معهد الحقوق يعقد لقاء تشاورياً حول الفرص والتحديات القانونية والاقتصادية للسوق الاجتماعي في فلسطين

عقد معهد الحقوق يومي الأربعاء والخميس 9-10 أيار 2018 لقاء تشاوريا بعنوان "الفرص والتحديات القانونية والاقتصادية للسوق الاجتماعي في فلسطين"، بهدف البحث في الواقع التشريعي والإقتصادي الفلسطيني، في ظل نظام إقتصاد السوق الحر، ومدى فعالية هذا النظام، في ظل الوضع الإقتصادي الفلسطيني، وما هي الخيارات الأمثل لتطوير هذا النظام، في إطار بعض النظم التي أثبتت نجاعتها كنظام السوق الإجتماعي، بحضور الخبير الالماني د.ماركوس ماركتانر، والخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، ومدير مؤسسة كونراد أديناور الألمانية مارك فرينجز، بالإضافة إلى مجموعة من باحثي معهد الحقوق وبعض المؤسسات الرسمية، وطلبة الجامعة.

وقدم أ. جميل سالم كلمة معهد الحقوق، مؤكدًا أن الهدف من اللقاء هو نقاش التحديات القانونية والاقتصادية في السياق الفلسطيني في ظل مبادئ السوق الاجتماعي، موضحًا أن اللقاء يهدف لنقاش عدد من المحاور من بينها؛ السياق التاريخي لاقتصاد السوق الاجتماعي، التحديات التي تواجه الإقتصاد الفلسطيني، مبادئ السياسة الاقتصادية في الإطار الاقتصادي للسوق الاجتماعية، تطور وواقع التشريعات الإقتصادية الإجتماعية في فلسطين، نظرة إلى الاقتصاد الفلسطيني في ضوء الاعتماد على المعونات والمساعدات، السياسة الاقتصادية لفلسطين والتوصيات السياساتية الممكنة.

تخلل اليوم الأول من اللقاء ثلاث مداخلات رئيسة، اشار د.ماركوس في مداخلته إلى السياق التاريخي للسوق الاجتماعي؛ وما حصل من تطور في الفكر الاقتصادي في ثلاثينيات القرن العشرين استجابة للعديد من الدروس المستفادة من التاريخ الاقتصادي، ومن ثم استعرض نشاط المفكرين الاقتصاديين في ذلك الوقت ودورهم بالاستفادة من الدروس التاريخية والنظريات الاقتصادية ودورهم بالخروح بفكرة اقتصاد السوق الاجتماعي.كما أشار في مداخلته إلى المقصود باقتصاد السوق الاجتماعي، والمتمثل في الموازنة بين السوق الحر والتنمية الاجتماعية العادلة، وانتقل للحديث عن تحفيز السياسة الاقتصادية في اقتصاد السوق الاجتماعي، بالتطرق إلى الأفكار الثلاث؛ فكرة الإنسان، فكرة العدالة، دور الدولة، ومنوها د. ماركتانر بذات الوقت إلى أبرز المفكرين الإقتصاديين للسوق الاجتماعية، مستعرضا توجهاتهم وأفكارهم حول السوق الإجتماعي.

بدوره استعرض د. نصر عبد الكريم في مداخلته التحديات التي تواجه الإقتصاد الفلسطيني، مبينًا أن التحديات التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني؛ تحديات خارجية وداخلية. موضحًا أن التحديات الخارجية تتمثل في العجز الدائم في موزانة السلطة، والاعتماد على الاحتلال الاسرائيلي، وعلى المساعدات المالية، وفي هذا الصدد تطرق إلى أثر المساعدات المالية على الوضع الاقتصادي، والبحث فيما إذا كان لها جدوى على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، كما أكد على وجود تبعية على صعيد التجارة، حيث أن التجارة الخارجية الفلسطينية تشكل 40% من العجز من الناتج التجاري المحلي الفلسطيني. كما أشار في مداخلته إلى أن أصل مشكلة "التبعية على صعيد التجارة"؛ جاءت بعد اوسلو حيث أن المواطن الفلسطيني حرم من الاستفادة من أرضه، ومن الموارد الطبيعية والمياه والتواصل الجغرافي. وعليه، خلقت اوسلو عدة اسواق، وهنا لا يمكن القول بتبني اقتصاد السوق الحر، متسائلا " كيف سيعمل هذا السوق غير الحر، والشعب الغير حر، في ظل اقتصاد حر". وهذا ما نتج عنه اهمال للقاعدة الانتاجية في السوق الفلسطيني، وأشار في مداخلته إلى تحديات أخرى؛ كالعمالة، والبطالة، والمرتبطة بمسألة الفقر.

