"المطلوبون ال 18" فيلم يروي قصة أبقار أرعبت إسرائيل

لا تُشكل الأبقار بعادتها خطرا على أمن الدولة، ولا تندرج إنسانيا وعقليا على قائمة المطلوبين أمنيا، ومن غير الواقعي أن يتفرغ جيش بأكمله لملاحقة بعض الأبقار، ولكن هذا ما حدث فعليا، ليس لشيء سوى لأن هذه الأبقاء فلسطينية بالهوية !

لم يترك الفلسطينيون أي وسيلة للدفاع عن أراضيهم، ولم يغفلوا يوما أهمية الإقتصاد في حياة الشعوب، وهذا ما طبقه سكان بلدة بيت ساحور من خلال شراء 18 بقرة من تاجر إسرائيلي في محاولة للوصول لمرحلة الإكتفاء الذاتي ومقاطعة منتوجبات الألبان والأجبان الإسرائيلية، فخاف الجيش الأقوى بالعالم من تحول بيت ساحور إلى نموذج تحتذي به باقي المدن، فجن جنونه وأطلق حملات عسكرية ضخمة لملاحقة الأبقار ال 18 وإعتقالها، وذلك خلال فترة الإنتفاضة الفلسطينية الأولى.

لم يلجئ الفيلم والذي عرضته دائرة الهندسة المعمارية بالجامعة يوم الثلاثاء 7 شباط 2017 للحماس والثورة لتجسيد هذه القصة، وإنما كسر العادات المتبعة ونقلها لنا بطريقة كوميدية ساخرة، ليروي بذلك تجربة عصيان مدني ونضال سلمي حاول من خلاله بعض السكان الوصول للتحرر والإستقرار الإقتصادي والأمني، ولم يترك الفيلم مجالا أمام الحضور لإتهامه بالمبالغة حين قابل عسكريين إسرائيليين أكدا أن الأبقار شكلت خطرا أمنيا كبيرا على "دولة إسرائيل".

وتناول الفيلم المشاكل التي واجهت أهل البلدة منذ ولادة الفكرة وشراء الأبقاء حتى تهريبها للقرية وتخئبتها والمناوبة على حراستها، بالإضافة لقصة الشاب أنطون الشوملي الذي كان مطلوبا لدى الإحتلال ولم يجد سوى مزرعة الأبقار للإختباء بها.

وقال رئيس دائرة الهندسة المعمارية د. يزيد رفاعي أن هناك علاقة قوية تربط بين السينما والتاريخ، وأكد أن السينما قادرة على إعطاء تفاصيل دقيقة عن أحداث تاريخية مهمة بطريقة مثالية لا نجدها في الكتب، وأكد أن فيلم المطلوبون ال 18 يصور فترة تاريخية مهمة من التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني، وكشف أن عرض الفيلم يأتي ضمن فلسفة تعزيز التقارب بين طلاب الجامعة وبين المختصين والباحثين خارجها.

يُذكر بأن الفيلم هو من إخراج خريج الجامعة عامر الشوملي بمشاركة المخرج الكندي بول كاون، وحاز الفيلم الذي إستغرق إنتاجه ما يقارب الخمس سنوات على جائزة مهرجان أبو ظبي بفئة أفضل فيلم وثائقي عام 2014، وكذلك على الجائزة نفسها بمهرجان أيام قرطاج.