معهد الحقوق يعقد لقاءً قانونياً في غزة حول "اتفاق باريس الاقتصادي وسبل الانفكاك عن الاحتلال"

نظم معهد الحقوق في جامعة بيرزيت يوم الثلاثاء 11 كانون أول 2018، لقاءً قانونياً بعنوان "اتفاق باريس الاقتصادي وسبل الانفكاك عن الاحتلال" بالشراكة مع مؤسسة كونراد اديناور. وقد تحدث في اللقاء الدكتور سمير أبو مدللة، أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة الأزهر.

في البداية رحبت الأستاذة لينا التونسي، منسقة أعمال المعهد في غزة، بالمتحدث والمشاركين. ثم استهل الأستاذ أبو مدللة اللقاء بالحديث عن اتفاق باريس الاقتصادي الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل عام 1994 والذي شكّل أساس العلاقة الاقتصادية والتجارية مع سلطة الاحتلال، خلال المرحلة الانتقالية المؤقتة والبالغة خمسة سنوات. وقد كان للبعض توقعات إيجابية من توقيع الاتفاق. لكن، كما أضاف ابو مدللة، فإنه رغم مرور أربع وعشرين عاماً لم تحدث تغييرات جوهرية على معدلات نمو الاقتصاد الفلسطيني والعديد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، من تغيير في الناتج المحلي الإجمالي ومساهمة مكوناته فيه. ليس هذا فحسب، بل أنّه جرى تشويه سوق العمل الفلسطيني، وتحول الاقتصاد الفلسطيني إلى اقتصاد خدمي يغلب عليه الطابع الاستهلاكي، وزيادة العجز في الميزان التجاري الفلسطيني لصالح دولة الاحتلال، وتعميق الاعتماد على السوق الاسرائيلي.

وأضاف أبو مدللة أن جعل عملية الاستيراد مرتبطة باتفاقيه مع طرف ثالث ليس له ارتباط بعملية الاستيراد، يعقّد الإجراءات، خاصة إذا رُبط هذا البند بالذي يليه، ويتضمّن تحديد صلاحيات ومسؤوليات السلطة الفلسطينية، وربطها بقوائم محدده (A1, B A2,)، التي تتضمن 500 سلعة. ومن خلال هذه القوائم، فتح الاتفاق المجال أمام السلطة لاستيراد مواد محددة من دول عربية وإسلامية، خاصة مصر والأردن، وأصبح للفلسطينيين بديل عن السلع الإسرائيلية المصدر، بما فيها الاسمنت والفولاذ والأسمدة والأدوات الكهربائية.

وأشار المتحدث أن التزام الفلسطينيين بفرض ضريبة القيمة المضافة على السلع المستوردة بنسبة لا تجاوز (2%) عن النسبة المعمول بها في إسرائيل وهي (17%)، قد حرم الاقتصاد الفلسطيني والمستهلك الفلسطيني من التمتع بتخفيض أسعار السلع الضرورية، كما حرم الصناعة الوطنيّة من إمكانية تلقي الدعم والتشجيع من خلال الضريبة المضافة. وهذا الربط لا يتناسب مع الظروف الاقتصادية في المناطق التي تديرها السلطة الفلسطينية، حيث أن القطاعات الإنتاجية في إسرائيل متطورة وتستطيع تحمل هذا السعر المرتفع، ما أدى إلى تعزيز التبعية الفلسطينية للاقتصاد الاسرائيلي.

ثم تناول أبو مدللة بعض الحقائق حول اتفاق باريس الاقتصادي، فقال ان إسرائيل تتحكم بالمعابر والحدود وحركة النقل والتجارة وحركة الافراد من والى فلسطين بالكامل، وأن الاقتصاد الفلسطيني لا يستطيع الاستيراد أو التصدير من ومع دول لا تقيم إسرائيل علاقات سياسية او تجارية معها، وأن هذا يعني أن التجارة الخارجية الفلسطينية تخضع للمعايير والمواصفات الإسرائيلية بالكامل، وأنه لا يمكن للمستثمرين والمستوردين والمصدرين على حد سواء التعامل التجاري بأي سلع وبضائع لا تنطبق عليها المواصفات الإسرائيلية.

واستعرض أبو مدللة بعض الاقتراحات لفك ارتباط تدريجي مع اتفاق باريس الاقتصادي، حيث قال انه لا يجوز للدولة القائمة بالاحتلال أن تفرض على المناطق الخاضعة لاحتلالها غلافا جمركيا واحدا، لأن في هذا مخالفة للقانون الدولي. لهذا من الأهمية بمكان تقليص تأثيرات هذا الغلاف الجمركي الواحد الى الحدود الدنيا، وذلك بخفض ضريبة القيمة المضافة، مات قد يؤثر بشكل إيجابي على توسيع القاعدة الانتاجية الفلسطينية.

في ختام اللقاء فتح باب النقاش، الذي تخلله العديد من الأسئلة والمداخلات، وقدّمت توصيات، كان من أهمها  ضرورة تعديل اتفاق باريس بالشكل الذي يكفل توفير بيئة اقتصادية جديدة تتسم بفتح الحدود ورفع القيود ووضع حد للتوسع في الاستيطان، وإلزام اسرائيل بتنفيذ الاتفاق المرحلي، للوصول إلى اتفاق جديد يضمن التكافؤ في العلاقات الاقتصادية، وتنظيم السوق الداخلي للحد من تدفق السلع الاسرائيلية التي تغرق السوق الفلسطيني، ونقل الصلاحيات والسيطرة على الأراضي المصنفة (ج) إلى السلطة الفلسطينية، لما لهذا من فوائد اقتصادية كبيرة للفلسطينيين.