كلمتا رئيس الجامعة في مؤتمر دائرة إدارة الأعمال وورشة الأرشيف الرقمي الفلسطيني - إضاءات

كلمة
رئيس الجامعة في مؤتمر دائرة إدارة الأعمال

15
تشرين الأول 2011

 

يسرني ويشرفني أن
أرحب بكم جميعا في رحاب جامعة بيرزيت، الجامعة الفلسطينية الأولى نشأة ورفعة
أكاديمية. وإني لأرحب خاصة بضيوفنا الأجانب وبممثلي القطاع الخاص وبزملائنا من
الجامعات الفلسطينية الأخرى.

لقد لعبت جامعة
بيرزيت ولا تزال تلعب، إلى جانب التدريس والبحث العلمي دورا لا تلعبه الجامعات
تقليديا. وذلك بفعل الظروف الخاصة الصعبة القاسية التي مرت بها بلادنا في تاريخها
الحديث المعذب. نعم، لقد قدمت جامعة بيرزيت للمجتمع خدمات جلّى، خاصة عبر معاهدها ومراكزها،
فتحملت أعباء خدمة مجتمع متنوعة ساعدت مجتمعنا على الصمود والاستمرار. ومع تقدم
جهود بناء وطننا وتحقيق هذه الجهود إنجازات مشهودة، أخذت جامعتنا تعي أن الوقت قد
حان لتحويل بعض تركيزنا باتجاه تحقيق المزيد من التميز الأكاديمي وتفعيل البحث
العلمي بكافة أشكاله، وخاصة البحث العلمي المتعلق مباشرة بحاجات بلدنا ومجتمعنا.
وقد وعينا مبكرا أن تحقيق شراكات فاعلة مثمرة مع القطاع الخاص شرط لازم لنجاح هذا
المسعى. فعن طريق هذه الشراكات وعن طريقها فقط، يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دورا
محوريا لا فحسب في تمويل جهود التطوير والإبداع، بل وأيضا، ولعل ذلك هو الأهم، في
توجيه برامجنا ومناهجنا الأكاديمية، بما يضمن وثوق صلتها بالحاجات الحقيقية، وخاصة
تلك الملحة منها. وبالمقابل عن طريق هذه الشراكات يمكن أن تقدم الجامعة للقطاع
الخاص، وعبره للمجتمع كله، العون لحل المشاكل التقنية والتنظيمية ولدفع عجلة النمو
والتطوير والابتكار. ويمكن للطرفين معا أن يقوما بجهود منسقة متكاملة لإنشاء
منظومة للتدريب نحن في أمس الحاجة لها، بحيث تقوم الجامعة بدورها الأساسي في
التربية education وتوفير مدخلات للتدريب ويقوم القطاع الخاص والروابط المهنية professional
associations
بالدور الأساسي في التدريب ورفع القدرات ومواءمتها مع سوق العمل.

 

ها هنا تكمن أهمية
مؤتمركم الموقر هذا الذي أخذ على عاتقه بحث كافة المسائل المتعلقة ببناء وتفعيل
وتعزيز الشراكات ما بين الجامعات والقطاع الخاص وبلورة أفكار وبرامج ومشاريع لبناء
علاقات مبتكرة طويلة الأمد بين الطرفين، بما ينعكس إيجابا على أدائهما وتطورهما
كليهما. أتمنى لكم النجاح والتوفيق في أعمالكم، وكلي ثقة من أنكم ستتوصلون إلى
نتائج عملية وفعالة تجعل من مؤتمركم هذا علامة فارقة.

وإني لأود في الختام
أن آتي على نقطتين. الأولى التقدم بالشكر والثناء على المجلس الثقافي البريطاني
وعلى شركة باديكو القابضة لدعمهما هذا المؤتمر ورعايتهما له. لقد دأب المجلس
الثقافي البريطاني ولا يزال على المساهمة الفعالة في رعاية كل ما يتصل بالثقافة
والتعليم في بلادنا، فله علينا واجب الإشادة والعرفان. كذلك دأبت شركة باديكو
القابضة ولا تزال على تقديم الدعم المادي والمعنوي للتعليم والثقافة والفنون، وذلك
كجزء من قيامها بمسؤوليتها الاجتماعية التي تتحملها والحق يقال بتميز وأيضا
بأريحية. فلها هي أيضا علينا واجب الإشادة والعرفان.

النقطة الثانية التي
أود أن أشير إليها هي أننا في جامعة بيرزيت محظوظون لأننا كنا على الدوام موضع
رعاية الخيرين من أبناء شعبنا المعطاء. وقد تمثلت هذه الرعاية بإنفاق هؤلاء
مشكورين بسخاء على احتياجاتنا من الأبنية والبنية التحتية المادية. ويمكن لكل من يتجول
في الحرم الجامعي أن يرى نتائج ذلك بسهولة في الأبنية العديدة المسمّاة. على أننا
مؤخرا وجهنا جهود تجنيد الأموال نحو مؤسسات القطاع الخاص، إلى جانب الأفراد
والمؤسسات الخيرية، ونحو دعم الجهد الأكاديمي بصورة مباشرة. وقد أثمر ذلك حديثا
اتفاقية مع بنك فلسطين يقوم البنك بموجبها بمنح 100 ألف دولار سنويا لمدة خمس
سنوات قابلة للتجديد لتنفق على ابتعاث أكاديمي بيرزيت إلى جامعات ومعاهد ومؤسسات
مرموقة في الخارج مددا تتراوح ما بين بضعة أسابيع وسنة لتجديد  معارفهم وتوثيق شبكة علاقاتهم مع مراكز البحث
والخبرة. كذلك قطعنا شوطا كبيرا مع راعي هذا المؤتمر، شركة باديكو القابضة، في
تصميم حزمة من مشاريع الدعم الأكاديمي لجامعة بيرزيت نأمل أن تشمل سلسلة محاضرات
في القيادة من أجل النجاح وبرنامجا لتدريب خيرة طلاب سنة التخرج على مهارات
القيادة، وربما أيضا كرسي أستاذية في واحد من موضوعين يهمان شركة باديكو، هما
أخلاقيات الأعمال Business Ethics وحوكمة الشركات  Corporate
Governance  على أن يقوم كرسي الأستاذية
بإشاعة وتعميم العمل الأكاديمي التدريسي والبحثي في أي من هذين الموضوعين أو
كليهما في جامعات الوطن كافة.