اما على صعيد التحديات الداخلية، أوضح د. عبد الكريم أنها تتمثل في تأثير السلطة وإدارة الاقتصاد، إذ منذ مجيء السلطة والنموذج المتبع هو الاقتصاد الحر، ومن المفترض أن يحقق هذا الاقتصاد العدالة والنمو، ويجعل العرض والطلب كأدوات في هذا السوق تعمل وتؤدي إلى نتائج ايجابية، إلا أن ذلك لم يحصل. إذ لم يتم دراسة نتائج السوق الحر. وعليه، هذا التحدي الأبرز، ويجب إعادة مناقشة هذا الموضوع، لأنه خلق "لا عدالة". وأكد د. عبد الكريم في نهاية مداخلته إلى وجود مشكلة في توزيع العدالة، وفي التمكين، وأشار إلى أن اتفاق باريس أنشأ واقع اقتصادي صعب.

بدوره تناول الاستاذ محمود علاونه في مداخلته بعرض مشترك مع الاستاذة آلاء حماد موضوع تطور وواقع التشريعات الإقتصادية الإجتماعية في فلسطين، حيث تطرق إلى الخلفية التاريخية ومراحل تطور التشريعات الاقتصادية في فلسطين، والمؤشرات في الأطر الدستورية لطبيعة النظام الإقتصادي، كما أوضح ملامح الإقتصاد في عهد السلطة والإصلاحات الإقتصادية التي قامت به السلطة، كما أشار إلى التطور التاريخي للتشريعات الإقتصادية في فلسطين مستعرضا النشاط التشريعي في المجال الإقتصادي، ومن ثم انتقل للحديث عن الخطة التشريعية للحكومة بهذا الصدد وما احتوته من تشريعات إقتصادية، وكذلك اجندة السياسات الوطنية للحكومة للأعوام 2017 -2022 وتوجهاتها في هذا المجال، ومن ثم استعرض النشاط التشريعي بعد الإنقسام، مستعرضا واقع هذه التشريعات وأعدادها في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. واختتم علاونه مداخلته بطرح عدد من التساؤلات حول إمكانية تطبيق نظام السوق الإجتماعي في فلسطين، وما هي أبرز التحديات والعوائق لتطبيق نظام السوق الإجتماعي في فلسطين، والشروط لتحقيق نظام السوق الإجتماعي من حيث الإنفتاح السياسي والمناخ الديمقراطي والإصلاح التشريعي.

وتخلل اليوم الثاني من اللقاء التشاوري مداخلة رئيسة للخبير الألماني د. ماركتانر، تركزت حول مبادئ السياسة الاقتصادية، حيث أشار د. ماركاتانر، إلى أبرز هذه المبادىء والمتمثلة في؛ توزيع المهام، فرض المنافسة في السوق؛ وأن يكون هناك سياسات تنافسية قوية، ويجب أن يكون هناك مؤسسات مستقلة تأخذ القرارات، إلى جانب ان تكون القيادة السياسية منفصلة عن القيادة الاقتصادية.

كما وتخلل اللقاء عددا من المداخلات تمثل أبرزها في: دور رجال الأعمال في التأثير على التشريعات، تدخلات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتأثيرهما على التشريعات، الأشخاص والمؤثرات الخارجية ودورهم في التأثير على السياسات التشريعية، وهل هناك معايير محددة لتحليل التشريعات الاقتصادية، دور الجامعات والمجتمع المدني وتأثيرهما في السياسات العامة، الاعتماد على المساعدات الخارجية، وطرق إدارتها.

يذكر ان فعاليات هذا اللقاء عقدت ضمن مشروع الإقتصاد والقانون الذي ينفذه معهد الحقوق على مدار ثلاث سنوات، بدعم من مؤسسة كونراد أديناور الألمانية فرع رام الله.