرية".

واضاف أن نتنياهو حافظ على توجهات ثابتة في مواقفه الأيديولوجية، ولا يدل ذلك بالضرورة على مثابرة بالمواقف وإنما على عدم قدرة على تطوير أفكار ومقولات ومقاربات جديدة، فهو ليس مفكرا ولكنه يتميز بدهاء سياسي كبير وقدرة على استغلال الظرف السياسي.

وأوضح مصطفى أن نتنياهو ومن خلال تأطيره للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أنه صراع حضاري بين الحضارة الغربية التي ترتكز على الموروث المسيحي – اليهودي من جهة والحضارة الإسلامية من جهة أخرى، يتحول إلى ممثل ومنظر ورأس الحربة وربما زعيم الحضارة الغربية في مواجهتها للحضارة الإسلامية، وأشار إلى أن نتنياهو لا يؤمن بأن هنالك أفق لسلام مع العرب والفلسطينيين ولا يعترف بأصلانية الفلسطينيين ويرى فيهم "خديعة عالمية" ضد الشعب اليهودي، وهو يتعامل بأستاذية مع نظرائه من الغرب الذين يحملون نفس التصور، ويسفّه أولئك الذين يخالفونه في الغرب حول هذا التأطير للصراع.

ولدى تفسيره لـ"أستاذية" نتنياهو الراهنة في تعامله مع نظرائه في الغرب، قال مصطفى إن ذلك عائد لأنه سبقهم في الفكر والطرح، ومما زاد الإعجاب به فكريا في الوقت الراهن، ولاسيما في صفوف اليمين المتطرف والقومي "كرئيس حكومة الهند نارنديرا مودي" هو مصداقية مقولاته – ولو مؤقتا- التي خطها في كتبه والتي تتواصل مع واقع البيئة الدولية والإقليمية الراهنة، فضلا عن أن تموضعه كخبير إرهاب على المستوى العالمي وتسويق ذاته في هذا الصدد، تنسجم مع الواقع الدولي الراهن الذي يضع قضية الإرهاب على رأس التحديات الدولية.

واختتم مصطفى محاضرته بالقول "يهدف نتنياهو إلى نزع أي صفة إنسانية عن حركات التحرر في الشرق، عن أهدافهم، أفكارهم، أدوات نضالهم، حياتهم وقيمهم ومجرد وجودهم. وهذا من خلال وضعهم في موقع نقيض كامل للحضارة الغربية. ولذلك فمهمة نتنياهو تذكير الحضارة الغربية بسذاجتها وتقريعها على ذلك، وتسفيه تعاطفها مع الآخر حتى لو تؤيده، وهو بذلك يهدف إلى نرع إنسانية الغرب أيضا، حتى تكون المعركة بين الشرق "الإرهابي" والغرب "المتنور" صراع تضاد ليس فيه مكان لتسوية سياسية، وليس هنالك لغة مشتركة بينهما بحيث أن الحل الوحيد لهذا الصراع هو حسمه بالقوة وإخضاع الآخر بلا رحمة. ومن هنا يمكن فهم الخطاب الإسرائيلي الذي يتهم الفلسطيني بالتحريض، فسردية الفلسطيني هي بالنسبة لنتنياهو تحريض، وإنسانية الفلسطيني مزيفة، وحقوق الفلسطينيين كذبة، والوجود الفلسطيني نفسه هو تحريض وخطر على الوجود اليهودي في فلسطين".