الوزيرة سماح حمد تناقش مع طلبة الجامعة تجربة العمل الحكومي في تقديم خدمات الطوارئ في قطاع غزة
نظّمت دائرة الإدارة العامة وبرنامج ماجستير الإدارة العامة والتخطيط الاستراتيجي، وبرنامج ماجستير الحكومة والحكم المحلي في كلية الحقوق والإدارة العامة بجامعة بيرزيت، ندوة حوارية بعنوان "غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في المحافظات الجنوبية"، وذلك يوم الأربعاء 7 أيار 2025، في حرم الجامعة. واستضافت الندوة معالي وزيرة التنمية الاجتماعية د. سماح حمد، للحديث عن تجربة العمل الحكومي في تقديم خدمات الطوارئ في قطاع غزة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
تأتي هذه الندوة في إطار سلسلة اللقاءات التي تعقدها الدائرة والبرنامج لربط المعرفة الأكاديمية بالواقع العملي، وتعزيز وعي الطلبة بالتحديات التي تواجه المؤسسات الفلسطينية الرسمية في حالات الطوارئ والأزمات الإنسانية.
في مستهل الزيارة، استقبل رئيس الجامعة د. طلال شهوان الوزيرة حمد، بحضور نائب الرئيس للتنمية والاتصال د. ياسر العموري، وعميدة كلية الحقوق والإدارة العامة د. لورد حبش، ومساعد العميدة د. محمود علاونة، ورئيس دائرة الإدارة العامة د. إسماعيل عريقات، ومدير برنامج ماجستير الإدارة العامة والتخطيط الاستراتيجي د. أيمن الزرو. ودار خلال اللقاء نقاش حول أهمية توثيق التجارب الوطنية في أوقات الأزمات، وسبل تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والحكومية.
افتتح الندوة وأدارها د. أيمن الزرو، مرحّبًا بالوزيرة والحضور، ومؤكدًا على أهمية تحويل القاعات الدراسية إلى فضاءات تحليل ونقاش للفعل الفلسطيني المتجدد في مواجهة التحديات. من جانبها، شكرت الوزيرة حمد جامعة بيرزيت على الدعوة، وقدّمت عرضًا مفصلًا عن اللحظات الأولى لتشكيل غرفة العمليات الطارئة، التي أُنشئت استجابة للمجاعة والدمار واسع النطاق في قطاع غزة، مشددة على أن الغرفة لم تكن فقط أداة تنسيقية بل محاولة لاستعادة المعنى والمسؤولية الوطنية في لحظة الانهيار.
وأشارت الوزيرة إلى أن غرفة العمليات تأسست في كانون الثاني/يناير 2025 بقرار من مجلس الوزراء برئاسة د. محمد مصطفى، وهدفت إلى توحيد جهود المؤسسات الحكومية ضمن نهج إدارة الكوارث. وذكرت أن الغرفة بدأت بعضوية عدد من الوزارات، ثم توسعت لتضم مؤسسات أممية مثل UNDP وOCHA، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص. ولفتت إلى أن تمثيل المؤسسات من الضفة الغربية وقطاع غزة ساهم في تسهيل التنسيق والاستجابة.
واستعرضت الوزيرة المراحل الأساسية لعمل الغرفة، مبينة أن عدد المؤسسات الشريكة ارتفع إلى 38 مؤسسة خلال فترة وجيزة، في مؤشر على حجم التنسيق المطلوب. وأكدت أن الاجتماعات اليومية خلال الفترة بين 19 كانون الثاني و28 شباط كانت حاسمة في بناء أسس التدخل.
وقدّمت حمد شرحًا للخطة الوطنية للإغاثة التي تم تطويرها في المرحلة الأولى من عمل الغرفة، والتي تمثل الإطار الحكومي الشامل للاستجابة للكارثة الإنسانية. وتمتد الخطة على مدى خمس سنوات، وتشمل ثلاث مراحل: الإغاثة الفورية (0–6 أشهر)، التعافي وإعادة الإعمار (6 أشهر–3 سنوات)، ثم إعادة البناء الشامل (3–5 سنوات). وتم إقرار الخطة في 19 كانون الثاني 2025 بميزانية تُقدّر بـ 3.6 مليار دولار، وقدّمها رئيس الوزراء إلى الرئيس الفلسطيني لتكون المرجعية الوطنية لمجابهة تبعات العدوان.
وحددت الخطة أربع أولويات رئيسية: تقديم المساعدات الإنسانية، تأمين الإيواء للنازحين، ضمان استمرارية الخدمات الأساسية، واستعادة النظام القانوني. وأكدت الوزيرة أن الخطة تنطلق من مبدأ "تثبيت الإنسان أولاً"، انطلاقاً من قناعة بأن إعادة الإعمار تبدأ من الحفاظ على الكرامة الإنسانية وتأمين مقومات الحياة.
كما تناولت الوزيرة جهود الغرفة في المرحلة الثانية من عملها، مركّزة على ملف الإيواء في ظل تهجير نحو 1.8 مليون شخص، مشيرة إلى إنشاء 8 مراكز إيواء استقبلت 1400 عائلة، مع تحديد 12 موقعًا إضافيًا لتجهيزها مستقبلًا. وأوضحت أن الغرفة نسّقت مع غرفة تجارة غزة لتخفيض أسعار السلع، وفعّلت استخدام المحافظ الإلكترونية لتسهيل الوصول للمواد الأساسية، إضافة إلى تنفيذ مشروع "المساعدة الذاتية" الذي يدعم الأسر في الحصول على احتياجاتها بموارد محلية.
وفي سياق استعراضها لحجم الدمار، أشارت الوزيرة إلى تضرر نحو 350 ألف وحدة سكنية كليًا أو جزئيًا، وتأثر أكثر من 1.7 مليون شخص بشكل مباشر. وأضافت أن الغرفة استعانت بصور الأقمار الصناعية لرصد الأضرار، وتعمل على تأهيل المساكن القابلة للسكن بالشراكة مع جهات محلية ودولية.
وفي الضفة الغربية، تطرّقت الوزيرة إلى جهود التنسيق في مواجهة عمليات التهجير القسري في مخيمات جنين، ونور شمس، وطولكرم، والفارعة، والتي شملت نحو 40 ألف مواطن. وأشادت بتكامل الأدوار بين المؤسسات الرسمية والمجتمعية في تقديم الإغاثة والدعم النفسي والاجتماعي.
واختُتمت الندوة بجلسة نقاش مفتوح شارك فيها الحضور بطرح أسئلة ومداخلات حول التحديات القانونية والإدارية واللوجستية التي تواجه العمل الحكومي في ظل الانقسام السياسي والجغرافي.
وفي كلمته الختامية، أعرب د. أيمن الزرو عن شكره وتقديره لمعالي الوزيرة على مشاركتها، مؤكدًا أن ما قدّمته لم يكن مجرد عرض إداري، بل شهادة وطنية تعبّر عن قدرة الفلسطينيين على خلق أدواتهم السيادية في أصعب الظروف.
وأكد أن هذه الندوة شكّلت لحظة مهمة للفهم والتوثيق، حيث أعادت تعريف العمل الإداري كبنية مقاومة وليست مجرد أداة روتينية. فقد مثّلت غرفة العمليات الحكومية مساحة وطنية لإعادة حضور الدولة في أكثر لحظاتها هشاشة.
وفي ختام اللقاء، وجّه المنظمون الشكر لمعالي الوزيرة د. سماح حمد على مداخلتها الغنية، ولد. أيمن الزرو على إدارته الندوة، مؤكدين أهمية استمرار مثل هذه الفعاليات لتعزيز الوعي بقضايا الحكم والإدارة في سياق الأزمات، ولرفد الطلبة بفهم معمّق لدور المؤسسات الرسمية في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني.