اللجنة الثقافية لكلية الآداب تنظم ندوة «فلسطين بين الأسر والحريَّة»

عقدت اللجنة الثقافية في كلية الآداب يوم الخميس الموافق 25 تشرين الأول 2018، ندوتها الحوارية الأولى، بعنوان: «فلسطين بين الأسر والحريَّة»، وذلك في الذكرى الرابعة والثلاثين لأسر المناضل جورج عبد الله في السجون الفرنسية على خلفية نضاله لأجل فلسطين. وقد تحدَّث في الندوة الأسير المحرر د. أحمد قطامش، والأسير المحرر الروائي عصمت منصور، فيما أدار الندوة د. وسيم أبو فاشة، الأستاذ في دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية.  

وتناول الروائي والإعلامي عصمت منصور في مداخلته مركزية الثورة الفلسطينية في «زمن جورج عبد الله» كضمير للعالم الذي كان كلُّه ساحة قتال لأجل فلسطين وقضايا التحرر في العالم، إذ كانت الثورة الفلسطينية هي عنوان ثوريي العالم للنضال ضد الاستعمار الصهيوني والإمبريالية العالمية والرجعيات المحلية، حيث شكَّل جورج عبد الله (ورفاقه من أمثال: شهيد الأسر عمر القاسم، والأسرى وليد دقة، ونائل البرغوثي، وكريم يونس، وماهر يونس، وفخري البرغوثي، وكوزو أوكاموتو، ونور ياسين، وسمير القنطار، وغيرهم …)، نماذج ثورية للدفاع عن القضية الفلسطينية بقضائهم أكثر من نصف أعمارهم في الأسر داخل فلسطين وخارجها في سجون العدو الصهيوني والامبرياليات المناصرة له.  وقد أشار منصور أن محاكمة الثوري العالمي جورج عبد الله، لبناني الجنسية-فلسطيني الانتماء، هي محاكمة لقضايا الحرية في العالم، وأن أقلَّ واجب تجاهه وتجاه رفاقه الذين لا يزالون في الأسر، هو الدفاع عن هذه الرموز في أزمنة الجزر الوطني والإقليمي والعالمي لحركات التحرر التي لم تنجز مشاريعها الوطنية. كما نوَّه إلى أن سجون قسوة الأنظمة الاستعمارية، التي تتشدق اليوم بقيم الديمقراطية والحرية والعدالة، التي لا تشبه جمال عواصمها وعطورها، بل هي جزء من العدوان على الشعوب المقهورة التي لا تزال تناضل من أجل الحرية وتقرير المصير، وأن قضية المناضل جورج عبد الله يجب أن تظل حيَّة حتى يتحرر وتتحرر الشعوب التي قاتل من أجلها، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني الذي لن ينساه. 

أما د. أحمد قطامش، فقد تناول في مداخلته عدة أبعاد لقضية المناضل جورج عبد الله، اشتملت على: الشرط التاريخي؛ والبعدين القومي والأممي؛ وإمكانية التجدد؛ ونقداً لليبرالية الاستعمارية. وحسب قطامش، فلم يكن جورج عبد الله حالة فردية، بل كان مثالاً لامعاً لمناضل ظهر ضمن شرط تاريخي شهد ولادة جهاز ثوري أسسه الشهيد وديع حداد (1927-1978، من مواليد مدينة صفد الفلسطينية المحتلة،  ومن مؤسسي حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) للدفاع عن القضية الفلسطينية وقضايا التحرر في العالم في عقدي الستينيات والسبعينات من القرن العشرين، وانخرط فيه مناضلون فلسطينيون وعرب وعالميون (ألمان، وإيطاليون، ويابانيون، وأمريكيون شماليون وجنوبيون، وتاميل…)، وتلقوا تدريباتهم في معاقل ثورية متعددة على امتداد العالم، وكان هدفهم توسيع رقعة النضال لتشمل جغرافيات الدول الامبريالية المناصرة للاستعمار الصهيوني في فلسطين. وفي إشارة إلى حتمية تجدد ذلك الشرط، أشار قطامش إلى أن بذوره موجودة في الواقع السياسي اليوم للقضية الفلسطينية التي تشهد اليوم حالة جزر لم تتحق فيها العدالة لقضية الشعب الفلسطيني من حيث: العودة، والدولة، والعاصمة، وتقرير المصير… ما يشكِّل محركاً فاعلاً لتجدد ذلك المد الثوري من أجل تحقيق الانتصار على الاستعمار الصهيوني ومسانديه في أقطاب الامبريالية العالمية. وفي ختام مداخلته، أكد قدم قطامش نقداً لاذعاً لقيم الليبرالية في الدول الامبريالية، وبخاصة فرنسا التي لا تزال تحتجز المناضل جورج عبد الله بدوافع سياسية، على الرغم من ادعائها أنها تفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، في إشارة إلى مظلومية جورج عبد الله التي لا تبررها أية مسوغات قضائية، علماً بأنه لم تتم إدانته بقرائن قانونية، ولا يزال أسيراً رغم انتهاء محكوميته الظالمة، وأن مسببات الإبقاء عليه في السجون الفرنسية تنحصر بدوافع سياسية لا تعتبر نضاله قتالاً مشروعاً من أجل الحرية. 

هذا، ويذكر أن المناضل جورج عبد الله ولد في قرية القبيات في إقليم عكار اللبناني في العام 1951، والتحق بصفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي، والحزب الشيوعي اللبناني، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، وشارك في صدِّ العدوان الصهيوني على لبنان في الأعوام (1978-1982)، وجرح خلال تلك المعارك، كما دخل الأسر في السجون الفرنسية منذ 24 تشرين الأول 1984، وحكم عليه بالسجن المؤبد، ولا يزال في الأسر رغم انتهاء محكوميته.