إننا مسرورون بهذا
التطور ومتحمسون له ونأمل أن تحذو شركات ومؤسسات القطاع الخاص حذو شركة باديكو
القابضة في العمل على تطوير قطاع الأعمال كله من خلال دعم أنشطة أكاديمية في جامعة
بيرزيت تصب في نهاية المطاف في بناء ورفع قدرات القطاع الخاص والاقتصاد الوطني
بشكل عام.

سيداتي وسادتي،

مرة أخرى، أتمنى
لأعمالكم التوفيق وحسن النتائج وشكرا.

 

 

 

 

كلمة دكتور
خليل هندي

في ورشة عمل
حول الأرشيف الرقمي

الفلسطيني
في جامعة بيرزيت

 

15 تشرين أول 2011

 

بعد سنوات العمل في مجال التاريخ الشفوي، ولدت في بداية العام
2010 في جامعة بيرزيت وبتشجيع من إدارتها فكرة الأرشيف الرقمي الفلسطيني. وتزامن العمل
النظري حول طبيعة الأرشفة والغاية منها مع بحث ميداني واسع النطاق في الضفة
الغربية شمِل المؤسسات الأهلية والعديد من الأفراد. فتبين أن الحاجة لمثل هذا المشروع
أصبحت اليوم أكثر إلحاحاً من ذي قبل، فمن الضروري الحفاظ على المواد المهددة
بالضياع والدمار التي تشكل الموروث الفلسطيني (ونذكر هنا الأرشيفات التي اختفت أو
تلك التي قد تغلق أبوابها مستقبلاً، وكذلك وثائق مركز الأبحاث والتوثيق التابع
لجامعة بيرزيت الذي نشط منذ سبعينات القرن المنصرم وإلى نهاية القرن). كما من
الضروري الحفاظ على الوثائق الثمينة التي تعود للأفراد والعائلات منذ القرن
الماضي، وتمكين الباحثين في كافة أنحاء العالم من الاستفادة من كافة هذه الوثائق.

 

وكما قد تتصورون، لم يكن من السهل إقناع من يمتلكون الوثائق
بتفويض طاقم الأرشيف بحوسبة ما لديهم من وثائق مكتوبة وسمعية-بصرية، وتطلب ذلك
قدرا كبيرا من الطاقة والعمل. رغم المصاعب، بدأ فريق الأرشيف العمل بعد أن حصل من
الجامعة على منحة مبدئية، ثم قام بإنشاء موقع للأرشيف على شبكة الانترنت باللغتين
العربية والانجليزية، وباشر دراسة وتصنيف وتحميل ما المواد الأرشيفية التي تبرع
بها الأفراد والمؤسسات.  

 

لضمان استمرارية هذا الأرشيف، نعتمد بشكل كبير على الشراكة مع
المؤسسات غير الحكومية والأفراد الذين يملكون وثائق، كما على الشراكة مع المؤسسات
المنخرطة في مشاريع مشابهة.

يحتضن معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية المشروع حالياً، وهو
يسعى جاهداً للحصول على التمويل الإضافي لاستمراره وتوسيعه. ونحن ندرك كبر وأهمية
هذا الجهد، لكننا على يقين تام بأن جامعة بيرزيت هي من أفضل الأماكن التي يمكن من
خلالها الحفاظ على التراث الثمين لفلسطين والفلسطينيين للفترة القادمة، لخدمة
المجتمع  ولمصلحة الباحثين في جميع انحاء
العالم بوجه الخصوص، وللأشخاص المهتمين بشكل عام.

سيداتي سادتي،

في ظروفنا البالغة التعقيد، للحفاظ على الرواية الفلسطينية
وإثرائها وتوثيقها أهمية فائقة. وإذا كان البعض يذهب إلى أن اختراع الأمم يقوم على
خرافات (ميثات) مؤسِّسة، فإننا نحن الفلسطينيين لسنا بحاجة لا إلى الاختراع ولا
إلى الخرافات،  إذ بإمكاننا أن نبني أمتنا
على أسس صلبة تدعمها الوقائع العنيدة. من هنا أهمية مشروع الأرشيف هذا والمشاريع
المشابهة. فهي تزود مواد أولية توثق روايتنا وتسندها وتشهد عليها. ولهذا السبب،
يجدر بنا تقديم كل ما نستطيع من دعم لهذا المشروع الرائد متمنين له التوفيق والنجاح.