اختيرت ضمن خمسة أكاديميين من جامعة بيرزيت على قائمة أفضل 100 ألف باحث:  نيفين أبو رميلة تُشارك اهتماماتها البحثية في معهد الصحة العامة والمجتمعية 

د. نيفين أبو رميلة، الباحثة وعضو الهيئة الأكاديمية في معهد الصحة العامة والمجتمعية في جامعة بيرزيت، هي المرأة الوحيدة من جامعة بيرزيت من بين أربعة أكاديميين آخرين اختيروا من جامعة بيرزيت ليكونوا ضمن أفضل 100 ألف باحث في العالم، ومن أعلى 2% من الباحثين في مجالاتهم الفرعية للعام 2019، وذلك حسب قاعدة البيانات التي أعدتها جامعة ستانفورد بالتعاون مع مؤسسة النشر العالمية Elsevier لتقييم الإنتاج العلمي الباحثين من مختلف أنحاء العالم.

تقول د. أبو رميلة: "لدي تحدٍّ جديد الآن، هو أن أحافظ على وجودي ضمن هذه القائمة العام المقبل. وأؤمن أن النساء خلال السنوات القادمة سيتفوقن على الرجال في المجالين الأكاديمي والبحثي، بإصرارهن وعملهن المستمر في ظل التحديات الاجتماعية والسياسية المفروضة عليهن".

اهتمامات بحثية متعددة    

في مسيرتها الأكاديمية، تخرجت د. أبو رميلة بتخصص بكالوريوس المختبرات الطبية من جامعة القدس، وعملت كمساعدة بحث في معهد الصحة العامة والمجتمعية في بيرزيت، لتلتحق في أواخر التسعينيات في برنامج ماجستير الصحة العامة والمجتمعية الذي يقدمه المعهد. وأكملت لاحقاً درجة الدكتوراة في جامعة Glasgow في بريطانيا، قبل أن تعود لجامعة بيرزيت للعمل في مجال التدريس والأبحاث حتى الآن.

استندت أعمال د. أبو رميلة البحثية على وضع أسباب انتشار الأمراض المزمنة والأوبئة وسبل الحد منها في سياق المجتمعات المبحوث فيها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. تقول د. أبو رميلة: "في بداية عملي في المجال البحثي، نظرت إلى الأمراض بشكل كلاسيكي، حيث تركزت دراساتي حول الأمراض المزمنة ومدى انتشارها في المجتمع، فدرستها من جانب إحصائي، وبحثت في العوامل التي تؤثر على انتشار المرض والمشاكل الصحية. أما لاحقاً، فاعتمدت على منظومة متقدمة أكثر لدراسة الأمراض، أي من خلال تقديم أرقام منطقية حول انتشار المرض أو المشكلة الصحية داخل مجتمع معين وضمن سياقاته وظروفه، وذلك للتقليل من مضاعفاتهم أو آثارهم، إلى جانب دراسات تهدف إلى تقديم النصائح ومعلومات صحية دقيقة لصناع القرار تساعدهم في أخذ قرارات مناسبة في المجال الصحي".

وتعمل د. أبو رميلة الآن على الدراسات التي تهتم بالصحة الإنجابية للمرأة، وذلك انطلاقاً من ضرورة إتاحة خدمات عالية الجودة في مجال صحة المرأة، لا سيما خلال فترة الحمل. وتوضح د. أبو رميلة: "قد تكون الخدمات المقدمة للنساء في فلسطين شاملة، ولكننا نتساءل في أبحاثنا دوماً حول جودة هذه الخدمات ومدى توفرها للجميع، وكيف تُعامل المرأة الحامل عندما تتوجه للحصول على خدمات الصحة الإنجابية المُتاحة. نحن نسعى لإيصال صوت النساء واحتياجاتهن".

إن معظم الأبحاث التي تعمل عليها د. أبو رميلة، مع مجموعات بحثية مختلفة، تدمج ما بين منهجيات البحث الكمية والكيفية، حيث يتم تشكيل فريق يعمل كلٌّ من أعضائه في المجال المختص فيه، بالأخذ بعين الاعتبار ثقافة المجتمعات وتوجهاته، والتطورات العالمية في المجالات البحثية للقطاع الصحي. 

وفي الآونة الأخيرة، تم إدخال الجانب التكنولوجي إلى المجال البحثي الذي تختص فيه د. أبو رميلة، وذلك في إطار المبادرات الصحية الإلكترونية، فالخدمات الصحية المُقدمة للمواطنين تعتمد اعتماداً متزايداً على المعلومات والاتصالات، فعملية تحسين تدفق المعلومات عبر الطرق الإلكترونية مهمة لدعم تقديم الخدمات الصحية وإدارة النظم الصحية بشكل أفضل. وتبين د. أبو رميلة أن دراساتها في مجال الصحة الإلكترونية، تسعى إلى الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بحوكمة المعلومات الخاصة بالمرضى ودرجة سريتها والمساهمة في تطوير أنظمة المعلومات الخاصة بالصحة العامة والصحة الإنجابية للنساء بشكل خاص. 

وأضافت: "أعمل الآن بشكل طوعي مع باحثين آخرين على مشاريع متعلقة بدراسة فيروس كورونا (كوفيد-19)، وستصدر أول ورقة قريباً، تصف الحالة الوبائية في فلسطين، كما أعمل أيضاً على استطلاع للرأي حول مدى تقبل تطعيم الفيروس في فلسطين".

شراكات دولية لتخطي التحديات المحلية

وتبين د. أبو رميلة: "صحيح أننا نعمل في بيئة صعبة، من حيث إيجاد دعم للإنتاج البحثي، ومقاومة نتائج الأبحاث من قبل بعض المؤسسات الصحية، إلى جانب مشكلة الاحتلال ومعيقات جمع المعلومات، ولكن دائماً لدينا خطط بديلة، ونعمل دوماً مع شبكة شركاء في مختلف دول العالم يساعدوننا على المضي قدما بأبحاثنا، ومحاولة تطبيق نتائجها. ونحن فخورون بأن الكثير من هؤلاء الشركاء من طلبة الجامعة والمعهد تحديداً".

وفي هذا السياق، أكدت د. أبو رميلة أنه "تمت ترجمة بعض نتائج أبحاثنا عملياً مع القطاع الصحي، وأُخذت نصائحنا بعين الاعتبار، وهذا ما يشجعنا على مواصلة البحث والعمل والوصول إلى نتائج جديدة تؤثر إيجابياً على القطاع الصحي في فلسطين وضمن احتياجات المجتمع وسياقه".

وتابعت أن التعاون والعمل ضمن الفريق، إلى جانب الانضمام إلى لجان محلية وإقليمية وعالمية يُضيف للباحث الكثير على المستوى المعرفي والبحثي، فعلى المستوى المحلي، د. أبو رميلة متطوعة في جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا، وتعمل في لجان تابعة لمنظمة الصحة العالمية على المستوى الإقليمي والعالمي. 

نصيحة للباحثين

واختتمت د. أبو رميلة حديثها بالقول: "إن التطوع والانضمام للجان يغني خبرتي ويعرّفني على علامات في المجال الصحي. فتعلمت ألا أنتظر مقابلاً لكل ما أقوم به. فأنا أؤمن برسالة أبحاثي ونشاطي، وهذا هو المهم. الانفتاح على تجارب العالم مهم، وانتقاء المعرفة بما يتناسب مع سياقاتنا المحلية واحتياجاتنا مهم أيضاً. من الضروري أن نؤمن بقدراتنا العلمية وعقولنا، وأن نتعامل بتساوٍ مع الدول الشريكة أو المانحة. وهذا ما سيمكننا من إنتاج المعرفة والإضافة إلى العالم المعرفي.