كلمة عميد كلية الفنون والموسيقى والتصميم

أنشأت كلية الفنون والموسيقى والتصميم في جامعة بيرزيت امتداداً للدور الفاعل الذي تلعبه الجامعة في المشهد الثقافي الفلسطيني، وانعكاساً لموقفها الملتزم بالقضية الوطنية الفلسطينية وبعدها التحرري، والذي وفي اطاره تعمد الجامعة على الاسهام النوعي في صياغة ونقل الرواية الفلسطينية المعاصرة بطرق ابداعية، بشكل يواكب روح العصر والمستويات المعرفية العالمية، يأتي انشاء الكلية انعكاساً لإيمان الجامعة بدور التخصصات الإبداعية والفنون في هذا الامر. في هذا الإطار، تهدف الكلية الى المساهمة الإيجابية، في المشهد الفني والثقافي الفلسطيني المعاصر والناشط في العقود الأخيرة ولعب دور هام فيه، انطلاقاً من هويتها والمتمثلة بكونها بالدرجة الأولى مؤسسة اكاديمية، وما يتعلق بذلك من إنتاجات معرفية مختلفة. يعود انشاء الكلية الى بدايات العام الأكاديمي 2018/2019، حيث ضمت في حينه ثلاثة برامج بكالوريوس أساسية: برنامج الموسيقى العربية، وبرنامج الفنون البصرية المعاصرة، وبرنامج التصميم. بعض هذه البرامج تم بدء العمل بها قبل انشاء الكلية والانتقال الى مبناها الجديد، مبنى سمير عويضة، حيث تم استضافة هذه البرامج في كليات ووحدات مختلفة في الجامعة. مثل برنامج الموسيقى العربية، الذي تم استضافته في كلية الآداب في حينه، وبرنامج الفنون البصرية المعاصرة الذي تم استضافته ضمن مكتب نائب الرئيس للشؤون الاكاديمية في حينه.

 

تنظر الكلية الى الفنون البصرية بأشكالها المختلفة والإنتاج الموسيقي بصوره المتعددة ومنتجات التصميم كإحدى الطرق والادوات الهامة في سياق مقاومة المستعمر، وصياغة الرواية الفلسطينية ونشرها، انطلاقاً من المواقف المبدئية الملتزمة، والمبنية على الفهم المعمق للتراث الفلسطيني، وربط ذلك بالسياق العالمي المعاصر. يقوم ذلك من خلال التعامل مع الفنون كأساس لطرح التساؤلات النقدية العميقة، وعلى أساس التعامل مع التصميم كطريقة تجريبية لتقديم إجابات مفتوحة حول الظواهر المتعددة. في هذا السياق تقوم رؤية الكلية وفلسفتها على ثلاثة محاور أساسية، تشكل الهوية المكوّنة لطبيعة خريجي الكلية، والقاعدة الأساسية للإنتاجات المعرفية المختلفة التي تصبوا الكلية لتقديمها سواءً كانت بحثية كلاسيكية، او اعمال إبداعية، او مشاريع عملية وانتاجية، او نشاطات ثقافية وفنية. تتمحور هذه الأساسيات حول: البعد النظري النقدي المنطلق من اساسيات المعرفة الاصلانية، والقائم على كوننا ملّاك لهذه المعرفة، ولدينا كل الحق في تطويرها وإعادة انتاجها بما يواكب حاجاتنا وتطلعاتنا المعاصرة. والبعد الإبداعي القائم على طرح تساؤلات عميقة حول القضايا الوطنية والظواهر الشائكة مجتمعياً، بطرق إبداعية تواكب روح العصر مع تقديم إجابات متعلقة بالإنتاج منطلقين من المفهوم الحرفيّ التقليدي بما يواكب روح العصر المتقدمة. والبعد الإنتاجي الحرفيّ المرتبط بطريقة تجريبية مع التكنولوجيا المعاصرة، والذي يمكّن خريجي الكلية من انتاج الاعمال المختلفة وتمكّنهم من لعب دور هام مستقبلاً على مستوى الفني والادائي والانتاجي. يتم النظر الى الفنون في هذا الإطار، كواحد من اهم قطاعات الإنتاج المحلي، والتي تهدف الجامعة للمساهمة فيها بشكل محوري. 

 

حالياً، تضم الكلية أربعة برامج بكالوريوس أساسية: برنامج الموسيقى، وبرنامج الفنون البصرية المعاصرة، وبرنامج التصميم، وبرنامج التصميم الداخلي، إضافة الى التخصص الفرعي في الموسيقى. يعد برنامج الموسيقى البرنامج الأول في الكلية، والذي انطلق وخرّج افواجه الأولى ضمن مسمى برنامج الموسيقى العربية، والذي تم تطويره من بداية العام الأكاديمي 2021/2022 بمسماه الجديد "برنامج الموسيقى" ليتضمن إضافة للموسيقى العربية، الموسيقى العالمية. يقوم البرنامج على شراكة أساسية مع المعهد الوطني للموسيقى/ ادوارد سعيد، ويركز بشكل أساسي على الجانب الادائي للموسيقى، بحيث يتم قبول الطلبة فيه على أساس امتحان القبول الادائي، تجدر الإشارة الى توفر منح بنسب مختلفة لجميع طلبة البرنامج. اما بخصوص برنامج الفنون البصرية المعاصرة، يركز البرنامج على القراءات النقدية للظواهر المحيطة، وطرح تساؤلات عميقة، بطرق نقدية من خلال مشاريع فنية إبداعية. يتعرض الطلبة لمجموعة من المساقات على المستوى النظري النقدي، وعلى المستوى الفني الإنتاجي، وعلى المستوى الإبداعي التعبيري، ايضاً يتوفر منح لجميع طلبة البرنامج بنسب مختلفة. البرنامج الثالث هو برنامج البكالوريوس في التصميم، والذي يركز بشكل أساسي على مفهوم التصميم بإطاره العام، وبحيث يركز الطلبة على ثلاثة جوانب أساسية: تصميم الأزياء، وتصميم المنتجات، والتواصل البصري (التصميم الجرافيكي، UI/UX،...الخ). يعد هذا البرنامج الأول من نوعه في فلسطين، وهو يحاكي بشكل مباشر الحاجات في مجال التصميم، سواءً الحاجات المرتبطة بالتعبير وتطوير المهن التقليدية وارتباطات ذلك بالمشهد الفني والثقافي، او ارتباطات ذلك بالقطاع الإنتاجي المحلي وحاجاته الماسة لمثل هذا التخصص. تجدر الإشارة الى ان نهاية العام الأكاديمي الحالي تشهد تخرج الفوج الأول من هذا التخصص، والذي هو ايضاً تتوفر فيه مجموعة من المنح للطلبة المتميزين. اما البرنامج الرابع، وهو برنامج التصميم الداخلي، والذي بدء العمل به مع بداية الفصل الثاني من العام الأكاديمي الحالي، فيقوم بالأساس على مفهوم تصميم الفراغات المختلفة في علاقتها الداخلية والخارجية وتأثير ذلك على الجانب المعماري المعرّف للحيز بصوره المختلفة، وارتباطات ذلك بالجوانب الوظيفية والرمزية والفنيّة، حيث ان بنية البرنامج تعرّف الحيز الداخلي بمفهومه الأوسع وتأثيراته المرتبطة بالحيز العام والخاص وهو انعكاس لأجد التوجهات العالمية في مجال التصميم الداخلي. فيما يتعلق بالبرامج المستقبلية، تعمل الكلية، وضمن خطتها الاستراتيجية على انشاء برنامج بكالوريوس في الصور المتحركة وصناعة السينما، بالشراكة مع جامعات فرنسية، والمتوقع البدء بالعمل به في العام الأكاديمي 2023/2024 كما تهدف خطة الكلية الى تطوير برنامج في ماجستير الثقافة البصرية بالتعاون مع كلية الآداب.

 

بهدف تحقيق اهداف الكلية المتعددة، تعمد الكلية على بناء طاقم عمل أكاديمي يتميز بالدمج ما بين البعد النظري المعرفي والنقدي، والبعد العملي المتمثل بخبرة ونشاط الطاقم في الجانب الإنتاجي سواءً في الوسط الفني او الموسيقي او المتعلق بممارسة التصميم كمهنة. يعد مبنى الكلية، مبنى سمير عويضة، أحد المعالم الحديثة المتميزة في الجامعة، حيث تم تطوير بنيته التحتية المتمثلة في مختبراته، ومشاغله، واستويوهاته، وقاعاته الدراسية، ومساحات العرض، بطريقة تتيح تحقيق اهداف ورؤية الكلية، من خلال توفير الأدوات اللازمة لتطوير مهارات الطلبة الإنتاجية والادائية والحرفيّة، ومن ناحية توفير الحيز للقيام بالتجارب اللازمة للإنتاجات المعرفية المتعلقة بالقطاعات الإبداعية المختلفة. ايضاً وبهدف المحافظة على الرؤية التقدمية، والاضطلاع على ما يدور عالمياً بشكل مستمر، وتطوير البرامج بناءً عليه، تعمد الكلية لتحقيق ذلك من خلال شبكة العلاقات والشراكات الواسعة مع المؤسسات الثقافية والفنية والأكاديمية على المستويات المحلية والعالمية، بحيث يتم من خلالها تنفيذ مشاريع التبادل الأكاديمي للطلبة وطاقم العمل، إضافة لتنظيم المعارض وورش العمل والنشاطات المتنوعة مع المؤسسات الشريكة بشكل مستمر.

 

تتطلع كلية الفنون والموسيقى والتصميم دائماً لتقديم دور مؤثر محلياً وعالمياً، خادم للمجتمع الفلسطيني وقضيته العادلة. يتجسد ذلك من خلال مجموعة من المحاور: أولا من خلال النشاطات المختلفة التي تنظمها الكلية او تشارك فيها، سواءً المعارض الفنية، او الحفلات الموسيقية، او المؤتمرات وورش العمل المتعلقة بالجوانب الإبداعية، وثانياً من خلال الدور المحوري لخريجي الكلية، والذين يمتلكون فرص مفتوحة للعمل، سواءً في مشاريعهم الفردية كفنانين وموسيقيين ومصممين مستقلين، او في المراكز الثقافية والمؤسسات الفنية والتعليمية والأكاديمية اوالاعلامية، او في قطاع الإنتاج، او في المؤسسات الخاصة الفاعلة في مجالات الفنون والموسيقى والإنتاج، وثالثاً من خلال الإنتاج المعرفي للطلبة والطاقم الاكاديمي والمتجسد في الاعمال الفنية والمشاريع الإبداعية والكتابات النقدية.