معهد دراسات المرأة ينظّم مؤتمرًا تحت عنوان "النوع الاجتماعي في فلسطين: مقاربة العمل والسياسات"

عقد معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت، بالشراكة مع وزارة شؤون المرأة وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وبدعم من الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي، مؤتمر "النوع الاجتماعي في فلسطين: مقاربة العمل والسياسات "، وذلك على مدار يومي الأربعاء والخميس 27 و28 آذار 2019.

وتناول المؤتمر السياسات وآليات العمل المؤسساتي القائمة حول قضايا النوع الاجتماعي، وسعى إلى مراجعة وتقييم الأطر التحليلية، والمفاهيم المستخدمة، والمنهجيات المتبعة من الأطراف الحكومية وغير الحكومية الفاعلة في مجال تنمية أوضاع النساء، بالإضافة إلى بعض الجهات الممولة التي تركز في عملها على قضايا النوع الاجتماعي

وقامت محاور المؤتمر بتحليل مدى الربط بين سياسات وممارسات النوع الاجتماعي والتنمية المطبقة فلسطينيا وبين تحقيق صمود المجتمع الفلسطيني وتعزيز العدالة الاجتماعية ومساواة النوع الاجتماعي.

وفي افتتاح المؤتمر، أكّد نائب رئيس جامعة بيرزيت للشؤون الأكاديمية، د. هنري جقمان، على ضرورة "إعادة التفكير في استراتيجيات التنمية القائمة على عدالة النوع الاجتماعي والساعية لتعزيز الصمود وبناء مجتمع عادل لجميع فئاته" خاصة وأن "العمل على قضايا النساء الفلسطينيات والسعي لتحقيق العدالة والإنصاف لهن يرتبط بالعمل على تعزيز صمود المجتمع الفلسطيني في مواجهة الاحتلال".

بدورها أوضحت وزيرة شؤون المرأة د. هيفاء الآغا في كلمتها عبر الهاتف، لسبب منع الاحتلال لها من مغادرة قطاع غزة، أن المؤتمر يهدف لتحليل السياسات حول قضايا النوع الاجتماعي وتسليط الضوء على نجاعة السياسات المتبعة في فلسطين وتعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية بين الرجال والنساء. وأضافت أن أهمية المؤتمر تتمحور في التعرف على أشكال العمل القائمة في قضايا النوع الاجتماعي في فلسطين من حيث المنهجيات المتبعة ومقارنتها مع تجارب دول أخرى لديها قضايا مشابهة للاستفادة منها.

فيما تحدثت الممثلة الخاصة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، ماريس جويمو، عن برامج الوكالة ومبادراتها لتعزيز المساواة بين الرجل والمرأة في فلسطين، مشيرة إلى أهمية التعاون بين القطاعات وبين الوكالات في تحقيق الاستراتيجيات والبرامج التي تهدف إلى إنهاء الفجوة في المساواة بين الجنسين.

أما مدير البرامج في الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي جوردي لوبيز فأكد دعم الوكالة للفلسطينيين ورحب بالإنجازات التي شهدتها فلسطين في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين منذ أن أصبحت من الدول الموقعة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 2014.

من جهتها، قامت مديرة معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت، د. لينة ميعاري، في بداية كلمتها بتوجيه "تحية إكبار وإجلال للأسيرات والأسرى القابعين في سجون المحتل والذين يتعرضون حاليا لهجمة شرسة من سلطات قمع السجون ويقومون بمواجهتها بعنفوان وكرامة" وشملت بتحيّتها "أبناء وبنات شعبنا في غزة الذين يتعرضون منذ سنوات لحصار ظالم وعدوان متكرر، ويواجهون حاليا القصف الصهيوني الهمجي بعزم المتمسك بخيار المقاومة وبيقين كل فلسطيني بحتمية الانتصار والعودة." وحيّت ميعاري النساء الفلسطينيات "على امتداد الوطن والشتات، الصامدات في مواقعهن والساعيات لتأمين العيش الكريم لهن ولأسرهن رغم كافة أشكال القهر الاستعماري والاقتصادي والاجتماعي التي تواجهنها."

وتحدثت ميعاري حول أهداف المؤتمر وجلساته، لافتة إلى أن "الأبحاث التي أجراها المعهد في العقد الأخير تشير إلى ازدياد الفجوات واللامساواة الاجتماعية الاقتصادية الناتجة عن السياسات الاستعمارية القائمة على السلب والعنف المنظم، إضافة إلى السياسات الاقتصادية للسلطة لمرحلة ما بعد توقيع اتفاقية أوسلو والقائمة على الليبرالية الجديدة التي أضعفت النسيج المجتمعي وجعلت الفلسطينيين عموما والنساء الفلسطينيات بشكل خاص أكثر هشاشة ومحاصرين جغرافيا واقتصاديا واجتماعيا. وقد أثرت البنى الاقتصادية والاجتماعية على شبكات الدعم الرسمية وغير الرسمية وأدت إلى تفكك البني المجتمعية والتضامن المجتمعي ما وضع النساء الفلسطينيات وتحديدا النساء الفقيرات في موضع هش".

ضمن جلسات اليوم الأول من المؤتمر تحدثت في الجلسة الأولى، التي ترأستها د. إصلاح جاد، ضيفة المؤتمر البروفيسور دنيز كانديوتي، وهي أستاذ فخري في جامعة لندن في كلية الدراسات الأفريقية والشرقية، حول المفهوم الواسع للتمكين وتاريخ تطوره في السياق العالمي انطلاقاً من كونه مصطلحا جذرياً نبع من صميم حركات الحقوق المدنية والنسوية في الستينيات والسبعينيات إلى أن تمّ الاستيلاء عليه من قبل الجهات الدولية التي تعمل في قطاع التنمية. وتناولت كانديوتي العلاقة بين مفهوم التمكين والذكورية متسائلة عن مفهوم الذكورية الذي يُستحضَر كسبب جوهري لإضعاف النساء وعدم تمكينهن. وختمت كانديوتي مداخلتها بالتأكيد على تلازم وارتباط مساري عدالة النوع الاجتماعي بالعدالة الشاملة للمجتمع.

أما الجلسة الثانية فكانت تحت عنوان "التنمية والنوع الاجتماعي في السياق الفلسطيني" وتحدث فيها كلٌّ من الباحثات: د. ريما حمامي التي قدمت مداخلة بعنوان " إشكاليات الأطر العالمية المؤثرة على قضايا العنف ضد المرأة في فلسطين، والأستاذة أيلين كتاب التي تناولت "آفاق ومعيقات تحقيق نموذج تنموي من أجل الصمود والتحرير في السياق الفلسطيني"، والمهندسة هالة الزبدة التي تحدثت عن "الحروب المستمرة على غزة وأثرها على ديناميات الأسر المعيشية". وقد ترأست الجلسة السيدة سمر قسيس وقامت د. ليندا طبر بالتعقيب على المداخلات.

واختُتم اليوم الأول من المؤتمر بالجلسة الثالثة تحت عنوان "التبعية الاقتصادية وأثرها على تشكلات النوع الاجتماعي" وقدّمت فيها د. سامية البطمة مداخلة حول "إشكاليات تبعية الاقتصاد الفلسطيني وأثرها على النساء"، فيما تحدثت الباحثة إيمان عساف عن "الزراعة التصديرية في الأغوار الفلسطينية وأثرها على النساء العاملات". وقدمت د. نداء أبو عواد ورقة بعنوان " آفاق وإمكانيات مقاومة التبعية الاقتصادية في ثنايا الاقتصاد غير الرسمي"، فيما ترأست الجلسة د. رانية جواد وقامت الأستاذة رلى أبو دحو بالتعقيب على المداخلات.

تضمّن اليوم الثاني من مؤتمر النوع الاجتماعي في فلسطين: مقاربة العمل والسياسات" جلستين حيث تناولت الجلسة الأولى "الاستراتيجيات والسياسات: قراءة وتحليل" وتراس الجلسة السيد محمود عطايا وقامت الباحثة سريدة حسين بالتعقيب على المداخلات.  وتحدث في هذه الجلسة السيد سامي سحويل حول "تطور الخطط والسياسات الخاصة بالنوع الاجتماعي في فلسطين على المستوى الحكومي"، فيما تحدثت السيدة أمل خريشة عن " الحركة النسوية ووثيقة حقوق المرأة- نظرة نقدية". وقدمت السيدة بسمة أبو عكر مداخلة بعنوان " تحليل سياسات المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (2011-2017)" فيما قدمت د. إصلاح جاد ورقة بعنوان "الإطار السياسي ونماذج سياسات النوع الاجتماعي المطبقة فلسطينيا (غزة والضفة الغربية)".

أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان "الاستراتيجيات وآليات العمل" فترأستها الباحثة سمر قسيس وقامت د. غادة المدبوح بالتعقيب على المداخلات. تحدثت السيدة ريما نزال عن " خطاب حقوق المرأة العالمي ومدى مواءمته لواقع النساء الفلسطينيات: قراءة نقدية في اتفاقية سيداو وقرار 1325" كما تحدثت السيدة إلهام سامي عن " آليات وإجراءات وزارة شؤون المرأة لمناهضة العنف ضد المرأة". أما السيدة سهى عليان فقدمت مداخلة حول " عمل اللجان الوطنية: لجنة مواءمة التشريعات نموذجا"، فيما اختتمت الأستاذة ريم البطمة بمداخلة بعنوان "الإصلاحات القانونية التي تدعم مساواة النوع الاجتماعي، والمعيقات أمام إصلاح القوانين والتشريعات من منظور النوع الاجتماعي".

وقد اختتمت أعمال المؤتمر بجلسة حوارية حول محاكاة الحركة النسوية الفلسطينية لقضايا النساء في السياق الفلسطيني وأدارت الجلسة د. أميرة سلمي. ضمّت هذه الجلسة ممثّلة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، السيدة منى الخليلي، وممثلات عن الأطر والمنظمات النسوية السيدات: سهام البرغوثي، ختام سعافين، خولة الأزرق، ماجدة المصري، ورندة سنيورة. وقد وجّهت د. سلمي أسئلة لهن حول الحركة النسوية الفلسطينية ومدى قدرتها على استيعاب تعددية النساء بالإضافة إلى أولوية القضايا التي تعمل عليها الأطر والمنظمات الفلسطينية ومدى تأثير التمويل على إمكانية العمل على هذه القضايا.

تلت ذلك جلسة نقاش وخرجت المتحدثات بعدد من التوصيات لعل أهمها ضرورة التلاحم بين المسار الأكاديمي والعملي في العمل على قضايا النوع الاجتماعي في فلسطين.