المتحدثون: الحرب على سوريا تقسيم للمنطقة وإنتاج لدول جديدة خدمة للمشروع الصهيوني

قال الأستاذ في دائرة العلوم السياسية بجامعة بيرزيت د. عبد الرحمن الحاج إبراهيم إن حديث رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عن ضرورة اعتراف الفلسطينيين والعالم بإسرائيل كدولة يهودية بدأ عام 2003 بالتزامن مع الاحتلال الأمريكي للعراق، موضحاً أن ذلك جاء منسجماً مع مساعي تقسيم المنطقة وإنتاج كيانات طائفية فيها وبالتالي سيكون الاعتراف بالدولة اليهودية منطقياً ومقبولاً بالنظر إلى وجود دول سنية وشيعية ودرزية وغيرها بالجوار، وهو ما سيترتب عليه ترحيل الفلسطينيين إلى تلك الدول حسب طوائفهم.

جاء ذلك في محاضرة عامة عقدتها دائرة العلوم السياسية في كلية الحقوق والإدارة العامة بجامعة بيرزيت، الأربعاء 25 نيسان 2018، بعنوان "مستجدات الحرب على سوريا"، وتحدث فيها الحاج إبراهيم عن سوريا في الصراع الدولي والأستاذ في الدائرة د. صالح عبد الجواد عن الإعلام الموجه وتأثيره على الأزمة السورية.

وافتتح المحاضرة رئيس دائرة العلوم السياسية في الجامعة مراد شاهين قائلا إن الدولة السورية فقدت نحو 65% من الأراضي الخاضعة لسيطرتها في المعارك، ولكن الأوضاع تغيرت الآن فقوات نظام بشار الأسد تسيطر على 72% من الأراضي السورية. وأوضح أن سوريا تخضع حاليا لأربعة انتدابات (أمريكي، روسي، إيراني، تركي).

وفي مداخلته، أجاب الحاج إبراهيم على سؤال "لماذا سوريا؟" بالقول "لأنها مهد الفكرة العروبية والدول العربية التي كانت بعد مؤامرة سايكس بيكو الدولة الأكبر في بلاد الشام والدولة التي تحتضن أكبر عدد من الحواضر"، لافتاً إلى أن التدخل الخارجي بدأ مع استقلال الدولة السورية وأن أول انقلاب عسكري نفذ بدعم من الـ (CIA)، ثم تتابعت باقي الانقلابات بتدخل مخابراتي إما بريطاني أو أمريكي وصولاً إلى محاولة إقامة الوحدة المصرية السورية التي أفشلت بتدخل مخابراتي غربي بمساعدة سعودية، وكل ذلك كان يهدف إلى تحقيق مصالح إسرائيل في المنطقة وضرب اي دولة يمكن ان تقف في وجهها".

وتطرق إلى تدخل سوريا في لبنان في السبعينيات، مؤكدا أن ذلك جاء مدعوماً من الدولة اللبنانية آنذاك والجامعة العربية وكان يهدف لحماية الظهر السوري من الخطر الإسرائيلي الذي تجسد على الأرض بعد سنوات باجتياح لبنان، مشيراً إلى أن الموقف العربي الداعم تغير بعد ذلك بتغير المشهد في المنطقة وعلى رأس ذلك انهيار الاتحاد السوفيتي وصولاً لمحاولة الإطاحة بالدولة السورية.

وتابع: "الأمور بدأت تتضح أكثر إثر أحداث 11 سبتمبر 2001 وما سمي بالحرب على الإرهاب في أفغانستان والعراق بعد عام 2003، فكان واضحا أن الدور آتٍ على سوريا بهدف تقسيم المنطقة وإنتاج دول جديدة خدمة للمشروع الصهيوني".

وفيما يتصل بالربيع العربي، قال الحاج إبراهيم إن هذا الحراك انتقل إلى سوريا بعد تونس ومصر وليبيا واليمن وكان اللافت في الحالة السورية هو تشكل معارضة من أفكار وأيديولوجيات ومعتقدات متناقضة بهدف تغيير النظام والإطاحة فيه. وأضاف أن الثورة في سوريا بدأت عام 2011 بدعم من دول خليجية وغربية في أطراف الدولة كدرعا والحسكة واعزاز وليس في الحواضر  كدمشق وحلب.

وشدد على أن إسقاط النظام السوري هو هدف لا يخدم إلا مصلحة إسرائيل وسيلقي بظلال سلبية على القضية الفلسطينية تصل إلى حد ترحيل الفلسطينيين إلى مناطق في الجوار.

بدوره، استهل عبد الجواد مداخلته بالقول "إن تحول حركات الاحتجاج التي قام بها جزء من الشعب السوري ضد مظالم وانتهاكات جدية للنظام إلى صراع إقليمي ودولي، هو أساسه الصراع على فلسطين وقضيتها وله علاقة أساسية في موضوع الهيمنة الكاملة لإسرائيل على المنطقة"، وانطلاقاً من ذلك أبدى استغرابه من عدم التفاعل والتواصل الأكاديمي في الجامعات الفلسطينية مع الموضوع السوري.

وأشار إلى أنه لا يمكن دراسة ما يجري في سوريا بعيدا عن دور وسطوة الإعلام الغربي في تزوير وفبركة ما يجري في سوريا وغيرها، متابعاً "جوهر الإستراتيجية الدعائية لا تقوم فقط على فكرة التكرار بل أيضا على القصف المستمر بلا هوادة بالأكاذيب"، وفي هذا الإطار قال إن الأزمة السورية بدأت بكذبة اقتلاع أظافر الأطفال في درعا. وكرس جزء كبير من محاضرته في تفنيد الدعايات التي تقول باستخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية.