الحروب: لا توجد عبقرية في المشروع الصهيوني وأقصى ما هو مسموح للفلسطينيين "حكم ذاتي"

قال أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة "نورث ويسترن" في قطر د. خالد الحروب إنه لا توجد عبقرية في المشروع الصهيوني بعكس ما يروج لهذه الفكرة في الخطاب الغربي، وأن إسرائيل قامت نتيجة مباشرة لمشروع دولي تقاطعت فيه المصالح الاستعمارية لبريطانيا والغرب، مضيفاً في ذات الوقت أنه لم يوجد عجز فادح في الجانب الفلسطيني، رغم القيادات العاجزة وحالة الشرذمة، لأن أفضل القيادات لم تكن لتتمكن من مواجهة المشروع الصهيوني بشكل كامل.

جاء ذلك كخلاصة لمحاضرة عامة قدمها الحروب بتنظيم من معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدوليّة في جامعة بيرزيت، الخميس 4 كانون الأول 2018، بعنوان "لا للدولة الفلسطينية: من تشرتشل إلى ترامب".

وأوضح الحروب أن مفرزات اتفاق أوسلو الذي نعيشه حاليا هو عملياً جاء ترجمة لأفكار بريطانية وضعت خلال فترة الانتداب، حيث تم تقسيم الأرض ووضع شكل للكيانية السياسية لكل جزء من هذه الأرض.

وأضاف أنه وبعد احتلال بريطانيا لفلسطين بعد الحرب العالمية الأولى بعامين عملت شرعنة لهذا الاحتلال عبر صك الانتداب الصادر عن عصبة الامم، لافتا إلى أنه بالعادة تعتبر الصكوك تفويضاً للدولة المنتدبة للنهوض بالدول الضعيفة إدارياً ومؤسساتياً وعند انتهاء مهمته يغادر، ولكن في ديباجة صك الانتداب الصادر بحق فلسطين وبخلاف كل صكوك الانتدابات الأخرى يقول إن مهمة بريطانيا خلال الانتداب هي تسهيل إقامة وطن لليهود في فلسطين، وهذا يعني أن إقامة إسرائيل مشروع أممي وافقت عليه كافة الدول الكبرى.

وتابع "عملت بريطانيا على تدمير والحيلولة دون إقامة أي كيانية مؤسساتية فلسطينية، كأي تجمع سياسي يمكن أن يشكل قدر من التمثيل الفلسطيني، وشرذمة المجتمع الفلسطيني مؤسساتيا وسياسيا ودينيا، حتى لا يترتب على ذلك مطالب سياسية، وخلال ذلك كانت هناك محاولة لرفض وتقويض أي شيء اسمه هوية فلسطينية وطنية، حيث تم رفض تشكيل أي مؤسسة سياسية تنطق باسم الفلسطينيين وعملت على إقامة مؤسسات متنافسة فيما بينها خاصة في القدس ورعت الخلافات العائلية والعشائرية، وهذا كان جزء من الضعف الفلسطيني في ذلك الوقت".

وأشار الحروب إلى انه في عام 1937 صدر أول مقترح لتقسيم فلسطين عن لجنة "بيل" وبني هذا الاتفاق على أنه لا يمكن إقامة دولة واحدة يقودها مجلس نيابي مشكل من اليهود والعرب بالتساوي، مشددا على أن حجم الأذى الكبير الذي ألحقه هذا المقترح بالفلسطينيين ما زالت آثاره واضحة اليوم، فقد تم منح منطقة الساحل والنقب لليهود والضفة الغربية للعرب فيما اعتبرت منطقة القدس مع طريق يوصلها بيافا منطقة دولية، وأوصت اللجنة بالحاق المناطق التابعة للعرب إلى الأردن، وهذا يؤكد على رفض إقامة أي كيانية فلسطينية. وبين أن هذا المقترح ظل يوضع على الطاولة منذ عام 1937 وحتى اليوم ضمن ما تسمى بـ"صفقة القرن" أو ما يعرض بإقامة كونفدرالية مع الأردن.

ولفت إلى أن بريطانيا شكلت أواخر العشرينيات من القرن الماضي المجلس الإسلامي الأعلى برئاسة الحج أمين الحسيني، وأصرت على هذه التسمية في إطار مساعيها لإلغاء "فلسطنة" أي شيء وللقول إن العرب المتواجدين في فلسطين هم عبارة عن مجموعات سكانية متناثرة ولا يشكلون شعباً، علما أن ميزانية المجلس الإسلامي كانت من بريطانيا. وأشار إلى أن ذلك الوضع ينطبق على مخرجات اتفاق أوسلو إذ ان السلطة الفلسطينية ممولة من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بالإضافة إلى اعتمادها الكبير على العائدات الضريبية التي تحولها لها إسرائيل.

وشدد الحروب على أن هذا التشابه الكبير بين العهدين منذ الانتداب البريطاني إلى اليوم يشير إلى وجود خط متواصل بين الفترتين يؤكد أن أقصى ما هو مسموح به للفلسطينيين في المنطقة هو حكم ذاتي والسيطرة المطبقة على أي كيان من خلال المال وبالتالي إفراز قيادات عاجزة.